مقال عن (الشعر النبطي / الشعبي وحتمية التطوير) للكاتب السيد فاروق.
كتب حنان محمد
الشعر النبطي / الشعبي وحتمية التطوير
لقد احتفى الشعر النبطي بأغراض الشعر الكلاسيكي من مدح وفخر وهجاء ورثاء وما إلى ذلك وظل يطوف في هذا الفلك عقود متعاقبة، ﻭﻟﻤَّﺎ كان ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ نابع من وجدان الشعب ومعبرا ﻋﻥ ذاته،
فإنه وجب عليه التطوير لينغمس في الوجدان الاجتماعي والسياسي والثقافي للشعب كي يكون ﻤﻼﺯﻤﺎ ﻟﻪ ﻓﻲ يومياته ويصبح بحق لسانه ومرآته العاكسةله، ومعلما من معالم ثقافته.
نعم ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ معلم ﻤﻥ معالم ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ووسيلة لغوية عميقة التأثير يصور جميع مناحي ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﻤﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ، ﻭﻫﻭ بشكل ﻋﺎﻡ يغطي مختلف تفاصيل ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ اليومية ﻟﻠﻔﺭﺩ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ.
إننا نرى إنَّ ﻗﻭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﻓﻲ الانتشار وجلب ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ به،
تكمن ﻓﻲ عفويته وبساطة ﻟﻐﺘﻪ وتعبيره ﻋﻥ ﻫﻤﻭﻤﻬﻡ ﺩﻭﻥ تعقيد أو تزييف، ﻓﻬﻭ صورة حقيقية لهم وتعبر عن حالهم، وكي يظل انتشار ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ فلابد أن يعبر ﻋﻥ هذه الأحوال اليومية كما يعبر عن ﻫﻤﻭﻤﻬﻡ ﻓﻲ مناسباتهم ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ والخاصة ﻭﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ، أفراحًا، وأطراحًا،
ولذا وجب على الشعراء النبطيين وشعراء العامية ﺃﻥ يتضمن إبداعهم تطويرًا فاعلًا مدعومًا بنظرة شمولية تمتد ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ومشكلاته، وتاريخه، ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ، والإقليمية والارتباط بالأرض، ﻭﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ، كي يؤثر في الضمير الجمعي لأبناء الأمة العربية.
إن هذا الإنداماج بالواقع المعاصر يجعل من ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ذاكرة الأجيال ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ، كما كان ﻓﻬﻭ يسجل تاريخهم ﺍﻟﻤﻠﻲﺀ بالأحداث والبطولات، فيكون ﻫﻤﺯﺓ وصل بين ماضيهم ومستقبلهم القادم ﻋﻠﻰ قيم الماضي التليد، وطلل التراث البعيد،
ﻭﻫﺫﺍ ﻫﻭ سر حفاظ الأجيال ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﺭﻭﺙ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ، كما أنه نتاج جماعي ﻤﻥ إنتاج الشعب كله، ﻓﺎﻟﻔﺭﺩ يذوب ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ الفردية،
وكذلك ﻓﻬﻭ لم يصمد لمرحلة معينة فحسب، بل ساير الأجيال ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ وواكبها مستلهما منها خبراته، وحافظ على مضمونه وشكله الأساسيين، فلابد إنَّ يواكب التطور والتغير السريع في البيئة المحيطة كي يحافظ على مكانته العريقة.
عوامل تطور الشعر الشعبي / البنطي
*********************
هناك عدة عوامل تؤثر في تطوير الشعر الشعبي / النبطي من
أهمها:
1- التاريخ والتراث الثقافي: يلعب التاريخ والتراث الثقافي دورًا كبيرًا في تطور الشعر الشعبي في المناطق العربية، حيث يعتبر التاريخ والتراث الثقافي هو جسر العبور إلى المستقبل عبر الواقع المعاش.
2- التغيرات الاجتماعية والثقافية: لا شك أنذَ التغيرات الاجتماعية والثقافية في المجتمعات العربية تؤثر على تطور الشعر الشعبي، حيث يتم التكيف مع التغيرات المختلفة ومن ثم تطوير الشعر الشعبي بشكل يلائم تلك التغيرات.
3- البيئة الجغرافية: تؤثر البيئة الجغرافية في تطوير الشعر الشعبي، حيث يتم استخدام الموارد الطبيعية والمدن كأحداثيات مكانية في موضوعات الشعر الشعبي حسب المتغيرات والأحداث المختلفة التي تمر بهذه البيئة.
4- التأثيرات الأدبية العربية الكلاسيكية: يتأثر الشعر الشعبي كباقي الأجناس الأدبية المختلفة بالأدب العربي الكلاسيكي والشعر العربي القديم،
حيث يتم الاستفادة من الأشعار والقصائد والحكم المأثورة في تطوير الشعر الشعبي من خلال التناص والمحاكاة والاستلهام بما يتوافق مع طبيعة ومتطلبات الواقع.
5- الاتصالات والتبادل الثقافي: يؤثر التبادل الثقافي والاتصالات المختلفة بين المناطق العربية المختلفة في تطور الشعر الشعبي، حيث يتم تبادل التجارب الإبداعية بشكل أكثر سلاسة ومرونة عبر منصات التواصل الاجتماعي، مما يؤدي إلى تطور الشعر الشعبي / النبطي في كل من هذه المناطق.
وخلاصة القول:
نرى إنِّ جودة المنتج الإبداعي من الشعر الشعبي / النبطي تؤثر على تقدير القراء له وبالتالي في شعبيته، فإذا كان هذا المنتج يتمتع بجودة عالية من حيث الأسلوب والفكرة والتعبير، فمن المرجح أن يحظى بشعبية واسعة.
كما يميل القراء إلى الأعمال الأدبية التي تتناول قضايا مهمة ومؤثرة في المجتمع، مثل الهوية الثقافية، العولمة، الحرية، العدالة الاجتماعية، الحقوق الإنسانية، وغيرها. هذه القضايا والمواضيع لا بد أن يتطرق لها الشعر الشعبي حتى يمكن أن يجذب اهتمام الجمهور وتزيد من شعبيته.
أيضًا يميل المتلقي بطبعه إلى الأعمال الأدبية التي تتوافق مع ذوقه الشخصي وتعبّر عن مشاعره وتجاربه الحياتية، فيجب أن يتضمن تطوير الشعر الشعبي تلبية هذه الاحتياجات من التوافق مع ذوق القارئ والتعبير عن وجدانه بشكل كبير.