
قال المستشار باسم جمال المحامي بالنقض والدستورية العليا بأن مسألة الإشراف القضائي على الانتخابات في مصر تتعلق بقانون الهيئة الوطنية للانتخابات، الذي ينظم العملية الانتخابية، ويبرز في هذا السياق عدة مواد مهمة من هذا القانون، خاصة المادة 34 والمادة 208.
وأضاف المستشار باسم جمال أن المادة 34 تنص على انتهاء الإشراف القضائي الكامل بعد مرور عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور الصادر في 18 يناير 2014. لكن هذه المادة ليست مانعة للإشراف القضائي، بل تعتبر بمثابة إلزامية لهذا الإشراف. بمعنى آخر، يمكن الاستعانة بالقضاة للإشراف على الانتخابات بعد انتهاء المدة المحددة.
كما أضاف تشير المادة 208 إلى أن الهيئة الوطنية للانتخابات هي الهيئة المسؤولة بشكل كامل عن إدارة الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية. تشمل مهامها:
– إعداد قائمة الناخبين وتحديثها
– اقتراح تقسيم الدوائر الانتخابية
– تحديد ضوابط الدعاية الانتخابية والرقابة عليها
– تيسير إجراءات تصويت المصريين المقيمين بالخارج
– إعلان النتائج
تنص المادة 210 على أن إدارة الفرز في الاستفتاءات والانتخابات تتم بواسطة أعضاء الهيئة الوطنية للانتخابات، تحت إشراف مجلس إدارتها. كما يحق لها الاستعانة بأعضاء من الهيئات القضائية.
كما قال أن الفقرة الأخيرة تركز من المادة 210 على حق الهيئة الوطنية للانتخابات في الاستعانة بأعضاء من الهيئات القضائية، مما يعزز من إمكانية التعاون بين الهيئة والجهات القضائية .
واردف تنص الفقرة الأخيرة من المادة 210 من الدستور المصري على أن الهيئة الوطنية للانتخابات يحق لها الاستعانة بأعضاء من الهيئات القضائية. هذا يوضح أنه لا توجد مشكلة قانونية في الاستعانة بالقضاة، مما يعكس مرونة في تنظيم الإشراف على الانتخابات.
وأكمل بأنه على الرغم من أن المادة تشير إلى فترة إلزامية تمتد لعشر سنوات، حيث كان يتعين على القضاة الالتزام بالإشراف على الانتخابات، إلا أن هذه المادة ليست مانعة. بمعنى آخر، لا تمنع الاستعانة بالقضاة، بل كانت تهدف إلى تعزيز الثقة في العملية الانتخابية.
خلال تلك الفترة، كان هناك الكثير من الجدل حول دور الهيئات القضائية في الإشراف على الانتخابات، حيث اقترن ذلك بمطالبات تتعلق بالحصانة. فعلى سبيل المثال، طلبت النيابة الإدارية في دستور 2012 أن تكون لها حصانة، مما جعلها تشترط هذه الحصانة للإشراف على الانتخابات، وهو ما تكرر مع هيئة قضاء الدولة والنيابة العسكرية.
وبذلك، يمكن القول إن المادة التي تلزم الهيئات القضائية بالإشراف على الانتخابات لمدة عشر سنوات كانت نتيجة لمطالبات الهيئات القضائية التي ربطت طلباتها بالإشراف على الانتخابات. ومع ذلك، فإن هذه المادة لا تمنع الاستعانة بقضاة من الهيئات القضائية.
واختتم المستشار باسم جمال حديثه قائلا : أن مصر شهدت رحلة معقدة في تطور الديمقراطية، بدأت منذ ثورة 23 يوليو 1952، التي قادها الرئيس جمال عبد الناصر. كانت تلك الفترة محاولة لإدخال فئات الشعب الفقيرة إلى البرلمان، بعد أن كانت الانتخابات تقتصر على البهوات والبشاوات.
تأثرت مفاهيم النزاهة والثقة بمؤسسات الدولة، خاصة عندما كان يُعهد بتسيير الانتخابات إلى موظفين عاديين. هذه الممارسة أدت إلى فساد وتزوير في نتائج الانتخابات، مما أثار الشكوك حول نزاهتها.
ومع ذلك، عندما تم إدخال الإشراف القضائي على العملية الانتخابية، شهدنا تحسنًا ملحوظًا في مستوى النزاهة. فوجود إشراف قضائي يضمن أن تكون هناك رقابة أعلى، مما يقلل من احتمالية التزوير ويعزز ثقة المواطن في صوته.
على الرغم من التقدم الذي تم إحرازه، لا يمكننا مقارنة تجربتنا بتجارب الدول الأخرى بشكل كامل، فالنزاهة والثقة يجب أن تكونا موجودتين لدى الموظف العام، وهو ما لا يزال مفقودًا حتى الآن. إذا لم يكن هناك إشراف قضائي فعال، ستستمر مشاكل الشكوك حول نتائج الانتخابات، وستظل الوقائع الجنائية قائمة نتيجة لذلك.