قصص

دماء محرمة…دماء محرمة

بقلم: أحمد محمود شرقاوي..

انا بشتغل دكتور جراح في مستشفى شهيرة أوي في القاهرة, بس خليني أكون صادق معاك واقولك إن دي الواجهة أو الحاجة اللي بستخبى فيها عشان محدش يدور ورايا ويعرف شغلي الحقيقي, شغلي اللي بقطع فيه أجسام الناس وانتهك كل حاجة فيهم حرفيًا, أنا شغال مع شخص مشهور أوي وعصابة متكاملة حرفيا, بتجيلي الضحية متخدرة في معمل صغير في منطقة نائية شوية وحرفيا باخد منه كل ما يمكن إني أخده منه ويعمل فلوس كويسة, وخليني للأسف أقولك إني بكسب من العملية الواحدة أد اللي بكسبه من 10 عمليات في المستشفى اللي انا شغال فيها..
يمكن الظروف هي اللي حطتني في الوضع ده لأني حقيقي مش عارف أنا ممكن أقول ايه, بس كل حاجة بدأت من يوم ما خلفت بناتي التوأم بعد ابني كريم بتلت سنين, البنتين اتولدوا وعندهم التصاق خطير وكل الدكاترة حرفيا قالوا انهم هيموتوا في أسرع وقت أو تتعمل عملية جراحية دقيقة مفيش حد إطلاقا هيعرف يعملها في مصر للأسف, ولازم يسافروا ألمانيا خلال 48 ساعة, وقتها كان اتعرض عليا الشغل ده بما إني جراح شاطر أكتر من مرة وكنت برفض رفض قاطع, بس وقتها وفي احتياجي لمبلغ ضخم قد يصل لاتنين مليون جنيه وافقت, وخدت الفلوس مقدم على اتفاق إني هساعدهم مش أكتر من أربع خمس مرات وبس, بس مين قال انك لما تغرز في مستنقع زي ده هتخرج منه بسهولة, الفلوس مع التهديدات مع مع خلتني أكمل معاهم وانا ساكت تماما..
كل اسبوع بيجيبوا الضحايا اللي كانوا بيتخطفوا في الشوارع, راجل, ست, طفل, أي حد, وعلى بالليل بيكون متخدر وعندي في المعمل اللي كان مجهز بالكامل جوة بيت كبير في منطقة ريفية, وابدأ أتعامل طول الليل لحد ما أخلص وتيجي العربية تاخد الأعضاء وباقي الجثة تدفنها, وحسابي في البنك يزيد تاني يوم بطريقة خُرافية, فضلت على الوضع ده بقا كام, 6 سنين كاملين, اشتغلت فيهم يمكن في 100 جثة, وبما إني كنت شغال مع تنظيم كامل فكان الخطف مش صعب, مش صعب خالص للأسف عليهم, وكان باين انهم هيفضلوا شغالين كدا العُمر كله..
وانهاردة بالليل يوم من أيام الشغل, عرفت مراتي الصبح اني هبات في شغلي كعادة كل اسبوع في اليوم ده بالأخص, وطلعت على المستشفى, وهي قالتلي انها هتاخد البنات وتخرج مع صاحبتها ليلى في النادي, وهتسيب ابني كريم عند أمها, سبتهم وطلعت على المستشفى, 12 ساعة كاملين لحد ما اتفرمت, وبعدها خدت عربيتي وطلعت على البيت اللي فيه المعمل, كلمت الراجل اللي بتواصل معاه وقالي ان فيه أربع قطع جايين خلال ساعتين ولازم أجهز كويس لأن الليلة هتبقا مُرهقة, ياااه أربعة, أول مرة أشتغل في أربع أفراد كاملين, لقيته بيقولي مقلقش وهو هيبعت معايا دكتور كمان يشتغل معايا الليلة دي, شوفت ان الحل ده أحسن كتير أوي..
