حوار مع الموت
الموتُ فاجأني فهالا
حتّی علا وجهي الخبالا
فدنا وحدَّقَ بي ملِيَّا
ورنا وعنّفَني وقالا
يا ابنَ التُّرابِ أما سئمتَ
عُمِّرتَ أعواماً طوالا
تلهو وتبني في خيالٍ
ولرَهۡبتي لم تُلقِ بالا
أغفَلتَ أن الموۡتَ حقٌ
وغفَوتَ تحسَبُه ضلالا
وعرَفتَ أصحابَ اليمينِ
فمضَيتَ في الدّنيا شِمالا
ونُهِيتَ عن أكلِ المعاصي
فشَربتَ آسِنَها زُلالا
وعمِلتَ للدّنيا خدوماً
وضرَبتَ بالأُخرَی النِّعالَا
واليومَ بين يديَّ جِئتَ
فتعالَ يا خِلِّي تعالَی
أحسستُ في صدري بوخۡزٍ
الطعنُ أهوَنُ منهُ حالا
ينقضُّ مُفترِساً فؤادي
لو مرَّ لاخترقَ الجِبالا
سارَعتُ أستعطِفۡهُ حيناً
والدَّمعُ ينهمِرُ انسِيالا
ماذا لو انّكَ يا صديقي
أوسعتَ في الأمرِ المجالا
علِّي أودِّعُ بعضَ أهلي
أو أوصی زوجي والعيالا
وأحُجُّ بيتَ اللهِ مرَّةۡ
وأُتَمُّ بيتاً قد تعالا
وأنالُ حظاً من شبابي
فالشيبُ لم يعلُ القذالا
وأخذتُ أجترُّ الأماني
وأظُنُّني سُقتُ الدلالا
لكنَّهُ ما عادَ يُصغي
بل راشَ بالموتِ النبالا
وأنا أنادي مُستغيثاً
ربَّاهُ أفسِح لي الأجالَا
حتی إذا استعلَی بسهۡمِه
قالت له الأقدارُ لا لا
مازالَ في العمرِ اتّساعٌ
أفسِح لهُ اليومَ المجالا
فتراجعَ الموتُ احتراماً
من بعدِ أن صالَ وجالا
فحلَفتُ لا آتي بذنبٍ
ولو اكتنَزتُ عليه مالا
قد كانَ ذلكَ منذُ عهدٍ
فهل اختلفتُ اليوم حالا!
تابعونا على صفحتنا الفيس بك