قصة قصيرة (فات الأوان) للكاتبة والإعلامية حنان محمد.
كتب حنان محمد
فات الأوان
كانت تسافرُ معه يوميًا في القطار.. إنها تحبُّه كثيرًا ولا تدري كيف تصرحُ له بمشاعرِها.. وهي التي قالت له إننا صديقان وأخوان.. وتعاملا معًا على هذا الأساس. كانت تجلس بجانبه وهو نائم يميل برأسه على كتفها.
مدت ذراعَها ليعانقَ ذراعَه ولامستْ راحتُها راحتَه وداعبتْ أصابعُها أصابعَه، فوضعتْ قلبَها بين راحةِ يدِه لعلَّه يسمعُ دقاتِه المتوهجةِ لتخبرَه كم هيَ تحبُّه. فهمَ لغتَها.
. وبعدَ أن أفاقَ تحدثَ معها.. قال بأنه معجبٌ بأمرأةٍ أخري.. كانت تعرفها.. لم تتفاجأ بتصريحِه.. فقد رأتْ هذا في عينيهِ وهو يتحدث مع الأخري.. كما رأتْ أعجابَ الأخري به.
كانت سعادتُه مهمةً بالنسبةِ لها أكثر.. رغم أنها كانت تبادلُه الحب. أكمل حديثَه قائلًا: ولكنني لا أعرف إن كانتْ معجبةٌ بي أم لا؟ تقف الكلمات علي لسانها مترددة.. هل تصارحهُ بما أحست به تجاه هذه المرأة؟ أم تخفي عنه؟
هل تفلتُه من يدها لتضع بين أصابعه قلب امرأةً أخري غيرها؟ أكمل حديثَه.. ليتني أعرفُ مشاعرَها نحوي. فحدثته: إنها معجبةٌ بك أيضًا.. فقال: ومن أين لك بهذه المعرفة؟ قالت: أنا امرأة.. وأفهمُ مشاعرَ النساءِ جيدًا.
قال: إنها تدعوني دائمًا بأخي. قالت: نعم تدعوك بذلك.. ينطقها لسانها.. ولكن يتحدث قلبها بغير ذلك.. أنا من أري نظرتَها لكَ المليئةُ بالشغف.. وسعادتَها عندما تكونُ قريبةً منك.
قال: ياليتها هكذا.. إنها من أريد لتكون زوجةً لي. نزلت الكلماتُ عليها كجمرٍ ملتهب.. وقطراتِ ملحٍ علي جرحٍ ينزف ولطمة قوية علي قلبٍ يحتضر. لاحت في الأفقِ غيومٌ سوداءُ تقترب..
لكن ليس في يدها ما تجبر قلبَه علي احتضانِ قلبِها. مابيدها حيلةً لاستعادةِ حبها. أفلتتْ يدها من يده كأنها تفلتُ ماتبقي من عمرِها لتعودَ لوحدتِها ثانيةً لتلومَ قلبَها علي استيقاظه بعد سباتِه ليعودَ في سباتٍ أعمقَ مرةً أخري. قالت له:
إنها تحبك.. أشعر بهذا جيدًا.. وأي وقت تحتاجُ فيه مساعدَتي ستجدُني.. أتمنى لك السعادةَ والتوفيقَ معها.. حاول أن تصارحَها قبل فواتِ الأوان. كأنها تقول لنفسها: ياليتني صارحتُه قبل فوات الأوان .