الشريرة للروائية والقاصة حنان محمد
الشاعرة حنان محمد
كان ينزف دمًا من فمه، فتذكر وهو ينظر لنفسه في مرآة الحمام، حين ترك خطيبته التي لم يحس معها بالتوافق، حين قالت له: لن تهنأ بحياتك، ولن تتزوج ولن تكون سعيدًا،
عملت لك عمل سفلي حين يدق قلبك لغيري سيعتصرك حتي تنزف دما من فمك، ولن تقترب يومًا من أية امرأة، سأتزوج أنا وأنجب أطفالًا وستظل كما أنت،
ومهما ذهبت إلي الأطباء لن يعرفوا أين هى علتك، وإن ذهبت إلى الشيوخ والمشعوذين لن يعرف أحد أن يخلصك من هذا العمل. مازال يقف أمام المرآة،
فقد أخذه الحنين للحب، وكم تأكله الوحدة وتنهشه الأشواق ليحس بطعم الحب من جديد، فحدث نفسه : لقد تعرف على امرأة جميلة كانت لا تستلطفه ودائمة الخناق معه،
فاستهوته فكرة استمالتها ليعوض الأحاسيس والمشاعر التي افتقدها، وليعرف هل مازال هذا العمل ساريًا بعد كل هذه السنوات التي ابتعد فيها عن النساء؟ سأل نفسه: هل استطيع أن أكمل حياتي من جديد؟
فلجأ إلي توجيه كل طاقته تجاهها وركز على التخاطر الروحي معها حتى استطاع أن يشعرها بوجوده، وبعد أن أحبته وبدأ يميل إليها نزف دمًا من جديد، فشعر بالألم الذي ظن أنه غادره بعد كل هذه المدة،
أما هي كانت تحلم بكوابيس تؤذيها. حكي لها الحقيقة عن العمل والتخاطر الذي قام به معها، فسامحته علي الخطأ الذي ارتكبه في حقها، وحاولت مساعدته، فكلمت شيخًا تعرفه،
ليعالجه بالقرآن والأعشاب حتي أصبح بخير، وردًا لجميلها التي صنعته من أجله، تركها عندما علم من الشيخ أن لديها جنًا عاشقًا لم تكن تعرف عنه شيئًا، غير أنه اتهمها بمحاولة أذيته، ثم أفاق من حديث نفسه على دمعة تسقط منه على وجنته،
مسحها بطرف إصبعه، وضرب حوض الوجه بقبضة يده وقال إنها حاولت مساعدتي والوقوف بجانبي للنهاية، أما أنا تركتها تواجه الصعوبات وحدها.
لا أدري لماذا فعلت ذلك؟ هل خوفًا من الأذى مرة ثانية بعد أن تعافيت؟
أم لعدم الثقة في أي إمرأة؟
أم لأنني لم أحبها حقًا؟
لا أعرف غير أنني كنت حقيرًا معها، هل أذهب لها وأطلب منها أن تصفح عني؟ أم أنسي كل ماحدث وأبدأ من جديد طالما أصبحت استطيع ذلك.