نفحات أيمانية مباركة
كتب _ أشرف المهندس
ويتجدد بنا اللقاء الايمانى مع فضيلة / الدكتور إسماعيل أحمد إسماعيل مرشدي من علماء وزارة الأوقاف الاستسلام الحق هو الإذعان لحكم الله ورسوله بإيمان تام، ويقين أكيد، ورضا نفس، ودون تردد.الإيمان بأن حكم الله فوق كل أمر، فلا يعلو عليه شيء، وكذلك ما ثبت من حكم رسوله الكريم واليقين بأن هذا الأمر وحده هو الحق والعدل دون كلام أي من الإنس والجن. أولًا: استسلام الأنبياء والصالحين لربهم إِسلامُ الوُجُوهِ للهِ، هِيَ الغَايَةُ الَّتي نَزَلَت بِهَا الشَّرَائِعُ وَأَعلَنَهَا الأَنبِيَاءُ وَدَعَوا إِلَيهَا، وَكَانَت هِيَ هَمَّهُم في حَيَاتِهِم، وَأُمنِيتَهُم عِندَ مَمَاتِهِم وَلِذُرِّيَاتِهِم، وَذَكَرُوهَا في حَالِ قُوَّتِهِم وَضَعفِهِم. قَالَ تعالى عَن خَلِيلِهِ إِبرَاهِيمَ – عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسلِمْ قَالَ أَسلَمتُ لِرَبِّ العَالَمِينَ ﴾ وَهَا هُوَ وَابنُهُ إِسمَاعِيلُ – عَلَيهِمَا السَّلامُ – يَدعُوَانِ اللهَ لأَنفُسِهِمَا وَمَن بَعدَهُمَا بِقَولِهِمَا: ﴿ رَبَّنَا وَاجعَلْنَا مُسلِمَينِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسلِمَةً لَكَ ﴾ وعند ابتلاء الله لهما يقول تعالى : ( وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ) فانظر إلى نبي الله إبراهيم عليه السلام بعد أن رزقه الله بولد بعد أكثر من ثمانين سنة، ثم لما كبر الولد وصار يسير مع والده هنا وهناك أ أراد الله تعالى أن يبتليه بلاءًا كبيرا وهو ذبح ولده إسماعيل الذي أحبه حبا كبيرا، ويكون هو من يذبحه بنفسه، فلو كان الأمر أن يموت الولد موتة طبيعية لكان الأمر أهون من ذلك بكثير، لكن أن يذبح الوالد ولده بنفسه فهذا مما لا يتحمله إلا من يسلم قلبه ونفسه وجوارحه لربه سبحانه وتعالى ، هذا هو الذي يؤثر حب ربه على من عداه من المخلوقات. فلما استسلم لأمر الله وأخبر ولده الذي تربى على طاعة ربه ثم طاعة والديه كان هو المعين لوالده على تنفيذ أمر الله، فما دام أن الآمر هو الله فلابد من الإستسلام لأمر الله تعالى. فلما اسلم إبراهيم ولده لله ، واسلم إسماعيل نفسه وقاما بتنفيذ ما أمرهما الله به جاء الفرج من الله جلّ وعلا وفدا الله الذبيح بكبش تربى في الجنة لسنين طوال.وهكذا كل من يستسلم لأمر الله يأتيه الفرج من الله، فهل استسلمت يوما لأمر ربك وحافظت على طاعنه وتجنبت معصيته؟.
1-سيدنا يُوسُفُ – عَلَيهِ السَّلامُ – يُنَاجِي رَبَّهُ دَاعِيًا فَيَقُولُ: ﴿ أَنتَ وَليِّي في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّني مُسلِمًا وَأَلحِقْني بِالصَّالِحِينَ ﴾
2- سيدنا سُلَيمَانُ – عَلَيهِ السَّلامُ – وَقَد أُعطِيَ المُلكَ وَالنُّبُوَّةَ، وَأُوتِيَ مِن كُلِّ شَيءٍ، وَعُلِّمَ مَنطِقَ الطَّيرِ وَسُخِّرَت لَهُ الجِنُّ وَالرِّيحُ، لم يَغتَرَّ بِكُلِّ ذَلِكَ، بَل أَعلَنَ استِسلامَهُ للهِ – تَعَالى – وَهُوَ في قِمَّةِ قُدرَتِهِ وَتَمَكُّنِهِ وَاكتِمَالِ قُوَّتِهِ وَنُفُوذِ سُلطَانِهِ، وَذَلِكَ حِينَ أُحضِرَ لَهُ عَرشُ المَلِكَةِ قَبلَ أَن تَطرُفَ عَينُهُ، فَقَالَ – عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ وَأُوتِينَا العِلمَ مِن قَبلِهَا وَكُنَّا مُسلِمِينَ ﴾
3-سيدنا مُوسَى – عَلَيهِ السَّلامُ – يُصَبِّرُ قَومَهُ حِينَ طَارَدَهُمُ الكُبَرَاءُ وَالطُّغَاةُ ﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَومِ إِنْ كُنتُم آمَنتُم بِاللهِ فَعَلَيهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُم مُسلِمِينَ ﴾
4- سيدنا محمد- صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – فَقَدِ امتَثَلَ أَمرَ رَبِّهِ – جَلَّ وَعَلا – بِقَولِهِ لَهُ: ﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرتُ أَن أَكُونَ أَوَّلَ مَن أَسلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُشرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 14] فَكَانَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – يُعلِنُ إِسلامَهُ لِرَبِّهِ في كُلِّ لَحظَةٍ، يَفتَتِحُ قِيَامَ اللَّيلِ قَائِلاً: “اللَّهُمَّ لَكَ أَسلَمتُ وَبِكَ آمَنتُ” وَيُخلِدُ إِلى فِرَاشِهِ مُعلِنًا استِسلامَهُ لِرَبِّهِ فَيَقُولُ: “اللَّهُمَّ أَسلَمتُ نَفسِي إِلَيكَ” وَفي رُكُوعِهِ يَقُولُ: “اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعتُ وَبِكَ آمَنتُ وَلَكَ أَسلَمتُ” وَفي سُجُودِهِ يَقُولُ: “اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدتُ وَبِكَ آمَنتُ وَلَكَ أَسلَمتُ” ثانيًا : حال الصحابة وتسليمهم لأمر الله: إن الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- ما تأخروا يوما في التسليم لأمر الله، وكانوا يتسابقون في تنفيذ أمر وطلب رضاه ويتجلى هذا في مواقف كثيرة من بينها: 1-. تحريم الخمر: لما نزل تحريم الخمر قاموا مباشرة بإراقتها، وتكسير آنيتها، والانتهاء عن تعاطيها وشربها، ونحن اليوم تجد فينا من يعلم بحرمة تعاطي المسكرات، وأكل القات، وشرب الدخان، ومع ذلك فلا ينتهون ولا ينزجرون قال تعالى: ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) ومِن أَعظَمِ مَوَاقِفِ الإِيمَانِ وَأَجَلِّهَا أَن يَصبِرَ المُؤمِنُونَ حِينَ يَجتَمِعُ الأَعدَاءُ عَلَيهِم، وَيَثبُتُوا وَلا تَزِيدَهُمُ المَحِنُ وَالشَّدَائِدُ إِلاَّ استِسلامًا للهِ – تَعَالى -، قَالَ – سُبحَانَهُ – في وَصفِ حَالِ المُؤمِنِينَ في يَومِ الخَندَقِ: قال تعالى: ( وَلَمَّا رَأَى المُؤمِنُونَ الأَحزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُم إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسلِيمًا ﴾ 2-. نزع خاتمه على الفور: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ، فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ، وَقَالَ: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ»، فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ، قَالَ: لَا وَاللهِ، لَا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وكثير من هذه المواقف الذي نفذها الصحابة دون تأخير كتحويل القبلة وهم يصلون، وإلقاء نعالهم لما رأو الرسول فعل ذلك ففعل مثلهم حال كثير من الناس الآن: النفس البشرية بصفة عامة تُؤثِر الشهواتِ والملذَّات، حتى وإن تسبَّب في شقائها وهلاكها، كما أنها تَفِر من التكاليف والواجبات، وإن كان ذلك السبيلَ الوحيد لتهذيبها وتزْكيتها وسعادتها؛ وما ذلك إلا لشدة جهْلها وقصور عِلمها وضَعفها.إنه من العجيب حقًّا أن كثيرًا من الناس إذا منَعهم الطبيب مما يشتهون ويحبون بسبب مرض أصابَهم، تراهم يستجيبون ويُذعنون لتعليمات الطبيب، دون مراجعة أو اعتراضٍ، رغم شدة تعلُّقهم بما امتنعوا عنه، وفي المقابل إذا دعاهم الخالق إلى ما فيه صلاحُهم واستقامتهم، تراهم يحاولون التفلُّت من التكاليف وعدم الانقياد والتسليم لأحكام الله؛ سواء التشريعية، أو القدرية. واحذر أن تكون منهم فقد ضلوا ضلالا مبينا كما قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ ثالثاً: الواجب على المسلم في العيد صله الرحم: قال تعالى “واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين ” وعن أبي هريرة أن رسول الله قال “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت” وحذر الله تعالى من قطيعة الرحم فقال تعالى ” فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ” مراعاة الآداب الإسلامية في اللباس: على النساء المسلمات ألا يلبسن إلا ما أمر الله سبحانه وتعالى به بأن يكون موافق لما أمر به رسول الله بأن لا يكون زينة ، ولا يكون ضيقا ، ولا يكون معطرا ، ولا شفافا ، ولا يشبه لباس الرجال ، ولا يشبه لباس الكفار ، ولا لباس شهرة لأن من تخالف ذلك توعدها النبي بالعذاب الشديد غض البصر عن الحرام ومنع الاختلاط: قال تعالى ” قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا” وعن جرير بن عبد الله قال سألت رسول الله عن نظرة الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري” كلكم راع ومسئول عن رعيته : فيجب الحفاظ عليهم وأمرهم بأمر الله ونهيهم عن نهي الله تعالى قال تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ” وعن ابن عمر قال سمعت رسول الله يقول كلكم راع ومسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته وكلكم راع ومسؤول عن رعيته ” مراعاة الفقراء واليتامى والمساكين: عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” ثم إن كل ما أمر الله به ينبغي فعله، فالعيد ليس حجة للتقصير في أي أمر من أوامر الله تعالى. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا وأن يتوب علينا وأن يرزقنا جميعا الفرح في الآخرة بالجنة يوم أن نلقاه اللهم آمين