شعر

قصه (أنانية) للشاعرة الاستاذة وفاء ماضي.

كتب حنان محمد 

 

أنانية
أحببتها حبا فاق الحب ، كانت تسري في دمي سريان المرض الخبيث الذي ينتشر ولا يوقفه أي شيء ليس له دواء أو شفاء ، كان دائما يهمس في نفسه ما أجمل أن تحب الداء وتعشقة حد الجنون فأنت ِ دائي الذي لا أرجو له دواء ،كانت بنات عائلته يحسدونها

على هذا الحب حتى من تزَوَجت منهن

تندب حظها لأن الله لم يمن عليها برجل يحب كل هذا الحب، رغم ذلك أسدلتُ الستار على قصتنا وفارقتها دونما أي ذنب منها ،أمي يكاد عقلها يذهب بسبب تصرفي وسؤال لا يفارق شفاهها لماذا يا ولدي وهي كاملة في كل شيء .؟

لماذا تحرمني الفرحة بك وبأن أرى أولادك قبل أن ألحق بأبيك .؟
هل أساءت إليك في شيء

رد عليَّ يا ابني ريح قلبي ؟!

أشيح بوجهي قاضبا حاجبي وأمضي تفاديا لرؤية دموع أمي التي أضعف أمامها بشدة لذلك أفر هاربا دون تعقيب، وأتركها لظنونها ووهمها بأن أحدهما عمل لي عمل أو إحدى بنات خالاتي اللاتي كن يتمنين أن أتزوج إحداهما عملت لي سحرا ،

لم أزل للآن تجتاحني ذكراها كطوفان في أي وقت ودون استئذان تسيطر عليَّ كالمحموم الذي لا يُشفى، أتذكر نظراتها التي كانت تخترق شغاف القلب وهدوء صوتها السيمفوني

أتذكر كيف انبهرتُ بها قبل تعارفنا بثقافتها وامتلاكها

حسا شاعريا مرهفا يزيد جمالها جمالا ، كلماتها التي كانت كأمسيات شعرية في ليالي الربيع الباسمة لم تزل ترن في أذنيَّ ،فارقتها وأنا في أشد حبي لها،خفت عليها مني قررت حمايتها من الزواج

أليس الزواج نهاية الحب ؟

لم أرد أن أزعجها يوما بصوتي العالي وعصبيتي الزائدة وبطقوس حياتي الغريبة أو أن أغضبها بأنانيتي المفرطة في حبي لها وشطحاتي جنوني وظنوني ،فعندما أغضب أكون بركانا ثائرا لمدة أيام ،

أردت أن أنقذ حبنا من براثن الهجر أو الموت ،كرهت أن تكرهني يوما أو أن تفرق بيننا المشاحنات أو أي خلاف في الرأي ، لم يقتنع أحدا من أصدقائي بتفكيري، الكل يعتقد أن الأمر فيه سر أرفض أن أبوح به والكثير منهم وصفني بالأنانية ،

لم أخبرها السبب ،

في ذاك اليوم قضيت معها أجمل أيام حبنا على شاطئنا المفضل من لهو وضحك وهمس ،تسابقنا ولعبنا لعبة الركت وعدونا تسبقنا ضحكاتنا، بل وسبحنا معظم الوقت حتى غاصت الشمس في جوف البحر ،

أردته يوما لايُنسى ولا يُمحى من ذاكرتنا ،نهضت واقفا فجأة وهي تنظر باندهاش قبلتها بين عينيها وجثوت على ركبتيَّ وأمسكت بيديها وقبلتهما حتى ابتلا من دمعي المنهمر ،

لم أزل أشعر بلمسة يدها وهي ترفع رأسي وتقبل جبيني ،

لم أنس يوما نظرتها الحانية التي تحمل ألف سؤال وسؤال، وكأنني بين يدي أمي ، جذبتها واقفا وحضنتها حضنا غبت فيه عن الدنيا وهمست في أذنها وداعا ياحبيبتي للأبد اذكريني،

أحسست باختناق أنفاسها وسرعة نبضات قلبها واحتباس صوتها وسهام نظراتها تخترق أضلع ظهري ،لن يثنيني عن عزمي صوت نحيبها وأنا أولي مسرعا تجاه سيارتي..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى