مقال”ثالوث الخطر في الإدارة يتحول إلى رباعية مدمرة لدكتور محمد السعيد قطب.
كتبت حنان محمد بعرور

التردد وأمانة العرض وضعف القلم والمصالح الشخصية” دكتور محمد السعيد قطب،..
عالم الأعمال
في عالم الإدارة، حيث تُبنى الأمجاد أو تُهدم الآمال، يتشكل ثالوث خطير يتحول إلى رباعية مدمرة تُهدد أركان القرار: التردد، أمانة العرض، ضعف القلم، والمصالح الشخصية. هذه العناصر الأربعة، عندما تتآمر، تُحول المدير من صانع قرار إلى أسير بلا سلطة، تُسلب منه زمام المبادرة، وتُلقي به في هاوية الفشل. إنها ليست مجرد عيوب عابرة، بل أسلحة تُشعل الفوضى وتُدمر المنظمات من الداخل.
التردد هو الركن الأول في هذه الرباعية المشؤومة.
إنه عاصفة صامتة تُجمّد المدير أمام الخيارات، تُكبّل إرادته، وتُحيله إلى شبح يتأرجح بين الخوف والشك. عندما يتردد متخذ القرار، يصبح كل تأخير خنجرًا في صدر التقدم، وكل لحظة حيرة فرصة تُهدى للمنافسين. لكن التردد لا يعمل بمفرده، بل يتغذى على مقاومة التغيير من الموظفين، أولئك الذين يتشبثون بالماضي كما يتشبث الغريق بقشة. هؤلاء يرفضون الجديد، يُعيقون الرؤية، ويُحولون المنظمة إلى مستنقع راكد.
ثم تأتي أمانة العرض،
أو بالأحرى انعدامها، كالركن الثاني في هذه الرباعية. الموظفون والمستشارون من حول المدير، الذين يفترض أن يكونوا عينيه وأذنيه، يتحولون إلى أعداء خفيين عندما يفقدون الأمانة. يُقدمون تقارير مزيفة، يخفون الحقائق، ويُزينون الأوهام بألوان الحقيقة المزعومة. هذا العرض الخائن يُعمي المدير، يُغرقه في بحر من الشكوك، ويُحاصره بمعلومات مشوهة تُشل قدرته على الحسم. إن عدم الأمانة في العرض ليس مجرد خطأ، بل خيانة تُسقط القرار قبل أن يُولد.
وأما ضعف القلم
، الركن الثالث والقاتل، فهو السيف الذي يفترض أن يقطع الغموض ويرسم الطريق، لكنه يتحول في يد المتردد إلى أداة مهترئة، عاجزة عن مواجهة المقاومة أو كشف الخداع. قلم ضعيف لا يكتب قرارات حاسمة، بل يُسجل الهزيمة بخط مرتعش. هذا الضعف يُكبل المدير، يُسكت صوته، ويُسلمه للموظفين كأسير تُنتزع منه سلطته خطوة خطوة.
وأخيرًا، المصالح الشخصية
، الركن الرابع الذي يُضيف طبقة من السم إلى هذه الرباعية. عندما يسعى الموظفون أو حتى المدير نفسه وراء مصالحهم الشخصية على حساب المنظمة، تتحول القرارات من أدوات بناء إلى وسائل هدم. المصالح الشخصية تُغذي الانتهازية، تُشعل الصراعات الداخلية، وتُحول الفريق إلى ساحة تنافس بدلاً من تعاون. إنها نار تشتعل في الظل، تُضعف الثقة، وتُحيل الرؤية المشتركة إلى سراب.
عندما تجتمع هذه الرباعية
– التردد، انعدام الأمانة في العرض، ضعف القلم، والمصالح الشخصية – تتحول المنظمة إلى ساحة خراب. التردد يُشعل فتيل الفوضى، مقاومة التغيير تُطفئ أمل التقدم، عدم الأمانة يُعمي البصيرة، ضعف القلم يُوقّع على الانهيار، والمصالح الشخصية تُمزق النسيج الداخلي. المدير الذي يسمح لهذه الرباعية أن تسيطر ليس مديرًا، بل ظلًا يتحرك بإرادة غيره، تُسلب منه قوته بينما يظن أنه لا يزال يدير.
الخلاص يكمن في كسر هذه الرباعية:
حسم يُشبه البرق، أمانة تُضيء الحقيقة، قوة قلم تُحطم الشكوك، ونزاهة تُطهر القرارات من المصالح الشخصية. المدير الحقيقي لا يتردد، لا يقبل بعرض مزيف، لا يسمح لقلمه أن يضعف، ولا يُفسح المجال للمصالح الشخصية أن تُلوث رؤيته. فإما أن يُمسك بزمام القرار بيد من حديد، وإما أن يُترك الساحة لمن يملك الجرأة، لأن الإدارة لا تُبنى على أكتاف المترددين، والتاريخ لا يرحم الضعفاء.
تابعونا على صفحتنا الفيس بك