قصص

لـــــحــــم الـــكــلاب……لـــــحــــم الـــكــلاب

بقلم: أحمد محمود شرقاوي

امبارح جوزي اداني مصروف الشهر وزود عليه 500 جنيه عن المُتفق عليه, وده ببساطة عشان أمه جت من تاني إسبوع جواز تقعد معانا, وانا معارضتش الأمر وكنت شايفة إن ده واجب عليا, وإن كل الخير اللي هعمله فيها ربنا هيرجعهولي أضعافا مُضاعفة, عشان كدا لما حصلت مشاكل كتير بعد ما جتلها جلطة بعد فرحي بيومين ومحدش من اخوات جوزي كان عاوزها أنا اللي طلبتها تيجي, ووعدته إني هشيلها في عنيا كمان, وده لأني معرفش أعمل غير كدا, ولو بعمله لوجه الله فبرضه جوايا جزء كبير بيعمل ده عشان الراجل اللي محبتش في حياتي أده..
وعشان بس حياته تبقا مستقرة قررت أضحي بسعادة العروسة اللي لسة متجوزة من اسبوع وأجبها عندي, بل واستقبلها أحسن استقبال, بس المُريب انها أول ما شافتني بدأت تترعش وترجع لورا كأنها خايفة مني, وحتى لما حطيت إيدي على كتفها بدأت تترعش وجسمها يتوتر أكتر, لدرجة إني تخيلتها قطة من قطط الشوارع جسمها بيكش كل ما بتمد إيدك ناحيتها أكتر, صعبت عليا أكتر ووعدت جوزي انها هتكون في عنيا, ومسافة ما جه ميعاد الشغل اداني مصروف البيت واداني 500 جنيه تانيين وقالي إن دول خاصين بالأكل بتاع أمه, لأنها لازم يوميا تاكل فراخ أو لحمة, وبما إنها مش هتاكل زينا فلازم يتعملها مكان مخصوص لأكلها في التلاتجة, فطار معين, وغدا كله بروتين, وعشا خفيف, ورغم إني حاولت أطمنه إني هقتصد وأعمل كدا من مصروف البيت بس رفض وقال إنه كفاية أوي عنايتي بيها ومش هيجي عليا أكتر من كدا..
كنت واثقة إنه هيشيل الجميل لأنه انسان أصيل, رغم إني بعمل كدا لوجه الله مش أكتر, نزلت السوق بسرعة بعد ما فطرت حماتي اشتري الأكل وطبعا اشتريت لحمة وفراخ وسمك عشان كل يوم اعملها نوع بروتين مُعين, ورجعت اطمنت عليها وبعدها وقفت في المطبخ عشان أعمل الأكل..
شوية وبدأت أسمع صوت غريب جاي من أوضة حماتي, وقفت الغسالة وركزت مع الصوت الغريب اللي كان واضح أوي, صوت حد غضبان وبيتكلم بصوت غير مفهوم وكأنها لغة تانية خالص, وحماتي بترد عليه بصوت همس وكأنها بتكلم ملك الموت ذات نفسه, معرفش ليه شعر جسمي كله وقف وكأن فيه شيطان واقف ورايا, قربت من أوضتها بشويش وبصيت عليها, لقتها واقفة زي المعوقة ورجليها ملتوية بطريقة بشعة, ومدياني ضهرها وبتبص للحيط, ناديت عليها بشويش, ومسافة ما سمعتني شهقت شهقة خلت جسمي كله يتنفض ووقعت على السرير, جريت عليها وحاولت أطمن عليها لقتها بتتنفس ومفيش فيها أي حاجة…
اللهم إلا من الرعشة المستمرة والخوف مني كل ما إيدي تلمسها, عذرتها لأن التعب اللي فيها غير مفهوم بالفعل, ورجع جوزي واتغدينا, وشوفت في عنيه استفسارات كتير, قرأتها كلها وطمنته إن الأمور تمام وانا مبسوطة إني بعتني بيها ومش هيجي يوم وازهق منها, طبطب عليا وحسيت منه بامتنان كبير خلاني طايرة فوق السحاب..
شوية ودخلنا أوضتنا وكان جايبلي هدية وبدأ وصلة طويلة من الكلام الرومانسي لدرجة إني كنت تايهة وحاسة إني في دنيا تانية خالص, بس بدون أي مقدمات حسيت بقبضة غريبة مسكتني وبشعور بالرعب, كنت وقتها في حضنه ووشي ناحية باب الأوضة, لقيت حماتي واقفة ووشها غضبان أوي, ضوافرها طويلة وعنيها بتطلع شرار, وبتبص علينا بصة مُرعبة, الغريب إني مسافة ما شوفت المشهد ده لساني اتعقد كأني مشلولة, جسمي بس اللي كان بيتنفض بطريقة غريبة بين إيديه, لدرجة إنه اتوتر أوي وفضل يهز فيا, وانا عنيا جاحظة ناحية باب الأوضة, لف بسرعة وبص ناحية الباب بس في اللحظة دي بس كانت اتحركت واختفت من المكان, وملحقش جوزي يلمحها حتى, فضل يهز فيا عشان يفهم انا فيا ايه وانا مش قادرة أتكلم بنص كلمة..
وفكرت الف مرة, هل أقوله أمك بتخوفني وانا اللي طلبت منه يجبها, ولا أسكت ومتكلمش بنص كلمة, في النهاية لقيت إن الأفضل متكلمش بنص كلمة, وبلغته إني متوترة وحاسة بشوية إرهاق, عرض عليا إننا نكشف بس قولتله إن الموضوع مش مستاهل إطلاقا, وعدت الليلة ونوعا ما تناسيت اللي حصل..
وبدأت روتين اليوم التاني, عملت نص فرخة مسلوقة وطبق شوربة دافي ودخلت بيه لحماتي, حطتلها الأكل على السرير وروحت أكمل باقي الأكل عقبال ما تاكل خاصةً إنها رفضت تماما تاكل من إيدي وكأني هموتها, بس مسافة ما رجعت المطبخ بدأت أسمع صوت كلب بينبح في أوضة حماتي..
ومن الرعب والخضة وقعت حلة الشوربة كلها ولولا ستر ربنا كانت وقعت عليا دمرتني, مسكت عصاية المقشة وانا مرعوبة من فكرة إن فيه كلب في أوضة حماتي, قربت من الأوضة وشوفت مشهد من هنساه طول عمري, انا شوفت كلب واقف زي البشر وهي قاعدة بتاكل من طبق قدامه, والطبق كان فيه كلاب صغيره أوي, وكأنها كلاب صغيرة مسلوخة وحية, مش فراخ خالص من اللي انا عاملاها, وكان الكلب وكأنه بيجبرها انها تاكل من الطبق وعمال يزوم عليها..
انا متحملتش لحظة أكتر من كدا ووقعت من طولي, مصحتش غير على جوزي وهو بيصحيني بقلق وبيسألني انا ليه واقعة في الصالة كدا, مسافة ما صحيت مسكتني حالة رعب رهيبة وبدأت اتنفض واصرخ بهيستريا, نص ساعة وانا مش قادرة أنطق غير بكلمة واحدة بس “الكلب, الكلب”
وفين وفين لحد ما هديت وبدأت أحكي لجوزي كلام غير مفهوم, بس شوفت في عنيه نظرة غريبة أوي, طلبت منه يحكيلي ويفهمني لأني هموت لو كملت في البيت ده لحظة واحدة, قالي إن أمه ممسوسة من سنين طويلة من الجن, وكل ما بتروح مكان بيحصل مشاكل, عشان كدا اخواته محدش فيهم بقا طايقها, وده السبب انها ولا حضرت فرح ولا اتفاقات الجواز واتقال انها مريضة مش أكتر, وقتها بس بدأت أعيد حسابات كل حاجة, الست ممسوسة وهتجبلي الجن لحد بيتي, انا استحالة أقدر أتحمل حاجة زي دي..
وفضلت ليلتها خايفة, فاقدة لإحساس الامان, ومش قادرة أتمالك أعصابي من الأساس, جوزي وعدني انه هيجيب شيخ يعالج أمه, وطلب مني أصبر يومين بس لأنه استحالة يرمي أمه في دار مُسنين, ورغم كل حاجة ملقتش غير حل واحد وهو إني أستنا يومين بس لحد ما فعلا الشيخ يجي ونشوف حل, وجوزي مطلعش على شغله تاني يوم غير لما حطينا الأكل بتاعها وقفل عليها الباب وقالي مدخلش عليها خالص لحد ما يرجع من شغله بدري وهيحاول يجيب الشيخ انهاردة قبل بكرة..
وفعلا فضلت يمكن لحد الضهر مش سامعة صوتها من الأساس رغم إني كنت مرعوبة تماما, لحد ما سمعت صوتها بتنادي عليا, معرفش امتا رجعت تتكلم, وامتا بتنادي بالهدوء ده, رديت عليها من بعيد بس طلبت مني أروحلها لأنها عاوزة تدخل الحمام, وفعلا روحتلها, وسندتها وانا بستعيذ بالله لحد ما دخلتها الحمام وقفلت عليها, ودخلت الاوضة بسرعة أغير الملاية وانضف حوليها, بس وانا بنضف شوفت الطبق بتاع الأكل, وشوفت بواقي كلب, كلب في قلب الشوربة, كلب كأنه لسة مولود صغير خالص ومتاكل منه أجزاء..
تمالكت نفسي عشان مقعش من طولي تاني وخرجت بسرعة, في اللحظة دي سمعت صوت تاني في أوضتها, يارب استر, دخلت أشوف فيه ايه ولقيت حماتي نايمة مكانها, خرجت امتا من الحمام وازاي مشوفتهاش, مش مهم, المهم ان الموضوع خلص, طلعت برة تاني, وقدام عنيا شوفتها خارجة من الحمام, هنا مقدرتش أتحمل ووقعت من تاني..
جوزي رجع واتكرر نفس المشهد, كان باين عليه الهم والغم, خاصةً إن الشيخ مجاش, قالي انه هيوديني بكرة لبيت أهلي لحد ما يتصرف في الموضوع, حاولت أواسيه وأخفف عنه معرفتش, كانت الدموع متحجرة في عنيه, مقهور, قليل الحيلة وانا حاسة بيه..
وفي نص الليل سمعنا صوت شهقات خشنة وعالية أوي, كأن فيه مليون انسان بيحتضر, صحينا مفزوعين لقيت حماتي عمالة تشهق ووشها أزرق وكأنها بتموت, جوزي نط من مكانه وجري يشوف دكتور لأنها كانت مبتتحركش وكأنها لزقت في مكانها, وانا قعدت جمبها أحاول أسعفها بأي طريقة, فضلت ترجع دم بعد لحظات بطريقة مُخيفة لحد ما هديت تماما, كان باين عليها انها بتحتضر, بتموت, وبدون أي مقدمات لقتها بتتكلم, بتتكلم بهدوء وكأنها صغرت 20 سنة, بتتكلم وكأنها بتوشوش نفسها او كأني مش موجودة..
“اتجوزت من سنين طويلة في بيت عيلة مع حماتي, جوزي وصاني على أمه أكتر من مرة وإني أهتم بأكلها, كان بيديني فلوس كتير عشان أجبلها فراخ ولحمة, بس أنا كنت بوفر الفلوس دي لنفسي, وكان ورا البيت فيه كلبة والدة 7 كلاب, كنت باخد منهم واحدة يوميا أعملها وأخلي حماتي تاكلها, مكنتش شايفة إني بعمل حاجة غلط, ما ده بروين وده بروتين, عملت ده تلت مرات بس, وفي المرة الرابعة حماتي ماتت, ومن تاني يوم ظهرت في حياتي, ست شبه حماتي ويمكن شبهي أكتر, حولت حياتي لجحيم, لحد ما بقيت بتشل وأقوم واتشل وأقوم, وكل ما كنت باكل لحمة أو فراخ كنت بلاقيها اتحولت لحتت من جثث الكلاب, وكان غصب عني لازم أكل منها, لحد ما روحت لمرات ابني الجديدة, كنت خايفة منها تعمل فيا زي ما عملت في حماتي, بس كانت بنت محترمة وشالتني, بس هي رفضت تسيبني أعيش طبيعي, ودلوقتي وانا بموت ندمانة, كان نفسي اعمل مع حماتي زي ما مرات ابني عملت معايا, أتعامل معاها برحمة, لأن زي ما قالوا كما تدين تُدان, بس مرات ابني هي اللي هتشوف الخير مش انا, لأنها اتعاملت معايا برحمة, أما انا اتعاملت مع حماتي كأنها بهيمة ممكن تاكل أي حاجة, حتى لو كلاب لسة مولودة”
قالت الكلمتين دول وماتت, ماتت وانا لسة لحد انهاردة مش مستوعبة إن بس ممكن ست تأذي حماتها ولو بكلمة عشان مريضة, فما بالك باللي عملته ده, ربنا يسامحها..
“الراحمون يرحمهم الرحمن”

تابعونا على  صفحتنا الفيس بك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى