قصيدة (بيتنا القديم) للشاعر محمد العوضي
كتب حنان محمد
إللي كانت سُباطة في يوم ع النَّخيل
نخيلنا إللي طارح في أرض الكرَم
ما كانشِ فـ زماننا تلاقي البخيل
جيران إيدها فِرطة وكريمة ومُحبّة
خِلانَك عِمامَك وصُحبة ومشايخ وكُل الأحبّة
ما كُنتِش تلاقي فـ زماننا إللي فات نهاية وممات
كإن الحياه كات خلود مش حياه !!
تحسّ إن رَبّك مِبارك في أرضَك وناسَك وأهلَك
وديماً تحسّ إنـَّك إنت َمعاه
شعور صعب جداً تحسّه النّهاردة
بتغرَق سنينّا واللهْ يعينّا زمان كان نجاه
زمان جوّ تاني ماليه الأماني
وأحلام بريئة في دُنيا الجَمال
ياريت لو ماضينا يعود تاني لينا لكن شيء مُحال
فصول السِّنين الرّبيع الجميلة
ما زالت بـ يفْرِحني بيها الخيال
في بَرد الشِّتا كنّا ندّفّى لمّة في حُضن الحبايب
وقولةْ يا آبة وقولةْ يا اُمّة وقلبي إللي دايب
وبرّاد وشالية وكوالِح بترعى وعيش ويّا دُقّة
وسِتّ الحبايب تصُبّ الحنان
شوارع حواري نواصي ومساطِب
حياه كات أمان
تنام بعد ساعة صلاة العِشا
تقوم ع الجماعة لـ فَجْر وآذان
تروح للقرايب يجولَك وصال
وكان صعب تلقى طلاق وإنفصال
شهامة وقَوامة وأزواج تغير
وناس كات حكيمة بتفهم تريّح
تقدّر وتسنِد في وقت الشدايد تجيلَك تطير
ما كُنّاش بنسمَع فـُلان أو فُلانة
وستْر الخلايق أمانة وشجاعة تردّ الجبان
عادات كات جميلة في كل البيوت
تلاقي إللي مادِد إيديه للعطاشة
بـ زير ويّا ٌقلّة وتشرَب تقرقَر
كأنك بتشرب وجوّاها سُكّر
كأنك بتشرب وجوّاها سُكّر
وياسمين وفلّة وريحان وعنبر
علي المندرة تفيح بالسّعادة
وسجّادة جِلد المعيز الدَّبيحة إللي كانت
عقيقة لـ مولود جديد
زمان لو تعيشه كأنَك فـي عيد
في أرض الشراقي وأرض البوار
في ثانية تْلاقيها جناين خَضَار
وفلّاح قراري يلــِفّ السُّواقي
ويحيّ الطّبيعة في ليل أو نهار
مِشنّة وجنّة وفـرْش وغـطا
وجمّيزة ضِلّة تنوّر شموعها في صمت الليالي
وغُطسين في ميّه مع البلْبَطة
وريّ الطلُنبة اللي طعمه في بالي
وضرْب الهُدوم بالخشب ع التّْرع
وأبراج حَمَام تهيج بالسَّلام
وشمِّ النَّسيم كان لوحدُه نسيم يعطّر حياتنا بخفّة ودلع
والعاب كتيرة بسيطة وجميلة
مراكِب عرايس وكرتون وطوق
مراكِب عرايس وكرتون وطوق
وطيّارة غاب تطيّرها فوق
ربابة وزيكو وباتا وأميجو وراجوز يصقَّف في إيد الولاد
وماريو وأتاري ولا حدّ داري بإن الليالي هتقلِب سـَواد
وبِلْيُ وأساتِك وأُولى ونِبَل
وروعة أغاني حَميد معْ هِشام وفؤش ودياب
وعامِر وراغـِـب ودرش وإيهاب
ومن قبل مِنهم حليم ويّا ثومة فـ شرايط كاسيـت
ما فيش لحظة حِلوة فـ ماضينا إتنسِت
مقاعِد سطوح ونظرِة طموح فاكِرها القمر
ونام يلّا بدْري عشان بُكرة عيد
هتصبَح تكبّر وتلبِس جديد كفايا سهَر
سريرنا الخشب دولابنا إللي كنّا ننام جوّا منّه
ونحلَم بـ بُكرة إللي فاكرينه أحلى لكن جه بتعَب
في بيتنا القديم مكيّف إلهي بطوب الحيطان
وأُم الطيابة وفطيرها المشَلتِت في جوّ الغيطـان
وطبليّة فوقها الفتيلة بـ جاز
تذاكِر عليها تجيب إمتياز ومن غير ضمان
وخالتَك عزيزة وغسيلها اللي يفْرِح
وريحْته الجميلة إللي كانت تهَفهَف بأنسام ونور
وفُرن وصينية بطاطس من إيدْها وعجين الماجور
ومُنْخُل يصفّي نِخالة الدِّقيق إللي نازِل يدور
وعيشها الملدِّن مع جبنة حادقة تخلِّيك تثور
وأصناف محاشي مندّيّة أطعم بـ نار الكانون
ونور لمّا يقطع بـ يرجع بلمبة بـ صهّار وجاز وأوقات وابور
وترعة ووز وجوّ إبن عِز في قرية وعزبة ونجع وكفـور
وزَلعَة تحدَّق داخِلها الجِبَن وعِشّة وفيها الفراخ والطُّيور
حياه كات بتِفرِز قلوبنا اللبن بـ حُب وشياكة ولُطف وحُضـور
وبنت الجيران الجميلة إللي كانِت تدوِّب قلوب
بهمسة ونظرة وبسمة وضحكة تخلِّيك تدُوب
وسيدي وسِتّي هنايا وسعادتي
وكنت أمّا أشوفهُم أحسِّ إنّي عايش في أمن وأمان
تنام فوق سريرهُم وتحلَم بـ بُكرة إللـي ضايع وطايش
أنا لسّه فاكره ساعات كان يزيّق ومحْلي بـ غوايش
براءة فـ صداقة وأخُوّة فـ أبٌوّة فـوق المسطَبة
كفوف خير وطبّة بـ نصايح مَحبّة مع الطَّبطبة
ليالي ماضينا حياه تانية فينا
ليالي ماضينا حياه تانية فينا وثانيتها أجمل من أجمل مدينة
ومولِد وصاحبه إللي غايب ما غاب
دا غنّى وفقّر وأذّن وكبّر وصلّى وتاب
في بيتنا القديم شقاوة وهداوة
وناس كات نَقاوة وحُب وصفاء
برغم البساطة حياه كات رخاء
مشاهد لا يمكن تفارِق خيالي
شايلها في قلبي وعقلي وبالي
وداعاً يا أجمل ما عشت فـ حياتي
وداعاً يا أغلى وأحلى ليالي