شعر

قصيدة “شهر رمضان” للشاعر محمد نجيب الجزار

كتبت : حنان محمد بعرور

شهر رمضان
ظَهَرَ الْهِلَالُ فَأُعْلِنَ صَوْمُهُ
فَمَرْحَي بِشَهْرِ الْجُودِ وَالْبَرَكَاتِ

وَطِئَ الْجَمِيعُ الشَّوَارِعَ وَانْتَشَوا
قَدْ أَكْثَرُوا مِنَ الْغَدَوَاتِ وَالرَّوَحات

وَتَهَانَأَ الْأَحْبَابُ ثُمَّ تَصَافَحُوا
وَتَجَاوَزَ الْبَعْضُ لِلْبَعْضِ عَنْ هَفَوَاتِ

ألَيْسَ يَجْمُلُ بِالْخُصُومِ أَنْ يَتَسَامَحُوا
فَإِنَّ الْخِصَامَ يُنَقِّصُ الدَّرَجَاتِ

وَقَطَعَ الصِّغَارُ السُّكُونَ وَهَلَّلوا
وَنَسَجُوا الْخُيُوطَ وَعَلَّقُوا الرَّاياتِ

وَرُفِعَ النِّدَاءُ عَلَي الْمَآذِنِ مُبْهِجًا
فَذَابَ الْفُؤَادُ لِرَوْعَةِ الْكَلِمَاتِ

وَغُصَّتْ بُيُوتُ الْكَرِيمِ بِضَيْفِهَا
وَقَامُوا صُفُوفًا أَخْلَصُوا الدَّعَوَاتِ

وَتَصَدَّرَ الْإمَامُ الصُّفُوفَ وَأَحْرَمَا
وَبِصَوْتِهِ الْعَذْبِ يُرَتّلُ الْآياتِ

وَتُلِيَ الْكِتَابُ الْكَرِيمُ مُيَسّرًا
يَشْفِي الصُّدُورَ وَيُسْكِبُ الْعَبَرَاتِ

صُومُوا فَإِنَّ الصِّيَامَ شِرْعَةُ رَبِّنَا
مَحْقُ الذُّنُوبِ وَرِفْعَةُ الدَّرَجَاتِ

بِهِ تَصِحُّ أَبْدَانُ الْعِبَادِ وَإِنَّمَا
حُرِمَ الْمَزَايَا مَنْ يَعْبُدُ الشَّهَوَاتِ

لاتُفْسِدَنَّ أُخَيَّ الصِّيَامَ بِنَظْرَةٍ
فَكَمْ ضَاعَ صَوْمُ الْمَرْءِ بِالنَّظَرَاتِ

وَدَعْكَ الْكَلَامَ الْقَبِيحَ وَفُحْشَهُ
وَاحْفَظْ لِسَانَكَ خَشْيَةَ الْعَثَرَاتِ

وَلَاتَسْمَعَنَّ النَّمِيمَةَ أبَدًا مُنْصِتَا
فَذَاكَ يَمْحُو الْخَيْرَ وَالْحَسَنَاتِ

وَلَاتَأْكُلَنَّ لَحْمًا لِشَخْصٍ غَائِبٍ
فَأَقْبِحْ بِسَوْغِكَ جِيفَةَ الْأَمْوَاتِ

وِإذَا اعْتَرَتْكَ ذَاتَ يَوْمٍ عِلَّةٌ
فَالصَّوْمُ حَتْمٌ فِي شَهْرِكَ الْآتِي

وَإِيَّاكَ أَنْ تَنْسَي الْفَقِيرَ بِنَفْحَةٍ
وَلْتُبْسَطْ أَيَادٍ لِلْبِرِّ وَالصَّدَقَاتِ

وَلَاتَبْخَلنَّ فَلَيْسَ الْبُخْلُ بِلَائِقٍ
بِالْمَرْءِ فِي أشْهُرِ الْخَيْرِ وَالنَّفَحَاتِ

وَعِنْدَ الْفْطُورِ تَرَىَ الْمَوَائِدَ تُبْسَطُ
حَمَلَتْ صُنُوفَ الرِّزْقِ وَالْأَقْوَاتِ

فَسُبْحَانَ مَنْ رَزَقَ الْأنَامَ بِفَضْلِهِ
وَأَطْعَمَ الدُّودَ عَاشَ فِي الْفَلَواتِ

فَسَمِّ الْإلَهَ إِذَا بَدَأْتَ طَعَامَكَ
وَلَاتُلْهِيَنّكَ الْبُطُونُ عَنْ دَعَوَاتِ

لَكَ دَعْوَةٌ عِنْدَ الْفُطُورِ مُجَابَةٌ
كَمَا يَقُولُ الرَّسُولُ ذُو الْبَرَكَاتِ

وَلَاتُكْثِرَنَّ مِنَ الطَّعَامِ بِنَهْمَةٍ
فَمَلْؤ الْبُطُونِ مَظِنَّةُ الْهَلَكاتِ

فِإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الطَّعَامِ وَأَكْلِهِ
فَلَاتَثْقُلَنَّ الرَّأْسُ عَنْ صَلَوَاتِ

وَلَوْ دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ أَكْثِرُوا
مِنْ ذِكْرِ الْإلَهِ وَفِعْلِكَ الطَّاعَاتِ

فَلَرُبَّمَا يَفُوزُ السَّعِيدُ بِلَيْلَةٍ
خَيْرُ الليَالِي وَمَهْبِطُ الرَّحَمَاتِ

هِيَ لَيْلَةٌ فِيهَا السَّلَامُ يُحَلِّقُ
فِي الْآفَاقِ بِالْأَنْوَارِ وَالْحَيَوَاتِ

فَكُنْ وَاحِدًا مِمَّنْ إِلَيْها تَسَابَقُوا
فَمَا بِالنَّوْمِ يُدْرِكُ امْرُؤٌ غَايَاتِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى