قصة قصيرة (فنجان قهوة) للكتابة والإعلامية حنان محمد.
كتب حنان محمد
فنجان قهوة
كانت دائمًا تداعبًه بطلبها أنْ تحتسي معهُ فنجانَ قهوة، وينتهي المزاحُ بينهما دائمًا دون الاتفاق على موعد لاحتسائه. وفي يوم أحست أنها تريد الحديث معه،
فحدثتهُ وقالتْ له: إنها خارج المنزل، آملةً أن يعرضَ عليها أن يتناولا القهوةَ معًا، فرد: صاحبتك السلامة. فقررت أن تطلب هي منه ذلك، وخافت أن يفهم أنها مُزحةٌ ككلِّ المراتِ السابقة، فأكدت وقالت: إن أردتَ ذلك فليسَ هناكَ إجبارْ،
ليعلم أنها جادةُ هذه المرة في طلبها، فأجابها: لا أريد أن يرانا أحد، حتي لا يقال أي كلام بدون داعٍ، فأجابته: تمام. وساد الصمتُ فأغلقت هاتفَها. كانت تمشي في الطريق لا تري كأن مقلتيها محجوبٌ عنهما الرؤية.
أفاقت من سرحتها علي صوتِ سائق تاكسي يصرخ في وجهها: أنظري أمامك كدتِ أن تموتي وتتسببي لي بمصيبة، فأعتذرت له وركبت معه ليوصلها إلي منزلها. في أثناء جلوسها راحت تحدثُ نفسَها.. ألسنا صديقين ..
أيخاف من كلام يقال أو يخاف علي سمعته؟ وأنا.. أليست لي سمعةٌ أخافُ عليها أيضًا. فأنا لم أحتسِ القهوة مع أحد من قبل.. لكنني كنت أحسُّ بأنني لستُ بخيرٍ فأردتُ الحديث قليلًا مع صديقي الذي أرتاح له..
فماذا سيقال؟ فنحنُ صديقان نتقابل في مكان عام أمام الناس.. أيجبُ علينا الإختباءَ فلا يرانا أحدٌ.. حتي لا يتكلم علينا، مادمت لم أفعل شيئًا خاطئًا لا أبالي بكلام الناس، إن الاختباء هو الخطأ بحد عينه،
فلم أكن أعلم بأنه جبان لا يستطيع أن يحمي نفسه فكيف كان سيستطيعُ أن يحميني. لكنها مازالت تعتبرُه أقرب إليها، فكم من المرات لجأت إليه ولم يخيبها، والآن تسألُ نفسَها: هل أبتعدُ ولا أتحدثْ معهُ؟ هل هذا ما أراد أن يوصله لي وأفهمه، أم أحدثُه ثانيةً؟ وإن حدثته هل سيجيبني؟ وإن أجابني.. أعتقد أنه لا يجب أن أذكرَ فنجان القهوة.