ذات مساء للشاعرة والقاصة حنان محمد
كتب حنان محمد
إنهما أصدقاء، كان يعرفُُ أن قلبيهُما يتلاقيان، فعندما كانا يتحدثان يشرقُ قلباهما كما تشرقُ الشمسُ لتملأَ الكونَ دفئًا ونورًا،
كانا يتبادلان الرسائل الإلكترونية ويضحكان كأصدقاء ولكن قلبيهما يتعانقان. وذات مساءٍ وهي تمشي في الشارع، اتصلتْ به هاتفيًا فردَّ عليها وتبادلا حديثًا طويلًا،
أغلقتْ الهاتف وهي تشعر بسعادة غامرة، فتصاعدت أحلامُها بأنه يومًا ما سيكون لها ليروي جسدها الظمآن حبًا وشغفًا، وستكونُ هناكَ علاقةٌ تتجسدُ كخريطةٍ علي جسدِها، وسيشبعُ فمُها بغزل مذاقُه كالعسل،
وضعتْ علي الوسادة خدها لتضع بينهما كلَّ أحلامها، أغمضتُ مقلتيها وهي تراهُ بين جفونِها تتلمسُ بلسانِها شفتيها كأنه وضعَ قبلةً عليها، ليقولَ لها تصبحين علي خير حبيبتي، تأخذ الوسادة الثانية بين ذراعيها تعتصرُها بلهبِ شوقٍ يلمسُ نهديها،
غاصتْ في الأحلام متمنيةً لقاءَه فيها، وبعد ساعاتٍ سقطـتْ أشعةُ الصباحِ علي وسادتِها بعد أن اخترقتْ نافذتَها لتداعبَ وجنتيها، أفاقتْ من حلمٍ جميلٍ يوردُ شفتيها، أخذتْ هاتفَها وبعثتْ له برسالةٍ فلم يرد، اتصلتْ به فأغلقَ الخط وأصبحَ مشغولًا.
انتظرتْهُ يومًا كاملًا ليعتذرَ أو ليردَّ عليها فلم يردْ منه أيُّ جواب.
بعثتْ له تناديهِ بإسمِه فلم يرد. بعثتْ بدعاءٍ متداول فلم يرد أيضًا. وذات مساء بعثت له لماذا لم ترد؟
هل صدرَ مني شيئ أزعجك، فأجابَها لا. قالت.. إذًا ماذا حدث؟ أجابَها:
أنت تعرفين ما يحدث بين قلبينا وأنا خائف، فأنا رجلٌ متزوجٌ وليَ زوجةٌ وأبناءٌ أحبُّهم كثيرًا وأحبُّ زوجتي أيضًا ولا أستطيع أن أجرحُها. قالت:
وهل صدر مني شيءٌ لتقولَ ذلك؟ أجابها: لم يصدرْ منكِ شيء، ولكنه صدر من قلبينا فلا تدعي أنك لم تشعري بشيء تجاهي، كما لن أدعي أنا أيضًا.
يجب أن أبتعد عنك، سامحيني هذا هوَ الحلُّ الوحيدُّ كيْ لا يحدث بيننا ما نندم عليه، أتمني لك السعادة، اهتمي بنفسك، يجب أن تكوني بخير دائمًا فوداعًا حبيبتي.
تلفُّ بها الدنيا وتدور. كلُّ الأحلامِ التي حلمتْ بها معه تحطمتْ. نظرتْ في مرآتِها ثم حطَّمتْها بقبضةِ يدِها فسالت الدماءُ من أصابِعها،
فأطبقت يدها وجرحُها ينزفُ وذهبتْ إلي فراشِها. وضعتْ رأسَها علي الوسادة وقالت: تصبح على خير حبيبي، وأغمضتْ مقلتيها لتعود للأحلام لعلها تجدُ فيها السلام.