قصص

عزيزة بنت ابليس..عزيزة بنت ابليس

بقلم: أحمد محمود شرقاوي

سنة 1980 تقريبًا أو قبلها بفترة بسيطة وبالأخص في محافظة الأسكندرية كانت فيه بنت شابة بتعيش في المحافظة اسمها (عزيزة) وكان عندها في التوقيت ده (17) سنة، وزي أي بنت يتقدم لعزيزة شاب اسمه (سعيد) ويوافق أهل عزيزة بالشاب ده وتتجوزه في النهاية، أمر عادي وتقليدي وبيحصل كل يوم تقريبًا، لكن المختلف شوية إن إسلام كان عصبي جدًا وكانت مشاكله مبتخلصش تقريبًا مع عزيزة، بس كل ده كان بيعدي والحياة بتمشي نوعًا ما، بس اللي كان أغرب من المشاكل هو إن عزيزة محملتش خلال 3 سنين كاملين زواج، رغم إنها استنت اليوم ده بفارغ الصبر، وفي النهاية تقرر عزيزة إنها تروح تعمل فحص عشان تشوف موضوع الخِلفة ده وليه أتأخر أوي كدا..
وكانت عزيزة مع أول مفاجأة في حياتها لما اكتشفت إنها مبتخلفش واستحالة إنها تخلف بسبب وجود مشاكل في الجهاز الأنثوي الخاص بها، ولما جوزها وصله الخبر زادت معاملته السيئة لها وبدأ يعايرها هو وأهله إنها مبتخلفش ولا ينفع تخلف، كلام قاسي قادر إنه يدمر نفسية أي ست، عشان في النهاية عزيزة متتحملش الوضع ده ولا جوزها كمان وينفصلوا عن بعض وترجع عزيزة لبيت أهلها..
وبعد فترة بسيطة تتجوز عزيزة مرة تانية مِن شاب بيسكن في نفس المنطقة، ولكن معايرة الناس وتحديدًا أهل طليقها عملولها عُقدة نفسية وبدأت الأفكار الشيطانية تراودها يوم بعد يوم لحد ما قررت إنها تثبت للناس كلهم إنها بتخلف وتقطع ألسنتهم، وبالفِعل بدأت عزيزة بالاتفاق مع جوزها التاني وأخته توهم الناس إنها حامل من خلال إنها تحط هدوم على بطنها بطريقة تبان إنها حامل، وكانت بتزود كمية الهدوم دي كل شهر بحيث يظهر إن بطنها بتكبر والجنين بيكتمل جوة بطنها..
وتعدي الأيام والشهور لحد ما توصل عزيزة للشهر التاسع وبالأخص في نص الشهر التاسع، وعلى الساعة 10 بالليل تبدأ عزيزة بالصراخ ولما الناس يتجمعوا يتقال لهم إن عزيزة بتولد، وبالفِعل تيجي (الداية) اللي كانت قابضة منهم مبلغ عشان تكمل التمثلية الهزلية دي (والداية ده مصطلح كان بيُطلق على الست المسؤولة عن الولادة)..
وانتهى الموقف واتبقت مشكلة رئيسية، فين الطفل بقا، وهنا تتحرك عزيزة فورًا ناحية مستشفى (الشاطبي) في الإسكندرية الساعة 12 بالليل، وكانت وقتها المستشفى بإمكانيات بسيطة جدًا وسهل أي حد يدخل ويخرج، ولبست عزيزة لبس ممرضة ودخلت المستشفى لحد ما وصلت لغرفة فيها سيدة والدة من ساعات، وخدت منها الطفل بحِجة إنها هتعمله تحاليل وهربت بالطفل من المكان كله، وتاني يوم الصبح كانت قدام الناس معاها طفل، وبقت أم خلاص، بس بعد 3 سنين يبدأ كلام الناس تاني حولين عزيزة، مش ناوية تخاوي ابنك وتخلفي مرة تانية ولا أنتي بتخلفي مرة واحدة بس..
وبدل ما تسكت وتتهد، لا تقرر إنها تعمل نفس السيناريو مرة تانية وبنفس التفاصيل، ماهو طالما نجح مرة يبقا هينجح كل مرة، وتحط عزيزة الهدوم في ملابسها وتبان إنها حامل لحد الشهر التاسع، بس المرة دي السيناريو هيختلف شوية، عزيزة مخدتش طفل من المستشفى المرة دي، بل نزلت تلف في الأسواق لحد ما عثرت على هدفها، واحدة ست شايلة طفل صغير خالص، دخلت عليها عزيزة على إنها واحدة شغالة في الشؤون الإجتماعية وبتقدر تصرف مبالغ إعانة ومساعدات للأمهات، وقدرت إنها تقنع الست وتعرف تفاصيل كتير عن حياتها، والأهم عرفت مواعيد خروج جوزها للشغل..
وبعد أيام تتحرك عزيزة بشوية فلوس وسلع غذائية لبيت الست وتقولها إن الجمعية صرفتلك الحاجات دي بس عشان نخصص ليكي الحاجات دي بصورة شهرية لازم تيجي تسجلي بنفسك في الجمعية، وتاخد منها الطفل على أساس إنها هتدخل تغير هدومها وتخرجلها، وبالفِعل تدخل الست من هنا وعزيزة تاخد الواد وتختفي تمامًا، الست تخرج متلاقيش عزيزة ولا تلاقي ابنها تصرخ من الرعب والخوف على ابنها ولكن محدش قدر يلاقي عزيزة، وراحت الست عملت محضر بأوصاف عزيزة، وحست عزيزة وجوزها إنهم ممكن يتكشفوا خاصةً إن الدنيا كانت مشدودة حوليهم فقرروا يسيبوا المحافظة كلها..
عزيزة باعت بيتها في الإسكندرية وراحت على محافظة العريش بعيد خالص عن كل معارفها، بس الغريب إنها أدمنت الفِعل ده وقررت تخطف طفل للمرة التالتة وبنفس السيناريوهات اللي نجحت معاها في المرة الأولى لما خطفت الطفل اللي سمته (إسلام) وفي المرة التانية لما خطفت طفل تاني وسمته (هشام) وقدرت عزيزة إنها تنزل السوق وتقنع سيدة إن ابنها مريض وإنها بتشتغل في المستشفى العام وإنها لازم تكشف عليه، وبالفِعل تاخدها معاها للمستشفى وتقدر تاخد ابنها منها وتهرب..
وبقت عزيزة عايشة مع تلت أطفال مش ولادها من الأساس (إسلام_ هشام_ محمد)..
وتيجي سنة 1992 وتهاجم الأجهزة الأمنية بيت عزيزة بتُهمة خطف الأطفال، والسبب اللي ذُكر من ضِمن عِدة أسباب إن واحدة تعرفها من أيام اسكندرية شافتها بأولادها الثلاثة وكانت عارفة إنها مبتخلفش وكانت شاكة فيها من أيام إسكندرية فقررت إنها تبلغ عنها..
وبالفِعل يتقبض على عزيزة وتتسجن فترة طويلة ويتسلم محمد وهشام لأهلهم الحقيقين ولكن إسلام يفشل تمامًا إنه يلاقي أهله، ويعيش في أحد الملاجئ لفترة ما لحد ما يتبناه أكتر من شخص وفي النهاية يقدم شخص من المنوفية اسمه (جمعة حسن) أوراق بتثبت إن ابنه اتخطف سنة 1984 وإن كل الأوصاف بتنطبق على إسلام، ولما عرضوا الحاج جمعة على عزيزة قالت إن ده فعلًا أبوه..
وعاش إسلام مع الحاج جمعة 22 سنة كاملين، رغم إنه كان شاكك إن ده مش أبوه من الأساس، لحد ما يقرر يعمل تحليل DNA ويكتشف إن ده فعلًا مش أبوه بعد 22 سنة، وتنتشر وقتها قصة إسلام في كل مكان تقريبًا..
وبدأ إسلام يدور على عزيزة اللي كانت كبرت في العمر وكانت مختفية في الإسكندرية عشان يعرف مين أهله، رغم إنها كانت رافضة تمامًا إنها تبلغ أي حد مين أهله الحقيقيين، ويقدر إسلام في النهاية يوصل لعزيزة بعد ما كان عنده 36 سنة وكان اتجوز وكون عيلة كمان، ولكن كان عنده إصرار يعرف مين أهله الحقيقيين..
رغم رفض عزيزة للكلام، بل وتأكيدها إنها أمه فعلًا وإنها بتخلف، وكأن الكذبة اللي استمرت سنين خلتها تصدق من جواها إنها أم التلت أطفال بالفِعل، بس فيه قول اتقال وسط الكلام إن رفض عزيزة إنها تقول الحقيقة في موضوع إسلام بالأخص هو حقدها على أهل إسلام الحقيقيين لأن أمه كانت بتعايرها زمان وإنها انتقمت منها في ابنها..
وفضل إسلام ورا عزيزة مرة واتنين وتلاتة لعلى وعسى تتكلم وتقوله على أهله الحقيقيين قبل موتها، ولكنها رفضت تمامًا، وفي زيارته الأخيرة ليها تقف عزيزة في الشباك وترمي نفسها وتموت، ورغم إن إسلام اتُهم في قتلها إلا إنه أخد براءة لأن اكتر من شاهد قال إن عزيزة هي اللي رمت نفسها وهو مقربش منها..
وفي النهاية إسلام أجره على الله في البلاء ده، أما عزيزة فراحت للحكم العدل اللي هيحاسبها وهتاخد جزاءها، أما أحنا فنفهم ونتعلم إن كلام الناس السلبي مينفعش بأي شكل من الأشكال إنه يأثر علينا، لأن حياتنا كلها عبارة عن مجموعة من الأقدار، وكلها ربنا قدرها علينا من قبل ما نتولد، فكلام الناس ما هو إلا لا شيء، لو فهمنا المعادلة دي هنتلاشى حاجات كتير أوي حرام بنعملها..

تابعونا علي صفحة الفيس بوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى