اخبار

الإسلام السياسي… من الدعوة إلى الهيمنة قراءة في التأثير السلبي على مصر

بقلم : عبدالله سليم

مقدمة
على مدار قرن من الزمان، كان “الإسلام السياسي” واحدًا من أكثر الظواهر تأثيرًا وإثارة للجدل في مصر. من جماعات دعوية ترفع شعارات أخلاقية، إلى كيانات سياسية تسعى للسلطة تحت غطاء الدين، مرّ المشهد المصري بمحطات فارقة أثبتت أن دمج الدين بالسياسة يفتح الباب أمام الانقسام، ويضعف الدولة، ويغذي التطرف، ويعرقل التنمية.
ورغم تنوع مسميات الحركات والتيارات، ظل الهدف واحدًا: السيطرة على الحكم عبر خطاب ديني تعبوي، وتحويل العقيدة إلى برنامج سياسي، وهو ما ترك بصمات سلبية عميقة على المجتمع المصري.

الجذور التاريخية للإسلام السياسي في مصر

بدأت القصة مع تأسيس جماعة الإخوان المسلمين المحظورة عام 1928 في الإسماعيلية، على يد حسن البنا، كرد فعل على سقوط الخلافة العثمانية والشعور بفقدان “المرجعية الدينية الجامعة”.

توسعت الجماعة سريعًا من خلال الجمعيات الخيرية، والمدارس، والنشاط الدعوي، حتى أصبحت لها قاعدة جماهيرية مؤثرة.

لكن منذ الأربعينيات، دخلت الجماعة في مواجهات مع الدولة بسبب نشاطها السياسي وتنظيمها الخاص المسلح، الذي تورط في اغتيالات وأعمال عنف، مثل اغتيال القاضي أحمد الخازندار عام 1948، ورئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي في نفس العام.

✍️ومع ثورة يوليو 1952، ساد شهر عسل قصير بينها وبين الضباط الأحرار، قبل أن ينقلب المشهد إلى صدام دموي في 1954 بعد محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر.

في عهد السادات، أُفرج عن قيادات الجماعة في إطار سياسة “الانفتاح السياسي” لمواجهة اليسار، لكن سرعان ما خرجت من عباءة الإخوان تيارات أكثر تطرفًا، مثل “الجماعة الإسلامية” و”الجهاد”، التي اغتالت السادات عام 1981.

أما عهد مبارك فشهد مدًّا وجزرًا: تضييق أمني من جهة، وتسامح محدود في المجال الاجتماعي والنقابي من جهة أخرى، ما سمح للجماعة بالتغلغل في النقابات المهنية والجامعات.

✍️بعد ثورة 25 يناير 2011، وجدت جماعة الإخوان المسلمين المحظورة الفرصة الذهبية للعودة بقوة إلى المشهد السياسي، وانتهى الأمر بفوزهم في الانتخابات الرئاسية عام 2012.

كيف أثّر الإسلام السياسي على مصر بالسلب؟
1. تفتيت الوحدة الوطنية

خطاب الإسلام السياسي بطبيعته يقوم على فرز المجتمع إلى فئات: من يوافقهم في الفكر ومن يختلف، ومن “يمثل الإسلام” وفق تعريفهم ومن هم “أقل التزامًا”.
هذا المنطق زرع الشكوك بين فئات الشعب، وحوّل الخلاف السياسي إلى صراع عقائدي، ما جعل أي معارضة تُفسَّر كعداء للدين نفسه، وأدى إلى شرخ خطير في النسيج الاجتماعي.

2. تسييس الدين وإضعاف رسالته

حين يصبح الدين أداة للوصول إلى السلطة، يفقد قدرته على توحيد الناس خلف قيمه السامية، ويتحول إلى وسيلة لتبرير مواقف سياسية أو مصالح حزبية.
هذا الاستخدام النفعي للدين شوّه صورته لدى البعض، خاصة الأجيال الشابة، التي رأت في الممارسات السياسية لهذه الجماعات تناقضًا مع المبادئ التي ترفعها.

3. تهديد الدولة المدنية

أيديولوجيا الإسلام السياسي تقوم على فكرة أن الشريعة – بتفسيرهم الخاص – هي المصدر الحصري للتشريع، ما يفتح الباب لإقصاء القوانين المدنية، وإضعاف مبدأ المساواة أمام القانون.
هذا التوجه يهدد حقوق المرأة والأقليات، ويعيد إنتاج دولة دينية لا مكان فيها للتعددية أو المواطنة الكاملة.

4. صناعة بيئة خصبة للتطرف

عندما يفشل الإسلام السياسي في تحقيق أهدافه بالطرق الديمقراطية، يتحول بعض أنصاره أو المجموعات المنشقة عنه إلى العنف المسلح.
التاريخ المصري مليء بأمثلة لجماعات خرجت من عباءة الإسلام السياسي المعتدل نسبيًا، لتتبنى فكرًا تكفيريًا، كما حدث مع الجماعة الإسلامية في الثمانينيات والتسعينيات، أو مع بعض الشباب الذين انضموا لاحقًا لتنظيمات إرهابية بعد 2013.

5. تعطيل مسار التنمية

الصراع السياسي الذي أشعلته تيارات الإسلام السياسي صرف طاقة الدولة والمجتمع عن قضايا أساسية مثل إصلاح التعليم، تطوير الصحة، وجذب الاستثمار.
تحولت النقاشات العامة إلى جدل حول الهوية والشريعة، بدلًا من سياسات اقتصادية واجتماعية عملية، ما أدى إلى إهدار سنوات من فرص الإصلاح.

التجربة العملية: عام الإخوان في السلطة

صول الإخوان المحظورة إلى الحكم عام 2012 كان لحظة فاصلة.
توقع كثيرون أن تقدم الجماعة نموذجًا مختلفًا، لكن الواقع كشف عن:

تغليب مصلحة التنظيم على مصلحة الدولة.

إقصاء القوى الوطنية والمدنية.

قرارات متسرعة عمّقت الانقسام.

إدارة ضعيفة لمؤسسات الدولة.
ومع تصاعد الاحتقان، خر.

تابعونا على صفحة الفيس بوك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى