شعر

قصة قصيرة (هموم طفل رضيع) للكاتب الدكتور ماهر خليل

كتب حنان محمد 

 

هموم طفل رضيع

جلست بعد صلاة الفجر.. أسال الله العافية من أوجاع هذا الزمان.. تلك الموجة الحارهزة.. الرطوبة العالية.. الإحساس بالاختناق الموجع.. المؤلم.. مع بزوغ شمس يوم جديد.. أذكار الصباح.. تذهب بوحشة القلوب.. وتؤنس النفوس.. إلى حد ما.. وهل هناك سبيل غيرها!!!

ولكن مع طلوع الشمس

خرجت إلى الشاطئ.. أتنسم عبير الحياة.. من هواء البحر.. مستمتعاً بالنظر إلى الأمواج المتلاطمة بعضها فوق بعض.. تذكرت وأنا ببطن أمى.. لم أخرج إلى الوجود بعد.. فى ظلمات ثلاث!!! سلام عليك يا أماه.. كنت معك وبك فى أمان.. لا يدوم!!.. لا خلود!!

أيها البحر.. ألست صديقاً لى.

. بهدير أمواجك.. ورائحة مياهك.. بكل ما تلقيه إلى من أعشابك.. وإن كنت لا أرى حتى أسماكك!!.. إنها تنظر إلى جيئة وذهاباً.. مع البائع المتجول..

مازالت فاغرة فاهها.. شاخصة أبصارها.. تفتح خياشيمها وتغلقها.. كأنها تقول تكلم أنا سامعة.. مبصرة.. لا تخف.. فى النهاية أنا ملك لك!!!

يا له من عشق عزيزتى.. أنا حزين.. قلق.. على هؤلاء الأولاد.. أجيال ضائعة.. متعتهم الأرجيلة.. الإحساس بالضياع.. الابتسامة على وجوههم كالحة.. صفراء.. باهتة.. مصطنعة مثل دخان الأرجيلة الأزرق!

أصواتهم عالية.. مع آبائهم وأمهاتهم!!

يطلبون المال منهم كجباية.. لا حبا ولا عرفاناً!! أرى واحداً منهم ذهب لإيقاف الصوت لأم كلثوم.. يا صباح الخير ياللى معانا..

مش معانا.. أيعجبكم هذا عزيزتى.. فإذا بها تقفز مرة ومرة.. ماذا بك.. أتمزحين.. أتفرحين!! بل قالت : إنى أواسيك ولا تدرى؟؟ إنى ألطم.. المرة بعد المرة.. إنى لك!!

نظرت بجانبى.. وإنه طفل رضيع.. لأسرة يبدو عليها الحشمة والوقار.. والأدب.. والحوار.. وسلام وأمان.. البعض ذهب ليغوص فى أعماق البحر بخبرته الواسعة مشاكسا لأمواجه العاتية.. مظهراً لقدراته الفائقة.. والبعض ظل جالساً..

يرقب أمواج البحر.. مكتفيا بهدير الأمواج..

مشعلاً سيجارته ناظراً لدخانها.. مستمتعاً بتلوث الهواء من حوله!! مشاركة عابرة فى بيئة جديدة!!لم أعد أرى أمامى سوى هذا الرضيع الذى يرقبنى بين الفينة والأخرى بنظراته وابتساماته وسعادته ببرونته.. بحليبها..
بالنيدو الجديد!!

أخذت أسائل نفسى.. وأسائله.. هذا حال جيلنا المنصرم.. وهذا جيل شبابنا الحالى.. الذى لا يعرف سوى الأرجيلة.. والقمصان الملتصقة ، والبناطيل الممزقة.. من كثرة إنشغالهم بالحياة.. وبالمستقبل!! والبيجى وألعابه التافهة بالهواتف النقالة..

آه.. أشعر بغصة فى حلقى!!

إن كان لك رأى قله لا تخف.. إنى أسمعك.. كلى آذان صاغية.. ما أطهرك.. ما أنقى نظرتك.. الحياة كلها أمل ورجاء.. وخلق ووفاء.. وعمل وأداء.فإذا به يبتسم إلى.. وبضحكة بريئة لفتت أنظار الموجودين.. بعثت فىَّ التفاؤل والمرح تبعها بكاء ودموع..

ماذا جرى!!
وكأن لسان حاله يقول.. لى.. ولأبيه.. أعطنى سيجارة..
لا تنطفئ!!
لا تنطفئ!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى