نص “من البدايه” للكاتب سيد موسى أفندي
كتب حنان محمد
“من البدايه”
من البدايه وانا احترم الشجر ،،،كنت اندهش طفلا من حجم شجره السيسبان والتوت والجميز وامتلأ عن اخري بتقدير هائل لما تقدمه لنا اطفالا ،،،
لكنني كنت فاشلا جدا في عمليه صعود وتسلق الاشجار ،،،كنت افرح بالساق المفعم بانحناءات وفجوات تساعدني في الصعود لأول فرع ارتاح علي جسده وكانوا هم يسبقوني ويصعدون لأعلي
ولم اكن اغار منهم ،،فقط كنت اريد ان ارتاح في جوف الشجره ،،اقترب منها اكثر ،،اتحسس الأوراق واشم رائحه التوت قبل ان اتذوق طعمه ،،،اشعر بحاله من الامان وكانها ام تحتوي وتضم ،
ربما لذلك عشقت شجره الجميز
وامتلأت رعبا من النخل العالي العاري ساقا حتي اقتراب القمه ،،كنت اري النخل بخيلا لأنه يحتفظ بكنزه في قمته ولايصل اليه الاماهر ولكن الجميز طيب وهين ولين ومعطاء ينفحك ثمرته فورا دون مشقه او تعب ،،،،
وحين كبرت وادركت ان حلاوه الجميز مصدرها سكين الاختتان اندهشت لقدره الالم علي زرع الحلاوه في انسجه الجميز ،،،،
كنا اطفالا وكنت اقلهم شقاوه وربما عشقي للقراءه والكتاب جعلني اقل لعبا الي ان تأخرنا في اللعب يوما
حتي جاء الليل وانا فوق فرع لشجره الجميز التي اعشقها حتي الان رغم انها شاخت ولم تعد تعطي الا ظلا مجروحا بفعل خبطات كثيره نالها جسدها الطري الجميل ،،،نادوا علي كثيرا كي انزل
وانا كنت مسحورا بما أري
فكان صوتهم كحلم ولم ارد وكنت مختبئا فظنوا انني تركتهم فتركوني مشدوها وانا اراقب القمر من بين فروع الشجره ،،،،انه القمر وهو يبدأ ويتحرك في بطء زاهيا مزدهيا ويمر من امامي من خلف فرع ثم يظهر مره اخري بين فرعين ثم يبتعد فيصبح اكثر جمالا ،،،،
كان المشهد لي ساحرا فبقيت حتي ادركت من الصمت انني صرت وحيدا فتملكني الخوف وأضاع بهاء اللحظه ،،،وهل غير الخوف مصدرا لضياع كل جمال ،،،،اعتقد ان الخوف والحياه لايجتمعان والحياه المصاحبه للخوف هي موت متحرك في جسد ،،،
،من وقتها ولمده شهر وانا افكر كيف اري القمر وهو يرحل قبل الفجر وانا فوق الجميزه ،،،ان مشهده الساحر وهو يتكون جعلني اكرر التجربه ،،لكن شيطان الجمال الأسر جعلني افكر في رؤيته وهو يرحل بعيدا وجاءت اللحظه حين قمت مع الفجر الكاذب ذات مره
وكانت جدتي كالعاده مشتيقظه
فاندهشت من تبكيري للذهاب للمسجد المجاور لكنها فرحت بالتزامي ودعت لي وخرجت مسر عا اتحسس خطواتي فوق تراب الشارع الي جميزه الحاج مصطفي وكان القمر لم يزل ينشر فرحه المسمي بالنور علي الكون ،،،،
ان افرح نور والنور فرح ،،،،وقبل ان اصل بأمتار بسيطه صعد فجأه صوت نباح غليظ من حقل مجاور لتلتقط عيناي منظره الاسود وجسده السمين فيملأني الرعب وتسبقني قدماي عدوا في طريق البلده عائدا الي المسجد لأصلي الفجر وادعوا علي الكلاب واصواتها ،،،،،
ربما لذلك وحتي الان اخشي الكلاب شكلا وصوتا واتجنبهم دائما ،،،هذا قبل ان يتورم جسدي عضا من كلاب البشر التي لاترحم
الأعلي كذبا
والاعلي نباحا.