مقال

مقال(لماذا أوجد الله الشيطان ) للمفكر والدكتور أمان قحيف.

كتب حنان محمد 

 

لماذا أوجد الله الشيطان

لقد عرفت البشرية الخير يوم أن عرفت الشيطان .. حيث من خلاله عرفنا الشر وبالتالي عرفنا نقيضه وهو الخير .. ويتساءل بعض من يزعمون أنهم ملاحدة عن السبب في وجود الشيطان ويدعي بعضهم أن الله أراد إضلال الناس فخلق لهم الشيطان ليغويهم ويضلهم ! !

والحق أن الأمر يحتاج أن نوضح أن إبليس هو أب للشياطين جميعا .. ولابد أن نعي ما يلي :

أولًا :

إبليس وجنوده ذكروا في مختلف الكتب السماوية وليس في القرآن الكريم فحسب ، فذكره لا يجب أن يُنسب للإسلام وحده من دون الملل الأخرى .

ثانيًا :

هو من الجن ﴿ إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ﴾ [الكهف : ٥٠ ].. والجن مخير كالإنسان وليس مسيرًا كالملائكة .
بالتالي فهو الذي اختار أن يكون كذلك برفضه للسجود لآدم ﴿ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ﴾[ الكهف : ٥٠ ] .

فهو الذي عصى وتمرد ورفض تنفيذ أمر الله .. ولما سأله الله تعالى وهو أعلم بما يدور في نفسه كأنه يحذره من الكبر والتكبر : ﴿ لما لم تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين ، قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ﴾[ الأعراف : ١٢ ] . فقد كان معجبًا بنفسه مزهوًا بها .

ثالثًا :

إبليس هو الذي حدد دوره واختار مسيرته ﴿ فبعزتك لأغوينهم أجمعين ﴾ [ ص : ٨٢ ]. فهو مَن اختار أن يكون دوره إغواء مريديه ودفعهم إلى الشرور والضلالات ..

فالله تعالى لم يجبره على ذلك لأن له حرية الاختيار باعتباره من الجن والجن مخير كالإنسان . ﴿ وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون ، فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا ، وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبًا ، وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ﴾ [ الجن : ١٤ – ١٦ ] .

رابعًا :

لم يفرض الله على الناس العجز أمام إبليس وأعوانه ، بل إنه تعالى كشف لهم النقاب عن ضعف كيدهم وقلة حيلتهم، قال عز وجل : ﴿ إن كيد الشيطان كان ضعيفا ﴾[ النساء : ٧٦] .

موضحًا أن إبليس وأعوانه ليس لهم أي سلطان أو أي اقتدار على الناس جميعا ﴿ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين﴾ [ الحجر : ٤٢ ] .. فمن اتبعوه هم مَن توافقت أهواؤهم مع رسالته ومالت نفوسهم إلى نزعته ،

أما أهل الإيمان الصادق فهو أضعف من أن يغويهم وأقل من أن يسيطر عليهم . لذلك استثنى إبليس نفسه أهل الإخلاص من الغواية وأعلن هزيمته أمام ورعهم وأعلن انكساره أمام تقواهم ﴿ إلا عبادك منهم المُخلَصين ﴾ .

خامسًا :

لا يتوقف الأمر عند حدود أن الله تعالى أعان المخلصين على وساوس الشيطان بأن جعل كيده ضعيفًا ، بل إنه سبحانه وقف بجانب آبناء آدم جميعا ونبههم إلى ضرورة رفض إغواء الشيطان وألاعيبه مع أهمية عدم اتباعه ،

كي لا يقعوا في فتنته كما حدث لأبويهم ، قال تعالى : ﴿ يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ﴾ [ الأعراف : ٢٧ ] .

فالذين ساروا مع الشيطان وطغمته هم الذين أرادوا لأنفسهم هذا المسير .. وسبحان الله فقد أشار القرآن الكريم إليهم ، ونبههم وحذرهم من اتباع طريق الغواية الإبليسية [ إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ﴾ [ الكهف : ٥٠ ] ..

ولاشك أنهم فعلوا ذلك تحللًا من التكاليف .. وميلًا مع الهوى .. وسيرًا خلف الأضاليل الفكرية المنتشرة بغزارة بين قليلي العلم والمتعجلين من أصحاب الأهواء .

وهذه الضلالات إما وافدة علينا من الخارج أو نابعة من عندنا بالداخل حيث تتولد أفكار مغلوطة في أذهان بعض نفر منا ليل نهار خاصة في العصر الحديث ،

فيتعجل أكثرهم في اتخاذ المواقف ويتسرع معظمهم في إصدار الأحكام من دون بحث أو تدبر أو تفكر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى