
من رواية واحة المنتهي الأديب
للسماء يا ولدي دائما اشارات وهبات ، وعطايا ومنح تجود بها علي من تختار وترضي ، وعلي من تصطفي وتنتقي ، وعلي من ليس في قلوبهم ذرة من كبر ، وكل ما عليك يا ولدي هو أن تمسك بالخيط الواصل بين السماوات والأرض ، وأن تعمل وأنت موقن بالجزاء والأجر، فلا يغرنك الكثير مهما بذلت ، ولا تستقل القليل ان قصرت قدرتك أوعجزت ، يا بني متي آلمك عدم اقبال الناس عليك ، أو توجههم بالذم اليك ، فارجع الي علم الله فيك ، فان كان لا يقنعك علمه فمصيبتك بعدم قناعتك أشد من مصيبتك من الأذي منهم ، انما أجري الأذي علي أيديهم كي لا تكون ساكنا اليهم ، أن أراد أن يزعجك عن كل شيئ حتي لا يشغلك عنه بشيئ (1 ). فلا تنشغل بكتابي عني ، ولا بواحتك عن نفسك ، ولا بنفسك عمن أوجدك ، ولا بوجودك عن غيابك ، ولا بغيابك عن حضورك في هذا العالم، وفعلك فيه ، ومتي استوي عندك مدح المادحين وذم الذامين فأنت حيّ ، ولوجودك معني ، ولزرعك حصاد ، ولغيمك مطر ، متي قرأت كتابي فامسك بتلابيب ما يدفعك للأمام لا ما يكبلك به الحنين، أو يجرك اليه جرا ، وليكن لك كتابك الذي يصنع علي عينك ، وتخطه بمنجزك ، واعلم أن المتواضع هو الذي اذا تواضع رأي أنه دون ما صنع ، فأنت وكل ما خلق سواء ، وما أنت سوي أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك ، ولتكن موعظتك للناس بفعلك لا قولك ولا تنس ان العبد ما طأطا رأسه الا لمرض أو فقر أو فقد (2) .
عندما أكون في المدينة أتأمل رحلتي ، وأراجع ما قد مضي ، يكون عليك أن تبدأ كتابك ، سم ابنك عبد الستار وابنتك سامية ، أو فلتتخير لهما ما يناسب كتابك .
*(1) ابن عطاء الله السكندري
*(2) الحسن البصري
تابعونا على فيس بوك
https://www.facebook.com/share/1Hc6AwEqJa/