اخبارشعر

قصة الغني المفلس القاص / محمد نجيب الجزار.

كتب حنان محمد 

الغني المفلس
… أقبل العم منصور يمشي مرحا ويتبختر في جلبابه السابغ الجميل الذي أضفي عليه مهابة وجلالا ، وقد تجمَّلت قدماه بحذاء جلدي أسود ناصع يكاد يضئ من فرط البريق ،

وحول رقبته التفَّتْ كوفية بيضاء زادته حسنا وجمالا ، وظهر شعره ممشطا ومصففا كأنه آتٍ لتوِّه من عند ( الكوافير ) وبدا كأنه من كبار التجار ذوي الوجاهة واليسار ، أو مُلَّاك الأراضي الزراعية والمحاصيل ، أو أصحاب العمارات الشاهقات .

القاص / محمد نجيب الجزار.
القاص / محمد نجيب الجزار.

فلما جدَّ في السير وتوسَّط الطريق رأي طفلين يتشاجران مشاجرة عنيفة ويكاد أحدهما أن يفتك بصاحبه ، همّ أن يمضي في طريقه ويغض الطرف عنهما نأيا بنفسه عن المشاكل

وصيانة لهندامه من التبذُّل وحذائه من التلوث ، ولكنه بدافع المروءة وخوفا علي الطفل الضعيف الذي يكاد صاحبه أن يفتك به توسط الطفلين زجرا لهما ومفرقا بينهما ومحاولا فض الشجار ليكون في عِداد عباد الله الأخيار .

زاد الشجار بين الطفلين اشتعالا وقد ارتمي أحدهما في حضن العم منصور يستغيث به من ضربات خصمه الموجعة ، وأُحِيط جميعهم بغبار الطريق الذي تناثر حتي عُدِمَت الرؤية أو كادت ..

انضم للعم منصور

انضم إلي العم منصور بعض المارة ليعينوه علي فض الاشتباك ولو اضطروا إلي ضرب الطفلين أحدِهما أو كليهما إذا لزم الأمر .
.. طالت المحاولات لفض الشجار

وكلما افترق الطفلان تلاحما من جديد والناس يضربون الطفلين ضربا شديدا لإنهاء الشجار ، وحضن العم منصور هو الملاذ والمأوي الآمن لأضعف الطفلين .

زاد الأمر عن حده ، وطالت المدة ، وكلما مكَّن العم منصور أضعف الطفلين من الفرار والنجاة بنفسه أبي إلا الارتماء في حضن عمه منصور والتعلق بأثوابه ورفع صوته بالصياح والبكاء .

 طال الوقت وفجاة

ولما طال الوقت تحول الناس فجأة إلي ضرب العم منصور نفسِه قائلين له ( يابن الكلب كدنا أن نقتل الطفلين ضربا وقد قلَّبْنا كل جيوبك الفوقية والتحتية والخارجية والداخلية

، وكلها من النقود خاوية ، لماذا يخالف مظهرك مَخبَرَك ؟ أتعَبْتنا وأضعت وقتنا أيها المفلس ، عليك لعنة الله )

أدرك العم منصور أنه كان فريسة لتمثيلة محكمة الإخراج لعب فيها دور البطولة وهو لايدري .
فلملم أشلاءه وتحسّس ثوبه ونعله وانصرف مسرعا موليا اللصوص دُبُره حامدا ربه أن لم تُسلَب منه نفسه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى