اخبارشعر

شفافية النقد في مواجهة النصوص الأدبية (بين الحضور والغياب) الدكتور سيد فاروق.

كتب حنان محمد 

 

بين الحضور والغياب

يعد النقد الأدبي فن من فنون القول وأحد أهم الأدوار الأدبية الرائدة لحركة الإبداع في شتى الأجناس، وله عامل كبير في تمييز الجيد من الرديء في فنون الأدب، وإطلاق أحكام قيمة على النصوص الأدبية، وتبيان ما لها من سلبيات وإيجابيات

وهنا نقول لابد أن تتوفر لدى الناقد الذي يقوم بهذه العملية آليات عدة، منها القراءة والمطالعة بشكل مستمر، والاطلاع على الأعمال الأدبية، وامتلاك نظرة خاصة،

وخبرة طويلة في هذا المجال؛ ليتمكن من إطلاق الحكم على النص الذي يتناوله، مع الإشارة إلى عدم ضرورة التقيد بمعايير النقد ذاتها، حيث أن كل نص يختار تلك المعايير حسب طبيعته، وما يناسبها من تلك المعايير، بيد أن الالتزام واجب بالموضوعية في العمل،

والابتعاد عن التجريح والإساءة، أو التقليل من قيمة النص وأهميته بشكل مقصود، أو غير مقصود وهذا يعتمد على روح الناقد السمية وسماته السمحة التي تظهر في التناول بكل حيادية وانصاف.

ولا يستطيع الناقد تقديم قراءة موضوعية حول النص ولا القيام بهذا الدور ما لم يكن هناك نتاج أدبي، وحركة أدبية نوعية، بالإضافة إلى توفّر الوعي لدى أبناء المجتمع بضرورة وأهمية الأحكام النقدية،

وفهم مقاصدها وغاياتها؛ من أجل توضيح ما غمض من النصوص أولاً، وتبيان جمالياتها، سلبياتها، إيجابياتها وأهميتها ثانياً، وبالتالي تحقيق إقبال أكبر على النص، وخلق الثقة لدى الكاتب نفسه بأهمية نتاجه وقيمته، وهذا في معرض الإشارة إلى النقد الجاد الهادف والبناء.

إن غياب النقد الحقيقي يؤثر سلبا في الشعراء بل على الإبداع بصفة عامة, وإذا كان النقد هو عملية تقويمية, كما أنه الحكم على النصوص بتبيان مواطن القوة ومواطن الضعف,

وهذا بطبيعة الحال في صالح الإبداع, مع التفرقة الدقيقة بين ما يمكن أن يعد نقدا, وما هو نقض وهدم, وللأسف الشديد تداخلت عوامل مجتمعية وثقافية كثيرة أدت إلى غياب النقد الحقيقي على الساحة الأدبية الجادة,

أو بمعنى أدق غياب النقد عن النصوص الأدبية والشعر المتميز, في ظل احتفائهم بما هو هزيل أو حداثي كما يقولون، وربما جاء الاحتفاء بالنص من سبيل المجاملة، أو المصلحة الشخصية

كما هو منتشر الآن من تناول نصوص لا علاقة لها بالشعر الحقيقي من قريب أو بعيد, أو ذلك الشعر الذي يتسم بالتهويم أو الغموض والإيهام, ومن ثم ترك الإبداع الحقيقي الجاد،

ولعل غياب النقد عن هذا الشعر الحقيقي أثر كثيرا في نفسية كثير من هؤلاء المبدعين, ومن ثم إصابة الكثير منهم بالإحباط, بل وانصراف بعضهم عن عالم الشعر؛ لإحساسهم بالتجاهل من قبل النقاد بل والمؤسسات الرسمية التي لا تأبه بهم.

ولذا فإن من الأهمية بمكان أن يجيد الناقد التعامل مع النصوص الأدبية على اختلاف أجناسها، وكشف ما بها من غيمات معتمة وإضاءة أركانها، ثم العمل على تأصيل وتصنيف موضوع النص المنقود،

ثم بيان محاور التناول الموضوعية حول المضمون الذي جاء به النص ولا بد أن يكون هذا التناول يشمل النص الأدبي بجميع محاورة، ويوضح ما اتكأ عليه الكاتب من آليات ورموز ومحاور، وفنيات ومضامين مختلفة لتمرير أفكاره وتبين مراميه،

وهذا كله لا ينتج إلا عن معايشة حقيقية مع النص، وقراءات متعدده متأنية لاستبانة ما حواه النص من غموض وأفكار وهو جهد عظيم افتقده الواقع الأدبي في التناول والتعاطى مع النصوص في واقعنا المعاصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى