ثقافه

حزء من الفصل الأول لرواية “واقعة الموت” للكاتب عصام عبد السميع.

كتبت: حنان محمد

واقعة الموت

(أرخِ قبضتك، ما لا يحفظه الحب لا تبقيه القوة) جلال الدين الرومي.
إن الأسوأ هو الحب من طرف واحد، فهو كالسرطان في جسد منهك، يتآكل فيك كل شيء ولا يبقى إلا آلام، وتتمنى لو كنت تلفظ أنفاسك الأخيره حينها، فهو يشبه الحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة، فتشعر بارتفاع الضغط المتكرر، والحيرة، والاستغناء، والجبن في الاعتراف به، والشجاعة، فأنت تشعر أن العالم في قبضة يدك، ولكن هل تستمر المعاناة؟
لغز يقلبه قلبك وعقلك في الثانية ألف مرة ومرة، ربما المغزى منه وصولك لمقبرتك بسلام، وربما تغمض عينيك وتتخيل هذا الملاك البريء يضمك ضمة الابن الغائب، ولكن في كلا الأمرين، ستظل البائس الذي يهوي إلى ظلام شنيع اسمه (الحب).
أنت دونه كجذع شجرة لكنها متحركة، فما أن وقعت في الحب، تشعر كل يوم بميلاد جديد، أو أنها المرة الأخيرة لك في الحياة الدنيا، ومع ذلك أنت لا تستطيع التخلي، وهذا يسمى الحب الصادق، الذي إن تمكّن تغلغل في الروح مثل سريانها في الجسد.
فالحب يأتي دون سبب ولا مقدمات ولا اختيار، هو الشيء الوحيد الذي يمتلك كل ما فيك دون دافع منك له، مثلما قال علي بن أبي طالب: “عين المُحب عُميَّت عن معايِب المحبوب، وأُذُنه صمَّاء عن سماع مساوية”.
وقال أيضًا -رضي الله عنه-: “إن الله يقذف الحب في قلوبنا فلا تسأل مُحبًا لماذا أحببت”.
وإذا تخلى المرء عنه ولم يعد يهتم، فعليه التفتيش جيدًا في نقاء قلبه وحياة روحه، فدون الحب ومعاناته نُعد أموات، لأن كل شيء في الحياة يُبنى عليه، لذلك الحب يحتاج إلى كل شيء، طفولة في شيخوخة، والاهتمام، والاحترام، والتقدير، والتوافق الفكري والثقافي، وإذا نقص شيء عوضه الحب.
لذا الجمود يقتل كل شيء فحتى الروح تموت، والجسد يتمنى لو حُمل للقبر.
والحب أن تهزمك امرأة، لا أن تهزِم امرأة، فإن هزمَتْك كنت ملكًا متوجًا على عرش الحياة، فالمرأة دائمًا هي الأم والبنت والأخت والحبيبة والصديقة الوفية، وإن هزمتَها كنت بائسًا فهن زهرتها وبريقها وجمالها الذي دونه أنت لا شيء.

تابعونا على صفحة الفيس بوك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى