شعر

قصة قصيرة ( علبة البلوبيف ) للكاتب والشاعر محمد نجيب الجزار

كتب حنان محمد 

 

علبة البلوبيف
••• اعتاد الفتي العزَب أن يقتات الفول والطعمية صباح مساء ، فهو الطعام المتاح الذي تبلغه نقوده القليلة ، وأحيانا يخرج علي القاعدة ويشتري قطعة من الجبن يروِّح بها عن نفسه التي سئمت الفول والطعمية ، وهو بهذا راضٍ ولايتطلع إلي غيره من صنوف الطعام الأخري ، إذ لاسبيل إلي لحم أو دجاج أو غيرها إلا في خياله أو في أحلامه .

… قَنَّع الفتي نفسه بذلك ، ودائما ماكان يردد ( القناعة كنز لايفني )
ويطيب نفسا بقول بعض الأطباء : ( إن الإفراط في اللحوم ضارٌّ بالصحة ويُورِث النَّقرَس ويزيد الكولسترول ) .
ويقول الحمد لله الذي عافانا من النقرس والكولسترول .
••• مَرَّ الفتي يوما بسيارة تبيع البلوبيف وقد امتلأت بعلب جذابة المنظر اصطفت علي هيئةٍ مغرية بالشراء ، تدعو الناظر إليها من فرط روعتها وحسن منظرها .
تقدم الفتي يسأل عن أسعارها من باب الفضول وهو يعلم أن الشراء ضَرْبٌ من المستحيل لعدم قدرته علي ذلك ، ولكنَّ المفاجأ أنه ألفي سعرها زهيدا جدا وفي متناول يده وربما يقارب سعر الفول والطعمية أو علي الأكثر الجبن .
… ابتاع الفتي كميات كثيرة نسبيا من العلب ليأكل منها مُشبِعا شوقه إلي اللحوم وليدَّخر الباقي إلي أيام تالية .
… ذهب الفتي بما اشتراه إلي بيته وأكل بنهم ماأكل وادخر الباقي ، وقد نَحَّي الفول والطعمية جانبا وأقبل علي ( البلوبيف ) يأكل منه صباح مساء ليعوض مافاته من حرمان . وكلما أحس بدنُوِّ فناء (البلوبيف ) وتناقُص العلب كلما خالطه الحزن علي عِزٍّ يوشك أن يزول وطعام لذيذ يوشك أن ينفد .
… جلس مع آخر علبة ينظر إليها ويتأمل وكأنه يرثيها قبل فنائها ، ويتحسَّر قائلا في نفسه كيف السبيل بعد ذلك الي مثلك ؟
هل لي من مزيد من العلب !
وراح يقلب العلبة ويتأملها كأنه يريد أن يأكلها بعينه قبل أن يأكلها بفمه .
وبينما هو غارق في تأمل العلبة وقراءة كل ماكتب عليها ،
إذ هو بعبارة مكتوبة علي العلبة
( For Dogs )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى