التدخل الغربي في ليبيا وأبعاده على الوضع الداخلي
تقرير : أحمد أسامة
مما لا شك فيه أن الثروة النفطية التي تتوافر عليها ليبيا تسيل لعاب الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما جعل التحالف الغربي العسكري المسمى بـ”الناتو” يشن ضرباته على البلاد في عام 2011 لإسقاط نظام الحكم فيها وإشاعة الفوضى الى يومنا هذا.
وبعد هذا الإعتداء، لم يتوقف التدخل الخارجي بل استمر بعرقلة الجهود الداخلية لبناء الدولة بالتزامن مع نهب ثروات البلاد، وهو ما أكده منذ أيام وزير الخارجية الايطالي انطوني تاجاني خلال حديثه لصحيفة “أفينيري” قائلاً أن التدخلات الخارجية في ليبيا وغيرها من الدول الأفريقية أدت لتدهور الأمن والاستقرار بها.
إلا أن الوزير الإيطالي أردف كلامه بوصف العلاقة بين إيطاليا وليبيا بالشراكة وقال أن إيطاليا تسعى لإنشاء شراكات قوية وتطلعية مع دول أفريقية كونها في السنوات القادمة ستصبح القارة الأكثر إكتظاظاً بالسكان وأصغرها شباباً، وستكون بشكل متزايد مركز ديناميكيات متعددة ومُعقدة، مع تداعيات لا يمكن إنكارها على إيطاليا وما حولها من دول أوروبا.
ومن وقائع هذه الشراكة تكشّف منذ فترة وجيزة المشروع الإيطالي الرامي لتغيير الديموغرافية في الجنوب الليبي، بعد أن وقعت منظمة ارا باتشي الإيطالية مع حكومة الوحدة الوطنية منتهية الشرعية، على مشروع دمج السكان المحليين ومجتمعات المهاجرين في المنطقة من خلال فتح مكاتب ومناطق مخصصة لتوفير الخدمات التعليمية والتدريب المهني وتجنيس المهاجرين غير الشرعيين المتواجدين في ليبيا.
مما أثار ردود أفعال الليبيين الوطنيين الذين سئموا ممارسات حكومة الوحدة بقيادة عبدالحميد الدبيبة المتمسك بالسلطة، والتي ترقى الى الخيانة العظمى. حيث قام الدبيبة وحكومته بتوقيع إتفاقيات أخرى مع دول عديدة منها إيطاليا وتركيا والولايات المتحدة تتعلق بإستثمار النفط الليبي بعقود طويلة الأجل لا تحقق المصلحة الليبية.
وبالأمس، شدد عبدالحميد الدبيبة، في لقائه مع نائب وزير خارجية هولندا، بول هاوتس، على أهمية تسهيل منح التأشيرات للمواطنين الليبيين، وأكد خلال اللقاء على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي بين ليبيا وهولندا، وتحفيز الشركات الهولندية للشراكة مع القطاع الخاص الليبي، وتوسيع نشاطها في السوق الليبي.
مما يدل على إنفتاحه التام لبيع البلاد بما فيها ومن فيها في مقابل بقائه في منصبه لأطول فترة ممكنة، بحسب خبراء في الشأن الليبي. حيث أن فساد الدبيبة وحكومته منتهية الشرعية، جعلت البلاد مُستباحة للدول الغربية، وكلهم يبحثون عمن هو قادر على خدمة مصالحهم وتحقيق أجنداتهم لنهب ما تبقى من ثروات ليبيا.
من جهة أخرى،
وبعد بدء العمل بمبادرة مبعوث الأمم المتحدة الى ليبيا عبدالله باتيلي والقاضية بإجراء إنتخابات قبل نهاية العام الجاري، أعلن المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي عبد الله بليحق، إيقاف المجلس لرئيس الحكومة المكلفة فتحي باشاغا، عن العمل وإحالته للتحقيق، مشيراً إلى أن قرار مجلس النواب جاء بتصويت أغلبية أعضائه.
في حين أرجع الخبراء الحدث الأخير، الى ثمار التدخل الغربي السافر في شؤون ليبيا. حيث لم تعترف حكومات الغرب بقرارات مجلس النواب بمنح الثقة لباشاغا وسحبها من الدبيبة، وأبقت تعاملاتها السياسية والاقتصادية مع حكومة فاقدة للشرعية بنظر الليبيين والقانون الليبي، وهمشت حكومة باشاغا، مما جعله مكتوف اليدين وغير قادراً على تحمل مسؤولياته أمام الليبيين.
لذلك، فإن جميع الأحداث التي تمر بها ليبيا تأتي بفعل الأيادي الغربية العابثة في شؤونها بهدف خلق أزمات وإطالة أمد الصراع الداخلي مما يخلق لها مساحة لإمتصاص ثروات البلاد وتنفيذ مخططاتها.
كما أن إستسلام بعض المسؤولين كباشاغا وإصرار غيرهم على المضي في خيانتهم لوطنهم كالدبيبة، يجعل البلاد لقمة سائغة لدى الدول الغربية.