
الماضي لا يموت
تقف أمام مرآتها تتأكد من اكتمال أناقتها تحاول التغلب على شعور غامض بالتوجس والتوتر فهذا اليوم كانت تنتظره منذ ولادة طفلتها (هناء)تهمس لا أصدق أن السنوات مرت بهذه السرعة أصبحت الطفلة ذات الجدائل الذهبية شابة، اليوم يتقدم لخطبتها من اختاره قلبها تتمتم أتمنى ياصغيرتي أن يكون حظك أفضل من حظي وأن لا يكرر القدر فعلته معك فلقد حكم عليَّ ، بفراق من أحببته سنوات بعد أن رفضه جدك متعللا بأن عائلته لا تليق بمستوى عائلتنا ،ابتسمت ابتسامة سخرية سرعان ما تبخرت عندما لامست بأناملها خصلة من الشعر الأبيض الذي غزى مفرقها تتقبله على مضض لأنه يستفزها ويجر عليها كثير من التساؤلات ،تتذكر أيام الصبا والدراسة كم كانت جميلة الملامح متناسقة القوام ،رشيقة الخطى ،أنيقة الملبس وكيف كانت زميلاتها يغرن من جمالها ويتجنبن أن تظهر معهن في أي مكان فقد كانت تغزو قلوب الشباب تستحوذ على اهتمامهم وتخطف قلوبهم دون أن تنبث بكلمة ،تستعيد حاضرها قائلة تلك أيام ولت وانتهت ولن تعود ،تستنكر كيف يحسدها الجميع على أنها من السعداء فلا أحد يشعر بمرارة الأيام التي تحياها فهي لم تعش حياتها كما كانت تحلم وتتمنى ومع ذلك تبذل قصارى جهدها في إسعاد أسرتها الصغيرة المكونة من زوج طيب مسالم لا يميل إلى أي مشاحنات أو جدال ودائما تعمل على إرضائه وابنتهما هناء العروس وابنهما الصغير الذي أطلق عليه والده اسم ( أحمد) دون أن يدري أنه باختياره لهذا الاسم جعلها تعيش الماضي في كل لحظة من حاضرها رغم انقطاع أخبار الحبيب عنها ، شيء ما بداخلها يتمنى أن تراه ولو مرة واحدة في العمر لعله يبدل الملل والرتابة في حياتها يحيي الذكريات يوقظها من سباتها أو يمحي قتامة الأمسيات التي تقضيها بمفردها ،سؤال يلح عليها تُرى أين أراضيه الآن وعلى أي شاطئ رست مراكبه هل يتذكرني مثلما أتذكره أم الأيام جعلتني في طي النسيان ،تنتبه على صوت زوجها طالبا منها أن تصلح من ربطة العنق التي تجيدها أكثر منه ،تفتعل ابتسامة رضا وتلبي طلبه وهي تؤنب نفسها وتعاتبها هامسة لقد عوضك الله عن ظلم أبيك بزوج طيب الخصال كريم هادئ الطباع يحبك أكثر من نفسه ماذا تريدين أكثر من ذلك أنه لا يستحق أن تخونيه ولو بمشاعرك فالخيانة ليست خيانة أجساد فقط ،يقطع صوت هذا الهمس مداعبة من زوجها وقبلة حانية يطبعها على جبينها وصوت ابنتها هناء تستعجلهما بحماس ،يداعبها الأب قائلا اصبري بنيتي فهي زيارة تعارف وليست خطبة رسمية والانطباع الأول يجب أن يترك أثرا طيبا ،تأتي أسرة الخاطب يستقبلهم الأب بكل ترحاب ومن خلفه الأم بحفاوة بالغة وأجمل عبارات الترحيب والفرحة تغمر وجهها وتزيد من بريق عينيها،والد العريس يكاد يتهاوى جسده على الأريكة من هول المفاجأة التي شلت يده عن المصافحة يحاول السيطرة على نفسه وعلى تسارع نبضات قلبه غير مصدق ما ترى عيناه هامسا لنفسه أيعقل هذا وبعد كل هذه السنوات أراك ومازلت بهذا الجمال الأخاذ والذي لم تستطع السنين أن
تترك أثرا عليه ولم تزل عيناك على بريقها اللامع كلمعة نجم يضيء ظلمة السماء ؟
أما هي تسائل نفسها ما هذا الإحساس السابح في شرياني وكأنني لم أكف عن حبك يوما ؟
العريس لم يرفع ناظريه عن عروسه التي توردت وجنتاها من فرط الحياء والفرحة في آن واحد
أم العريس تذُم شفتيها وتهمس في أذن ابنها هي دي العروسة اللي مصمم تسيب بنت خالتك عشانها دي بنت خالتك برقبتها ؟!!!

تابعونا على فيس بوك
https://www.facebook.com/share/1AjzyNfmLP/