أقام نادي أدب قصر ثقافة طنطا،بقاعة المكتبة بالمركز الثقافي حفل توقيع ومناقشة ديوان: «غواشي الليل» للشاعر المبدع د.أحمد منصور.
ناقشه:
الناقد المبدع: صبري قنديل وهذه جزء من كلمته وقد ألقى الناقد الأستاذ (صبري قنديل)، قراءة نقدية حول ديوان (غَواشِي اللَّيْلِ)، قال فيها:
من خلال متابعة مجمل الأعمال المنشورة للشاعر الدكتور “أحمد علي منصور”، وصولاً إلى ديوانه الأخير (غَوَاشِي اللَّيْلِ)، يتَّضح لنا أن تجربة هذا الشاعر تقوم على التنوع الفني في الرؤية والتشكيل، سواء في كتابته للقصيدة البيتية الخليلية، أو في إطار شِعر التفعيلة، وتحديدًا في مرحلة أعطت القصيدة لنفسها مساحة أكثر رحابة، سواء على مستوى الشكل الشِّعري، أو التحرر من سائِدِيَّة القالب الفنيّ، كي تتمكن من الوصول إلى معالجة فنية متميِّزة في تفردها عبر خصوصية تجعلها قادرة أكثر فأكثر على الولوج لموضوعها الشِّعريّ.
وفي ديوان (غَوَاشِي اللَّيْلِ)، كما في الدواوين السابقة، يواصل الشِّعر بثَّ خطابه وجراح أسئلته عبر أداءٍ فنيٍّ غير مباشر، وهو مستمر في جدليته الأزلية مع واقع يعيشه باعتباره جزءًا منه، يأخذ منه ويردّ إليه، حيث يسعى الشاعر إلى تقديم بلورة شعرية مختلفة في كل مراحلها؛ إذ تتصاعد معها فنية الكتابة وعمق الرؤية، لتمثل إضافة تراكمية لمشروع إبداعي يؤكد مع كل إضافة مزيدًا من التميّز.
وهذا الخطاب الشِّعري يُقيم بِنْيَتَهُ على جِدارية اللُّغة، والتي تتجاوز مجرّد كونها أداة للتعبير، إلى المشاركة في صياغة الانفعال الشِّعريّ، في إطار رصانةٍ تعكس علاقةً معرفيةً وطيدة للشاعر “أحمد منصور” بلغته وتراثه، وهذا في الإطار العام لمُنجز الشاعر.
وفي مُجمل القصائد الثمانية التي ضمّها الديوان: (شجرُ اللَّيل، طَلْسَمَانُ اللَّيل، سُبَات، أعراف، خمسين معراجًا، سَفَر، كأنَّما لا نورَ كان، شَجر اللَّيل)، تقوم بِنْيَةُ القصيدة على دور المُفردة في تحقق عملية تركيبية تدويرِيَّة، جمعت بين البَيانِيَّة والجَمالِيَّة، سواء في صياغة الجملة، أو في إقامة الدلالة على وهج المُفردة وحدها، أو من خلال الجملة بدايةً من العنوان، ومرورًا بقصائد الديوان.
الشاعر والناقد المبدع: د.محمد عبدالله الخولي.. وهذه جزء من كلمته ديوان “غواشي الليل” حيث يدور هذا الديوان في فلك درامي وحوارية متصاعدة بين الوعي واللاوعي، فكلاهما يمثل طرفا حواريا في البناء المعماري النصي للديوان، وتتصاعد النبرة الحوارية بين الوعي واللاوعي مشكّلة بناء دراميّاً حركيّا يكتظ به الديوان من أوله إلى آخره
يحتاج الفعل الدرامي إلى أحداث وشخوص من خلالهما يتنامى الصراع وتتصاعد الحركيّة الدرامية داخل النص الأدبي، ولكن في ديوان “غواشي الليل” انبنت الحركية الدراميّة بشكل فنيٍّ متعالٍ دون أحداث أو شخوص أو صراع، ولكن اللغة الشعرية التي تشكّل منها الديوان استطاعت أن تبني الفعل الدرامي وتؤسس له بداية من العنوان، فمفردة (غواشي) تحمل في طياتها حركة شديدة العنف سريعة الحركة.
أضف إلى ذلك مفردة (الليل) التي اكتمل بها العنوان، تلك المفردة التي اكتست بدلالات نفسية متعددة، فالليل قرين السواد، والذي يحيل بدوره إلى تلك المناطق البعيدة في عالم اللاوعي، والتي تحتوي على المخزون الشعوري للذات الإنسانيّة، تلك المنطقة التي تهاجم الإنسان في صحوه ونومه وتؤرقه، بل تقض مضجعه وتدخله في عوالمها التي تتشح باللون الأسود دلالة على الغموض الذي يسيطر على عالم اللاوعي الإنساني.
يدور الديوان كله في هذه الدرامية الحركيّة المفرطة من بدايته حتى نهايته، ولكن انبنت هذه الدرامية في أفق (اللاوعي) دون رقابة من عالم الوعي الذاتي، وهذا ما جعل الديوان يدخل في عوالم الغرابة والإدهاش.
قدم الندوة:
الشاعر والدكتور البيومي محمد عوض رئيس نادي أدب قصر ثقافة طنطا.
أدار الندوة:
الدكتور أسامة البحيري رئيس النقابة الفرعية لإتحاد وسط الدلتا، وأستاذ اللغة العربية وآدابها بجامعة طنطا.
مع تحيات مجلس إدارة نادي الأدب:
- الشاعر: البيومي محمد عوض
- الشاعر: علي طواقي
- الشاعر: إيهاب مصطفى
- الشاعر: طارق بركة
- القاص والكاتب الصحفى: محمد عوف
وأختتم الشاعر د. أحمد علي منصور بكلمةحول ديوان (غواشي الليل)وهذا جزء منها.
وقد خصَّ الشاعر (الدكتور أحمد علي منصور)، جريدة “نبض العاصمة”، بهذه الكلمة حول ديوانه (غَواشِي اللَّيْلِ)، قال فيها:
ديوانُ (غَوَاشِي اللَّيْلِ)، والذي كُتِبت قصائده عام 2015م، هو من الدواوين التي أعتزُّ بها بصفة خاصة من بين دواويني الستة الصادرة حتى الآن، بالرغم من اعتزازي بكلّ واحدٍ منها اعتزازًا خاصًّا؛ لأنني حاولت أن أقدم في كلِّ منها رؤًى وموضوعات وتشكيلات شِعرِيَّة متنوعة ومختلفة، مِن ديوان إلى آخر. فإنَّ لي طريقتي ومنهجي الإبداعيّ الخاصّ الذي أحاول التمسُّك به والعمل عليه؛ وهو ضرورة تجديد موضوعاتي وتشكيلاتي، ولغتي الشِّعريَّة، وإيقاعاتي، وعوالمي الشِّعرية الخاصة والمتنوعة التي تُعبّر عن تجلياتِ وتحوُّلات الذات في العالم والوجود، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لتجديد الإيقاعات واللُّغة، والتشكيلات الشِّعرية الفنية لبنية القصيدة.
وفي ديوان (غَوَاشِي اللَّيْلِ) أزعُمُ أنني دخلتُ في المناطق الشِّعرِيَّة البِنائِيَّة الأكثر وُعُورةً وجسارة، على مستوى الموضوع والرؤية الشِّعرِيَّة، والمَجالِي أو العوالِم غير المطروقة في موضوعات البَثِّ الشِّعرِيِّ، مع تجديد البِنَى الإيقاعية والتركيبية لِلُغَةِ القَصِيد بما حاذرتُ أَلاَّ أُشْبِه فيه أحدًا، ولا حتى أعمالي السابقة ذاتها، لأتجاوز طرائقي السابقة في الكتابة، والتي أسعى باستمرار لمحاولة تجاوزها، والبحث عن طرائق وموضوعات جديدة للكتابة، لكي لا أكرر نفسي، فضلاً عن تكرار آخرين سابقين أو مُجايِلِين.
وبخاصة على مستوى اللُّغة الجديدةـ، التي تتخلَّق عَبْرَ تحوُّلات البِنْيَةِ النَّحوِيَّة والمجازِيَّة المُكثَّفة، وخصوصًا من خلال تِقَنِيَّات الحذف والاختِزال، والجُمل السَّريعة القصيرة المُتواترة في الدَّفقات الشِّعرية المُمتدَّة عَبْرَ حركات الإيقاع الدرامي والتَّدويرِيِّ المُتنامِيَّة، والتي خلقت –أيضًا- جُمَلاً بالِغة الطُّول والتعقيد والتماسُك في الفِقرات الشِّعرِيَّة المُتلاحمة، عَبْرَ تِقنِيَّات الفصل والوصل، والالتفات، والمَفاصل المُقفَّاة، مع توظيف تشاكُلات وتقابُلات الصوت اللُّغوِيّ، والإيقاع الصوتِيّ والتركيبيّ، والعَرُوضِيّ، والدَّلالِيّ، لتحقيق انسِياب الدفق الشِّعرِيِّ، وتماسُك عناصِر البِناء الشِّعرِيّ، فضلاً عن مُراعاة جمالِيَّات الصوت الإيقاعِيّ بِمُستوياته المُتعدِّدة.
ويضيف “منصور” قائلاً:
وأنا لم أتصنَّع هذه التقنيات، مُستعينًا بِالذَّخيرة اللُّغوِيَّة بِحُكْمِ تخصُّصي الأكاديميّ في عُلوم اللُّغة، ولكن ما فعلْتُه –في الواقِع- هو أنني تركتُ الحالةَ الشِّعرية تتدفَّق بِحُرِيَّة تامَّة، بحيث تنسابُ الحالة الشِّعرية واللحظة الشِّعرية الصافية والخالصة، مُتدفِّقة مِن لا وَعْيِ الشاعر، لكي تختارُ هي لُغتَها وإيقاعَها، وكلماتِها وتراكيبَها، وأصواتَها اللُّغوِيَّة، ونَبَراتِها الإيقاعِيَّة، بِحُرِّيَةٍ وسلاسة بَالِغَة، بِدُون تدخُّلٍ من الشاعر إلاّ في قليلٍ مِن الحُضور النِّسبِيِّ والضَّرورِيِّ لِلوَعْيِ بِما يكفي لِمُلاحظة سلامة اللُّغةِ، وطزاجَة التَّعبِير، وبعض الفنِّيَّات الضروريَّة التي تضمَنُ لشلعمل فنِّيَّتَه وشِعرِيَّتَه، بِدون تدخُّلٍ -قدر الإمكان- فيما تبُوح به القريحَةُ وتبُثُّه مِن تجلِّيات اللحظة الشِّعريَّة الخالصة، المُتوهِّجة والمُلهِمة.
ولِهذا جاءت لغة الديون تتَّسِم بالغرابة، على مستوى المفردات والتراكيب، والصور والتعبيرات الشِّعرية غير المألوفة، بل وغير المسبوقة في كثيرٍ من الأحيان. بل وجاءت كثيرًا من التعبيرات تُشبِه الهذيان؛ لأن الشاعر أطلق العنان لِما تُملِيه الحالة الشِّعرية، مهما بدا التعبيرُ غريبًا، ومدهشًا، وعاصفًا لِذِهْنِيَّاتِ القارئ أيضًا في أحايين كثيرة، خاصة ما كان منها بعيدًا –أحيانًا- عن الخيال أو التصور.
ولهذا جاءت بعض التعبيرات كأنها تستعصي على التفسير، أو التأويل اللُّغوِيّ للتراكيب الغريبة والمُراوغة. وهو ما جعل بعض من طالعوا الديوان يحكُمُون بأنّ الديوان حافل بالغموض والغرابة، وأنّ هذه اللُّغة المُراوغة تُمثل عقبة أمام القارئ، حتى يمكن القول بأنّ الديوان ربما يُخاطب النُّخَبَ الثقافية، ومستويات مُتعالِيةً من القُرَّاء، بما يجعل الديوانَ بعيدًا عن مُتناول القارئ العام، الذي لن يستطيع فَهْمَ وفَكَّ شِفرة اللُّغة وتراكيبها المُعقّدة، وكثير من كلماتها الاشتِقاقِيَّة والتَّولِيدِيَّة غير المطرُوقة، بل وغير المسبوقة أحيانًا.
ولكن من جهة أخرى عارض البعض هذا الرأي، ويرون أن القارئ -بقليلٍ من الاهتمام والقراءة المتمهلة والبصيرة- يستطيع أن يُواجه مُراوغات اللُّغة، لِيتآلف مع لُغة الديوان، وموضوعاته، وجدلِيَّات عوالِمه الغريبة، وُصُولاً لاكتشاف القارئ أنها هي ذات عوالِمِه، وقضاياه، ومُعاناته الحياتِيَّة التي هي في صُلب واقِعِه المُعاش، بِكلِّ ما يتعرَّض له الإنسان من أسئلة وهواجس حقيقية، وقلق وُجُودي طبيعي وواقعي لا يَسْلَمُ منه أيُّ إنسان.
وفي ختام الكلمة، قال الشاعر الدكتور أحمد علي منصور:
وأما أنا فأعترف بأنّ كل ما كتبتُه في هذا الديوان تجارب نفسية وروحية نِتاج معاناة حقيقية في الواقع الحياتيّ والاجتماعيّ الذي أعيشُه وأُعانيه بالفِعل، ولم تكن تلك القصائد –أبدًا- من وحي الخيال، ولا كانت شطحاتٍ لِلاَّوعي في عوالِمَ وهواجس مُتخيَّلة في أوهام أو أحلام الشاعر. تِلك هي شِفرة الديوان، ولو انتبه القارئُ لها فسوف يجد الديوان ينساب بين يديه في خِفَّة وسهولة، ولا يتبقَّى من مشكلة سوى صبر القارئ على كثافة التجارب الشِّعرِيَّة المُفصَّلة المُطوَّلة، والتي بلغ بعضُها أكثر من خمسة وعشرين صفحة للقصيدة الواحدة من قصائد الديوان الثمانية.
وعلى أية حال، قُوبِل هذا الديوان بترحاب كبير من دوائر الشُّعراء والمُثقفين والنقَّاد الذين أُتيح لهم الاطلاع على العمل حتى الآن، والذين أجمعوا على أنه يُعدّ تجربة شِعريَّة جديدة ومدهشة، تُمثِّل تحوُّلاً مُهمًّا، وفارقًا أيضًا، في مُجمَل التجربة الإبداعية المُتجدِّدة للشاعر.
تابعونا على صفحة الفيس بوك