نص (بين رحى الأقاويل ورياح الظنون) للفراشة الحالمة الأديبة نجوي سلام.
كتب حنان محمد
بين رحى الأقاويل ورياح الظنون
في فلك الحياة حيث تدور رحى الأقاويل، وتهب رياح الظنون بلا هوادة، يبرز الإنسان كصرح من اليقين يتحدى عواصف الشكوك. كالجبل الأشم، لا تزعزعه الشائعات ولا تلوي عنقه الأوهام. يقف شامخاً، متجذراً في أرض الواقع، متمسكاً بأصوله كأنه شجرة الأرز العتيقة التي تتحدى الزمان.
“لا تهتز لرياح الأقاويل والظنون”، صدى هذه العبارة يتردد في أروقة العقل، مثل نداء الحقيقة الذي يخترق ضجيج الأكاذيب. إنها دعوة للتحلي بالصبر والحكمة، لنكون كالسفينة التي تعبر المحيطات، تتقاذفها الأمواج لكنها لا تغرق، لأنها مسلحة ببوصلة الإيمان وشراع الثقة بالنفس.
في هذا العصر، حيث تتسابق الألسنة في نشر الإشاعات، وتتنافس الأذهان في تصديق الوهم، يصبح الثبات على الحق والتمسك بالمبادئ معركة يومية. كالنجم الذي يهدي السائرين في ليل الضلال، علينا أن نجعل من قيمنا منارات تضيء دروبنا وترشدنا إلى مرافئ الأمان.
الإنسان الذي “لا يهتز لرياح الأقاويل والظنون” هو الذي يعي قوة الصمت ويقدر عظمة الكلمة. يعلم أن الكلام قد يكون دواءً وقد يكون داءً، فيختار الصمت حين يكون الكلام زائداً، وينطق بالحق حين يكون الصمت خيانة.
كن كالشجرة التي تعطي بلا حدود، تظلل الأرض وتثمر بالخير، ولا تسقط أوراقها إلا لتعود أقوى وأكثر خضرة. كن كالنهر الذي ينساب بين الوديان، يروي الأرض ويحيي القلوب، ولا يتوقف عن الجريان مهما كانت العقبات.
فلنكن كالمراكب الشجاعة التي تبحر في عباب الحياة، تواجه العواصف بقلب جريء وروح لا تعرف اليأس. تحمل على متنها أحلاماً وآمالاً، وتبقى متمسكة بدفتها، موجهة بوصلتها نحو الهدف، محافظة على هويتها وسط تقلبات الزمان.