قصص

طــائــر الـــعــقــاب….طــائــر الـــعــقــاب

بقلم: أحمد محمود شرقاوي

من شوية نزلت بوست على جروب من جروبات البنات حكيت فيه المُشكلة بتاعتي, والبوست جاب نسبة تفاعل كبيرة أوي والناس كلها تقريبا اتعاطفوا معايا, وده لأني كنت بكتب وانا مقهورة ومضروبة ومتهانة كمان, كنت بكتب والدموع عمالة تنزل من عنيا بدون ما تقف لحظة واحدة, قفلت بعدها النت وقعدت في البلكونة وفضلت سرحانة وقت طويل أوي, يمكن أكتر من ساعتين كاملين, بعدها رجعت فتحت النت من تاني, وفوجئت برسالة طويلة على رسايل الأزر لفتت انتباهي أوي, كانت رسالة من واحد اسمه “طائر العقَّاب الروحاني” وكان كاتب الرسالة دي..
“مساء الخير يا مريم, أنا أسف على دخولي الخاص بس أنا أقدر أساعدك وأقدر أخلي الكون كله ينصاع ليكي عشان يحققلك كل اللي انتي عاوزاه, لو حبيتي ده ردي عليا ومش هسيبك غير وانا محققلك أمنياتك كلها”
كلامه خلى جسمي كله يترعش, دخلت على صفحته لقيته راجل أربعيني تقريبا وعنده دقن بيضا وشكله مُريب فعلا, وكل البوستات بتاعته كانت بتتكلم عن الجن والسحر والخِدمة والتسخير والاستعانة بالجِن, كانت مغامرة بالنسبالي قادرة تطفي نار التفكير والنار اللي مولعة في قلبي من بعد اللي حصل, رديت عليه بتحفظ عشان توصلني رسالة جديدة منه بتقول:
“أنا راجل كبير يا مريم مش مراهق, وكل اللي عاوزه إني أساعدك مش أكتر لأنك شبه بنتي الله يرحمها, وانا موجود وسط جروب البنات ده لأني بعتبركم كلكم زي بناتي مش تطفل مني ولا حاجة”
كلامه طمني, طمني أوي وبدأت أبعت فويس ورا فويس وأحكيله كل حاجة, حكيتله عن يوسف اللي حبيته أكتر من نفسي, يوسف اللي اتعرفت عليه وانا في تالتة ثانوي ومن يومها وهو سكن في قلبي ومخرجش من يومها, لمدة تلت سنين وانا مبحبش حاجة في حياتي أد يوسف, حتى لما دخلت الجامعة كان دايما حاضر وبيجيلي وبنتقابل, اة ممكن تكون حصلت بينا تجاوزات, بس احنا في النهاية هنتجوز, ومبنعملش أي حاجة غلط, أنا بحبه وهو بيحبني, لحد من اسبوع بس, خرجنا مع بعض واتقابلنا في حديقة قريبة مننا, ويشاء ربك واحد قريبي يشوفني وانا قاعدة مع يوسف وماسكين إيد بعض وشبه قاعدة في حضنه, وقتها بص في عنيا ومشي, ووقع قلبي بين إيديا..
وروحت البيت وانا حاسة برعب الدنيا كله لأنه ممكن يعرف والدي بالموضوع, ومسافة ما دخلت من باب البيت لقيت أبويا قاعد وعنيه بتطلع نار حرفيًا, وعرفت إني داخلة على مُصيبة, وشوفت يومها أب مشفتوش في حياتي, مسكني ضربني علقة موت لدرجة إن هدومي كلها اتقطعت, وحتى لما أمي اتدخلت ضربها هي كمان, كان ثاير وعامل زي الطور اللي مفيش أي حاجة ممكن توقفه, وحتى أخويا الكبير وقف يتفرج عليا وكان هيضربني معاه, ودخلت أوضتي وانا سايحة في دمي..
اتاخد مني الموبايل وأبويا اتصل بيوسف وهدده لو قرب مني بس هيدبحه, ويوسف اختفى, اختفى من يومها, حاولت أتواصل معاه, أستمد منه الأمان, يمكن يجي يتكلم مع والدي, يعرفه اننا فعلا هنتجوز, بس معملش كدا إطلاقا, وفضلت لمدة إسبوع بتعامل زي الحيوانة في البيت, لدرجة إني كرهت أبويا وأخويا واتمنيت من قلبي انهم يموتوا, ولو كانت عندي القدرة كنت اتخلصت منهم الاتنين, حرموني من أكتر إنسان حبيته في حياتي, ودلوقتي محولين حياتي لجحيم, وانهاردة أبويا اكتشف اني حاولت أتصل بيوسف من تليفون أمي, وضربني علقة أشد وأشد, ودخلت أمي تواسيني بعد العلقة, ومعرفتش أعمل حاجة غير إني أخدت منها تليفونها وفتحت نت يمكن أنسى اللي بيحصلي في حياتي ده, ورفعت البوست وكانت كل النصايح بتصب ناحية إني أسيب البيت, أنا انسانة مش حيوانة ومن حقي أحب, ومن حقي أختار, وأبويا وأخويا دول وحوش ميتعاشروش, لحد ما ظهر الشيخ ده وبعتلي الرسالة دي..
سمع مني كل حاجة, وبدأ يفهمني إن كل ده أكيد بسبب حسد أو حاجة روحانية في حياتي, وانه ممكن يسخرلي خدمة تساعدني في أي حاجة أنا عاوزاها, ولما شككت في كلامه وقولتله إن ده حرام قالي إن مفيش أي حرمانية إني أطلب من عباد الله من الجن المساعدة, وان ربنا بيسخر العباد للعباد, وفضل يتكلم لحد ما اقتنعت تماما بكلامه المُقنع نوعا ما, وقالي إنه هيبعتلي حد من الصالحين يأثر على قرين أبويا وأخويا ومن تاني يوم هشوف النتيجة, وكل اللي طلبه مني صورة لأبويا وصورة لأخويا واسم أمي واسم جدتي أم أبويا, وبعدها بعتلي كلام غريب عامل زي الرسومات طلب مني أرسمه على ورقة واعلقها في ضهر مراية الحمام بحيث متبقاش ظاهرة إطلاقا..
وعملت كل حاجة, كل حاجة بالتفصيل, ونمت, وفي نومي شوفت نفسي قاعدة على الرصيف تحت الشمس وهدومي كلها مقطعة ومفيش أي عربية عاوزة تقفلي, وبعد دقيقة تقريبا جت عربية فخمة جدا وسايقها راجل وشه كله نور وركبني معاه في العربية المُكيفة واتحرك, وصحيت, صحيت لقيت أبويا وأخويا بيصحوني, أبويا بدأ يعتذر على اللي عمله معايا وانه كان خايف عليا مش أكتر وبدأ يبوس على راسي ويطبطب عليا, وقالي إن لو يوسف ناوي يتجوزني فعلا فهو موافق اني أبقا على علاقة سطحية بيه لحد ما يخلص دراسته ويجي يتقدم..
مكنتش مصدقة اللي بيحصل, كنت موهومة تماما, كلمت الشيخ وشكرته على اللي عمله لأني كنت فعلا طايرة من الفرحة, تواصلت مع يوسف مرة واتنين وحكتله كل حاجة ماعدا حكاية الشيخ وفعلا قابلته ورجعت لأكتر إنسان بحبه في حياتي, يمكن فضلت على الحال ده اسبوع كامل, مبسوطة, طايرة من الفرح, لحد ما جت الليلة اللي الشيخ بعتلي وقالي إننا لازم نجدد العهد بالخدمة, كنت فاكرة إني هرسم على ورق زي العادة, بس طلب مني أفتح كاميرا الفيديو واكشف عن جسمي وأرسم عليه حروف, في الاول طلب ارسم على بطني وايدي ورجلي, بعدها طلب مني أكشف جسمي بالكامل, اتصدمت من طلبه ورفضت فورا..
في اللحظة دي بس اتغيرت لهجته, وبقت عاملة زي صيغة الأمر عشان أقلع هدومي, ومن خوفي من نظراته الغريبة قفلت الشات, لقيته باعت رسالة بتقول:
“أنا هعلمك ازاي تقولي لا لسيدك يا زبالة”
عملتله بلوك وقعدت على السرير اترعش من الخوف, وفضلت طول الليل مش عارفة أنام من الخوف حرفيًا, وتاني يوم على الضهر بس جتلنا مكالمة من الشغل بتاع أبويا, أبويا حصلتله حادثة على الونش ورجليه اتقطعت, كانت مصيبة بكل ما تحمل الكلمة من معنى, جرينا على المستشفى وقعدنا هناك يومين لحد ما خرجنا مع أبويا اللي حصله بتر في رجل من الاتنين, وطبعا كانت حالته النفسية تحت الصفر بشوية, كلمت يوسف أحكيله وأتسند عليه لقيته شتمنى بأقذر الألفاظ وطلب مني متواصلش معاه وقالي نصًا:
“أنا مش هرتبط بواحدة أبوها عاجز”
ووسط صدمتي دي لقيت رسالة sms كانت من الشيخ, كان بيوعدني انه هيحول حياتي لجحيم, وان حادثة أبويا مدبرة من الجن اللي معاه, وانه مش هيخليني أشوف يوم حلو إلا لو روحتله شقته لوحدي عشان ياخد مني اللي هو عاوزه, قالها صراحةً قدامي, دخلت أشوف أبويا وانا مرعوبة لقيته بيهلوس وأمي جمبه منهارة من البُكا..
الدنيا اسودت في عنيا وقتها, اسودت تماما, أبويا بقا عاجز, يوسف اتخلى عني, وفيه شيطان بيطاردني ومش هيسبني في حالي, وبدون وعي رميت نفسي من البلكونة, كنت عايزة أهرب من تأنيب الضمير بسبب اللي عملته في أبويا وفي حياتي, ووقعت واتكسر جسمي تماما, وحسيت وقتها بأشد أنواع الألم اللي في الدنيا, ألم خلاني مش عارفة أقول حتى كلمة “آآآه” وبعد أيام طويلة من الجنون بسبب الألم فيه ظابط جه المستشفى ياخد أقوالي عشان يعرف ده كان انتحار ولا حادث, ومن تحت الجبس حكتله كل حاجة بالتفصيل, طمني وقالي انه هيكلم مباحث الانترنت وهما هيتصرفوا وإن الشخص الدجال ده مش هيكلمني تاني..
وفعلا صدق في كلامه لأن الراجل اختفى من حياتي, بس اختفى وانا عاجزة وبمشي أعرج من وقتها, وأبويا مات بعدها بشهور بس من القهر, وأخويا اتغرب وساب البيت عشان يصرف عليا أنا وأمي وبقا مبيرتاحش ولو لحظة واحدة عشانا, أخويا اللي كنت كارهاه وفاكراه وحش دلوقتي بقا هو سندي في الدنيا كلها, بحكي الحكاية دي يمكن الناس تتعظ, انا عملت تلت غلطات في حياتي دمروها, الغلطة الأولى إني بررت علاقتي بيوسف وهي علاقة حرام وكان لازم أوقفها فورا, الغلطة التانية إني حكيت مشكلتي على جروب من جروبات البنات على النت بكل غباء وحطيت نفسي في مكان ممكن يجبلي بلاوي, الغلطة التالتة إني صدقت دجال, وانتي أي غلطة هتعمليها من دول هتكون نهايتك شبه نهايتي, ماهو بالمنطق كدا كل بداية لا ترضي الله نهايتها مش هترضيك أبدا..

للمزيد من الأخبار يُمكنكم متابعتنا عبر صفحاتنا الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى