أرأيت يوما المدينة السامرة العامرة ، أن أردت أن تراها فعليك بالذهاب إلي مدينة المحلة .
تلك المدينة المصرية العريقة الصاخبة بالحياة الممزوجة بصوت ماكينات الغزل، و طيبة وعراقة أهلها تراهم بسطاء المعشر، شامخين في مواجهة الحياة .
كرماء زرع طيب وأصل متجذر بأرض الأخلاق أنبتت الكثير من الزهور والعمالقة بجميع المجالات .
من بينهم زهرة برية تخطف الأنظار بجمالها قوية تستطيع أن تتحمل رياح الحياة العاصفة، ولكنها محتفظة برقتها كندي الصباح، ورقتها كالزرع الأخضر.
تحتويك كمدينة تعين سكانها علي النهوض، والإستمرار بالسعي، متجاهلة متصيدي الأخطاء كما يتجاهل الطفل الغرباء .
وما أجمل أن يمتلك الإنسان قلب نقي كطفل وعقل ناضج، حاد الذكاء، وإحساس لايخيب .
ملامح وجهها متفاعلة مع محيطها، عليه مسحة من الجمال الطبيعي، دون ضجيج أو صخب.
جمال يتسلل دائما إلي الأخرين يؤنسهم، ولا يصدمهم عليه دهشة وترقب الإنتظار للحظات السعيدة هي الأجمل دائما.
لأنها اللحظات التي تسبق ميلاد الفرحة، ويالها من لحظات ، علي وجهها سمو يرفعها دائما في تسامح، وتقبل الناس والحياة كما هي.
عينها عليها دائما آثار كلام تبدو واضحة في النداوة كأنها بقية دمع، عينها ناطقة بألف معني، يجعلك تستمتع بالحديث معها .
وإكتشاف جمال اخر لديها، جمال يخرجك من طمي الدنيا إلي طمأنينة السماء.
وذهبت من جديد إلي عالم الذكري والسلوي، تقف أمام ألبوم من صور الذكريات.
الأب، الأم، الأخوة ، مأذئن المحلة اللي هي بعدد أيام السنة.
وتقول أن أعظم إختراع هو الكاميرا، لأنها تحبس لنا الزمن وتوقفه بمشاعره وأحساسيه، وأاملت معها صورها.
فإذا بها تخرج لتوها، وكأنها أسطورة من أساطير إغريقية، مفعمة بالحب.
وإذا أردت أن تصف جمال هذا الوجهة الذي ظهر من الألبوم:
فتظل حائرا محيرا فيه جمال نفريتي، وروعة افروديت وبعد نظر زرقاء اليمامة، ضجيج المدنية العجفاء، وصخب حياة الفن والفنانين .
لم يغير من عفوية الوجهة وببساطته، الوجهة مازال يحمل طبية وبراءة الزمن الجميل .
وقلبها خالي دائما من الشر والغموض تتسم بالبراءة والنقاء.
عندها إحساس فطري يشهد دائما علي صدق ماتؤمن به، تجمع بين العقل والقلب، واليقظة والخيال الرحب المسافر حالمة رهيفة.
تتنقل من ذكري إلي أخري عساها تخفف من أحزانها الدائمة، بين واقع مرفوض ترفضه ومفروض تتطلع إليه دائما روحها.
البدايات قالت :
ولدت في بيت الأب كان يدللها ويشجعها علي كل شي تحبه.
وأم تتفهم ولاتشتكي، وهي تطالع ألبوم الصور إطلالتها علي عالم الروح عالم الماضي السعيد.
وقالت إنها دائما تهرع إلي صورة والدها حينما يداهمها عصرا أو إحداثا هي ليست منه إلا بالقياس الزمني.
فهذا العصر الذي ترفضه فيه أنانيته وصراعاته التي تفتقد إلي النخوة والشجاعة .
وتؤكد بأنها تتشابك مع أرواح والدتها، والدها من خلال ألبوم الصور.
وتضيف بأن أرواحا تنفذ من الصور تدرك معه بأن الروح إذا التقت، بمن يشبهها ترممت، وتعافت، وإكتملت.
وإذا تحدثت إليك فإن صوتها يسكن ضوراي النفس، ويقطع صفير الرياح، صوتا يصالحك علي الكون .
العمري تمارس حياتها بطلاقة وسلاسة:
وكأنها تطبق نصيحة أفلاطون أفلاطون قال إذا أردت أن تعيش حياة سوية، تجنبوا الكلمات المنفوخة، فإنها تبعدك عن الحقيقة.
وكانها تقول لنا بأن الحقيقة مباشرة بالقلوب لابالكلمات، لما كان عالمها الفن الراقي المهذب للنفوس لا المهيج للغزائر، فكانت تؤديه في أقدام ونشاط.
هي أدركت إذا كان المرسل صادقا، وصل للمتلقي هذا الصدق، وإيمان بفكرة الرسالة لأن الحياة فكرة ورسالة، وليست أداه يوجهها من شاء إلي ماشاء، والحياة الإنسانية القائمة علي الفكرة مثمرة دائما.
فإذا إنطفا نور الفكرة لم يبقي للرسالة وجود، وأن الحياة الإنسانية أن يتواري كل مافيها من ضياء فلا يبقي من الحياة إلا المظهر المادي .
منذ أن ظهرت علي الشاشة فهي الفتاة الوديعة الرقيقة، كانت دائما تضع لكل شخصية برواز وإطار فني خاص.
وكونها ورثت والدها الفن التشيكلي، وكان لها مرسمها الخاص، فكان كل دور لها وكأنها لوحة فنية من رسمها وعليه بصمتها التي لاتتكرر .
أدت الكثير من الأدوار أبدعت أبهرت، ولكن دورها الخالد في ليالي الحلمية أيقونة الدراما المصرية.
كنت أشاهد من قريب قناة ماسبيرو التي أعادت العمل كاملا بكل حلقاته ، كنت أشاهد الحلقات وكأنني اكتشف “صفية العمري ” في كل مشهد من المشاهد ليالي الحلمية.
لنجد أنها الأشطر والأجمل وأشيك الممثلات المصريات .
أجمل تجسيد للليدي الهانم القادرة، وكانت الجدلية في علاقةمابين سليم البدري الباشا، ونازك هانم السلحدار.
وكأن لسان حالها الذي كان أحيانا كثيرة يكسر كبرياء الهانم الليدي، التي لاتريد أن تظهر ضعيفة، ولكن إذا اضطرتها الحياة أن يري أحدا ضعفها.
فليكن سليم الأمان والركن الشديد، وكأنها تقول أن العلاقات بين البشر لاتقاس بالحب بقدر من تقاس بالأمان.
الحب يتوهج ويخبو أحيانا ، أما الأمان، فهو شعور دائم متصل ، أن أستأمنك علي عيوبي وزلاتي حتي علي تلك الأشياء التي أخاف أقولها لنفسي .
ألا أشعر أنني بحاجة لإختيار عطر أغلى أو أخفي ندبة علي وجنتي فقط لأنني لا أخشي تشوه صورتي أمامك .
علي بعد أيام قليلة تطل علينا ذكري ميلاد الهانم التي والدت فيها كل ثراء الروح والقيمة.
لم تمثل صفية العمري دور الهانم، ولكنها كانت تقر الهانم القابعة في حنايا روحها .
تابعونا على صفحة الفيس بوك.