ثقافةطب وصحة

الضحك حتى الموت ” متلازمة كورو”

كتبت / يمنى تحسين

تُعدّ متلازمة كورو ( kuru)، والمعروفة أيضًا بمرض “الضحك المميت”، واحدة من أندر وأغرب الاضطرابات العصبية التي وُثّقت في التاريخ الطبي.


وقد أثرت هذه الحالة القاتلة بشكل رئيسي على شعب “الفوري” في بابوا غينيا الجديدة، يُعرف هذا المرض بآثاره العصبية المدمرة التي تؤدي في النهاية إلى الوفاة.

وقد أُطلق عليه اسم “مرض الضحك” بسبب التشنجات العصبية التي تحدث في مراحله المتقدمة وتسبب نوبات من الضحك اللاإرادي حتى الوفاة.

بابوا غينيا الجديدة

أصل مرض كورو

 

كلمة “كورو” مأخوذة من لغة شعب الفوري وتعني “الارتعاش” أو “الاهتزاز خوفاً”، وهو مرض ناتج عن بروتينات معدية تعرف بالبريونات (prions).

البريونات هي بروتينات غير طبيعية تسبب اضطرابات تنكسية عصبية عن طريق تعطيل وظيفة البروتينات الطبيعية في الدماغ، مما يؤدي إلى تدهور سريع في وظائف الدماغ.

أسباب الإصابة بكورو

 

يعود سبب ظهور مرض كورو إلى طقوس قديمة كانت تمارسها قبائل الفور في بابوا غينيا الجديدة. حيث كانت هذه القبائل تمارس طقوس “أكل لحم الموتى” كنوع من الاحترام لذكرى المتوفى.

وقد أدى تناول الأنسجة العصبية للمصابين بالمرض إلى انتقال البريونات المعدية لأشخاص آخرين، مما تسبب في تفشي المرض.

وقد أثّر كورو بشكل محدد على الجهاز العصبي المركزي، وظهرت أعراضه بعد شهور أو حتى سنوات من التعرض الأولي.


آكلى لحوم البشر
آكلى لحوم البشر

أعراض مرض كورو

 

يمر كورو بثلاث مراحل رئيسية، حيث تزداد الأعراض العصبية سوءاً مع كل مرحلة:

  1. المرحلة الأولى الحركية: تبدأ الأعراض المبكرة بالارتعاش وصعوبة المشي وعدم الثبات، مما يجعل المصابين يشعرون بعدم التوازن والتعرض للسقوط بسهولة.
  2. المرحلة الثانية غير الحركية: مع تقدم المرض، يفقد المرضى السيطرة على أطرافهم ووظائفهم الحركية، ويصبحون غير قادرين على الحركة. وفي هذه المرحلة، تظهر نوبات الضحك اللاإرادي، وهي إحدى السمات المميزة لمرض كورو.
  3. المرحلة الثالثة النهائية: في هذه المرحلة، يصبح المريض طريح الفراش، ويفقد القدرة على البلع أو الكلام بوضوح، ويدخل في غيبوبة قبل أن يتوفى بسبب مضاعفات ثانوية، مثل العدوى أو الالتهاب الرئوي.

التشخيص والعلاج

 

كان تشخيص مرض كورو يعتمد بشكل كبير على ملاحظة الأعراض والتاريخ المرضي للمريض، خاصةً ما يتعلق بممارسة طقوس أكل لحوم البشر في بابوا غينيا الجديدة.

لم يكن هناك اختبار حاسم لتشخيص كورو قبل الوفاة، حيث كانت خزعات الدماغ إجراءً جائرًا ونادرًا ما يُجرى على المرضى الأحياء.

للأسف لا يوجد علاج لمرض كورو، حيث إن المرض دائمًا قاتل، ولم يُكتشف أي علاج يمكنه إبطاء تقدمه أو عكسه، وبما أن سبب المرض مرتبط بممارسات ثقافية،

كانت الطريقة الوحيدة للوقاية من كورو هي التوقف عن المصدر الأساسي للعدوى، أي الطقوس الجنائزية التي تنطوي على أكل أنسجة البشر. ومع تخلي شعب الفوري عن هذه الطقوس، تراجعت حالات الإصابة بكورو بشكل كبير.

متلازمة كورو
متلازمة كورو

بحلول ستينيات القرن الماضي، قام المسؤولون عن الصحة العامة والباحثون بتوعية شعب الفوري بمخاطر تناول أنسجة البشر. ومع تلاشي ممارسة أكل لحوم البشر الطقوسي، تراجعت حالات كورو بشكل ملحوظ، ولم تُسجل أي حالات جديدة منذ أوائل الألفينيات.

أسهمت دراسة مرض كورو بشكل كبير في فهمنا لأمراض البريونات. وقد كان الدكتور كارلتون غايدوشيك، الحائز على جائزة نوبل، من أوائل العلماء الذين ربطوا مرض كورو بالبريونات، مما مهد الطريق لأبحاث لاحقة في الأمراض الأخرى المرتبطة بالبريونات، مثل مرض جنون البقر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى