كتب حنان محمد
سعد الله
لف سعد الله الشبكة حول ذراعه، وطوحها في النهر بعزم ما فيه، وراح يتابعها بين لحظة وأخري وهي تهتز أمام عينه من ثقل ما علق بها من أسماك،
وحين حاول استخراجها شعر بثقل صيده الثمين. فربط طرف الشبكة في مقدمة القارب، ثم توسط القارب وراح يحملق في اول خيوط الظلام الذي سرعان ما التهم النهار وأتي عليه، حاول استخراجها ثانية، لكن يدا خفية كانت قد جذبته الي باطن النهر .
قالت أم رضا :_
سبعة أيام والقارب في مكانه لا يبتعد عن الشاطئ سوى بضعة أمتار، والشبكة لا تخرج من الماء، أذهب قبل شروق الشمس كل يوم فأجد الأسماك في سبت الخوص. افرغ الأسماك في الطشت ، وأضع ما معي من نقود في خن المركب الي جوار علبة السجاير وباكو الشاي وطعام الافطار .
حاولت كثيرا ان أجد تفسيرا لما يحدث لكن صوتا من داخلي كان يمنعني في كل مرة علي الرغم من وجود النقود والسجاير والشاي في موضعها دون ان تمتد إليها يد.
في المرة الوحيدة التي جاء فيها ابنه لرؤيته حاول جاهدا اخراج الشبكة من الماء لكن دون جدوى ، فخلع ملابسه، وقفز الي الماء لكن يدا خفية كانت قد رفعته الي بطن القارب، فحاول لمرتين أخريين وفي كل مرة يجد نفسه في بطن القارب ،
فارتدي ملابسه علي عجل وراح يفتش عن والده بين الأشجار وعند اكوام الطمي والروث، وعندما يئس قفل عائدا كالمغشي عليه من حيث أتي .
في صبيحة اليوم الثامن تهلل وجه ام رضا عندما رأته داخل العشة ينام مكدودا والأسماك تتقافز في الشبكة، حاولت أن تتحدث معه، لكنه أشار اليها باخراج الشبكة من الماء،
وأودعت الاسماك في طشتها الذي امتلأ عن أخره، والي جواره اودعت ما معها من نقود وشاي وسجائر وطعام وقفلت عايدة الي السوق .
أمضى سعد الله اربعين يوما وليلة علي هذه الحال الشبكة تفرغ لتمتلئ ، ولا يدخل جوفه طعام الا ما تقدمه له ام رضا كل صباح هذا الي جوار علبة السجاير بكاملها وباكو الشاي .
لما ذهب الروع عن سعد الله تحسس جسده من منبت شعره حتي قدميه كي يتأكد من وجود كل عضو في موضعه، ثم شهق شهقة واحدة ، وعطس عدة مرات،
وبعدها أجهز علي كل ما تبقي من طعام وشراب، وشعر بعدها ان جسده قد بدأ ينبت من جديد ، كما شعر انه بحاجة شديدة لمزيد من التبغ والشاي كي تعود راسه الي سابق عهدها ، فجذب القارب الي الشاطئ،
فوجد في خنه حصيلة لا بأس بها، فحملها والتزم عشته بعد ان أضرم نارا، ولما شعر بالدفء يتسلل الي جسده نام عميقا، حتي انه لم ينتبه الي القطة التي تنام الي جواره .
