نشر حنان محمد
ابواليزيد الاعرج
ولد اعرجا وحين اسموه ابواليزيد التصقت الصفه بالاسم فكان ابواليزيد الاعرج —ولم يكن ابدا اعرج الروح او القلب —كان يميز الاطيار من اصواتها
فقد كانت عيناه ضعيفتي البصر –ولم يكن قلبه ضعيف البصر ابدا —غزل علاقه مع تراب الشوارع والحواري من نسيج صوته العذب
وهو يجوب الازقه ويعانق النواصي ويحترف الجلوس فوق موائد من طوب لبن او حجر مصلوب هكذا في مفترق طرق –كانت مهنته ان ينادي حين تصعد روح الي واهبها
كي يبلغ البشر ان بعضا من التراب يعود لترابه
وان روحا تعود الي مقرها حيث لامقر الا ماقرر الخالق الباريء المصور —لم تكن الميكروفونات عرفت المساجد بعد —
لم نساله يوما منذ متي وهو يحترف تلك المهنه فقد صعدنا لنراه هكذا —كان يعتمد علي لسان قوي عذب ونقي وعلي جسد نحيف قصير لكنه قوي البنيه رغم العرج الذي يجعل لمششيته لونا وطعما ورائحه مختلفه —
-لم تكن له نقطه بدء محدده لكنه وكان عاشقا لمسجد سيدي سليم الذي تسمي القريه باسمه كان يبدا من هناك عاده —وربما تكون البدايه من منزل المتوفي حين يذهب هناك ليقتنص لقمه مع الخبر او بعض قروشات بسيطه يضعها في امتداد سياله طويله ومتعرجه مع عرج القدم —
يحتل مقدمه الحاره وينادي ==ياعبادالله ==فتشرئب الاعناق وتنفتح النوافذ علي اسرارها وتسمع صرير ابواب من خشب قوي –ونخرج اطفالا سراعا —انه ابوليزيد ياساده –ان جسدا رحل وروحا طارت الي عشها الابدي —
يصمت طويلا حتي نلتف حوله —
ويعلم ان الاذان منتصبه والارواح مشتاقه الي سماع ماسيقول ولكنه يصمت طويلا متحججا انه يلتقط انفاسه ومنتظرا لشربه ماء او قطعه سكر مستطيله ايام كان السكر سكر —=اذكروا الله ==
هذه جملته الثانيه –عندها تمسح الانامل وسخ الاذان وتنفتح العيون عن اخرها –فالاسم قادم –والحوقله جاهزه علي اطراف الالسنه –تنادي جدتي زينب –مين يابني –ولامجيب —
وهل احد يعلم الا الله وهذا المنادي العبقري الرابض علي مقدمه الحاره قابض علي انفاسنا جميعا —=توفي الي رحمه الله تعالي ==هنا لاانتظار سيطول –ولانفس خارج او داخل –حبست الانفاس داخل اعشاشها —
-ستهل الان وتوا بدايات حروف الاسم —نلتف حوله ونصنع دائره –يستغلنا حتي يطيل انتظار المنتظريين —وكانت بعض النسوه يدركن سبب الاطاله فتاتي احداهن ببرتقاله او رغيف عيش وتقول له –خد ياابواليزيد بس خلص وقول –
-ولم يكن يقول انتظارا للمزيد —
كان صانعا للدهشه والترقب والشوق واللهفه —==وبعد ان يدرك ان الاصوات علت –وان الهمهمات زادت وان سيلا من سباب جميل وضاحك سينزل توا فوق راسه وكتفيه ينطق الاسم فورا فتاتي سيول الحوقله من كل باب ونافذه —
كنا نحبه —ونمشي خلفه –ونندهش من عاداته التي لم تكن تدهشه ابدا –كنا حين نقترب يشدنا باعوجاج العصاه التي كان يتكيء عليها ويضمنا الي قربه متخيليين ضربه من عصاته فتكون المفاجاه هي ضمه جميله وسؤال معتاد الف مره ==انت ابن مين
كان يعرف اكوام التراب ورائحه السباخ البلدي قبل ان يتم غشه هو الاخر ويعرفنا جيدا –ويعشق معرفه من تزوج من ومن ناسب من –كان استاذا في علم الاعلام المباشر —
وكان حين يهده التعب يرتاح وحين يجوع ياكل اي شيء من عند اي احد –لايعرف الاستقرار الطويل ولم يعد يهزه الفقد لكني اذكره جيدا واتعب حين اذكره حين رحل صديقي خيري كليب طفلا تحت عجلات القطار
وقد اختبئت ساعات في سكن الدريسه مرعوبا ومرتعشا —
اذكره وهو يبكي وكانت المره الاولي التي اراه فيها يبكي احدا —ربما اهتز لبكاءنا وخوفنا الطفولي ونحن نواجه الفقد اطفالا صغارا —كانت دموعه تسيل فوف كوم الجلابيب التي يحتمي بها ويعتبرها منزله وكان يرفع ذيل الجلباب ليمسح دموعه وينادي ==ياعباد الله —-
حين رحل ابواليزيد كنت في الثانويه –وكان قد رحل حيا لسنوات حين دخل الميكرفون الجوامع ونسيناه وضاعت مهنته حتي صار كوما من لحم —والمدهش ان خبر رحيله نقله ميكرفون الجامع —
كنت اذاكر دروسي وحين جاء صوت الميكرفون سالتني جدتي رحمها الله وكانت استاذتي في الحكمه والحياه والكلام المختصر والمعبر —
ولما قلت لها انه ابواليزيد الاعرج صمتت طويلا طويلا ورايت لمعه دمعات تتكون علي شفا العين ثم قالت مندهشه
-ياااااه —هو ابوليزيد كان لسه عايش