قابلت الدكتور التاني بفتور شديد, مانا عارف في النهاية اننا مُجرمين ومنستحقش حتى نرمي على بعض السلام, دخلت المعمل الصغير بتاعي وهو كان جهز معمل صغير في أوضة تانية, وجت العربية جابت أربع أجسام متخدرين تماما, حطوا واحدة في أوضتي, وواحدة في أوضة الدكتور التاني, وسابوا اتنين برة متكفنين, بحيث نخلص الاتنين دول, وكل واحد ياخد واحدة كمان..
دخلت الأوضة وبدأت أتجهز للعملية الجراحية الدقيقة دي, كشفت عن وش الضحية لقيتها بنت شابة جميلة أوي, ومعرفش ليه حسيت وقتها ان وشها مألوف جدا, فضلت اتأمل جمالها وهي متخدرة وحسيت بحزن عليها لأني عارف انها بعد دقايق هتبقا مع الأموات, ومعرفش ليه غريزتي اتحركت ناحيتها من جمالها, أو يمكن عشان حاسس إني أعرفها, وبدون تفكير كتير بدأت أفتح الصدر والبطن بالمشرط وأشوف شغلي عشان أنجز واخلص اليوم العصيب ده, الموضوع خد مني تلت ساعات كاملين, لحد ما بدأت فعلا أحس بالارهاق الشديد ودوخت مكاني كمان, حطيت الأعضاء في الصناديق الحافظة وخرجت أشرب سيجارة شوية, في الوقت ده خرج الدكتور التاني بعد ماخلص واتكلم معايا شوية, قولتله اني تعبان وهريح شوية..
لقيته ضحك ضحكة صفرا وقال:
– وماله يا دكتور هشتغل انا في الاتنين التانيين خاصةً انهم عيال صغيرين لحد ما ترتاح شوية
ورغم ان كلامه مريحنيش بس اتبسطت, أنا فعلا محتاج أرتاح شوية, شكرته وهو سحب الاتنين التانيين واللي كانوا متغطيين طبعا على الأوضة بتاعته عشان يشتغل فيهم, ووقفت أنا قدام البيت شوية أشرب سيجارتي وسرحت, سرحت شويتين, وأول ما فقت من السرحان فوجئت بواحدة واقفة قصادي ولابسة جاكيت تقيل ومبتسمة أوي, طفيت السيجارة وحسيت بتوتر بسبب وجودها في مكان نادرا لما تلاقي حد معدي منه, قربت مني وهي مبتسمة وقالت:
– انا عربيتي عطلت قريب منكم مفيش هنا حد يساعدني
بصتلها بتوتر بس لقتها جميلة, جميلة أوي, واللي خلاني أبتسم أكتر انها كانت شبه البنت اللي لسة مخلص عليها جوة, ضحكت من فكرة إنها ممكن تكون عفريتها وقولتلها:
– ممكن ترتاحي معايا شوية لحد ما اتصلك بميكانيكي يجي هنا
معرفش انا قولت كدا ليه, يمكن عشان كانت جميلة, ولا يمكن انا عايز حد يخرجني من المود اللي انا فيه, وبعدين البيت مقسوم نصين, استراحة كبيرة وبعدها بشوية البيت, ولو قعدت انا وهي في الاستراحة اللي برة ولا حد هيحس بينا, لقتها رحبت بالموضوع ودخلت انا وهي الاستراحة وقعدنا شوية مع بعض, بدأت تحكيلي عن حياتها وهي مبتسمة وتتكلم كتير أوي, كانت رغاية بالمعنى الحرفي, بس أنا كنت محتاج ده, محتاج واحدة تتكلم معايا كتير, شعور جميل انك تتكلم مع أنثى جميلة حتى لو رفضت ده من جواك..
شوية ولقتها بتقرب مني وفيه نظرة غريبة أوي بتخرج من عينيها, نظرة رغبة وشهوة, وكأنها عمرها ما شافت راجل في حياتها, استغربت الجرأة اللي هي فيها دي, بس ليه لا, مانا كدا كدا قتال قُتلة, هتفرق يعني لو عملت ده, قربت منها أكتر وانا مبتسم لقتها بتقول:
– متأكد انك عاوزنا نعمل ده
ابتسمت ورديت عليها وقولت:
– وهو فيه أنسب من كدا وقت
– مش خايف حد يشوفنا
– ومين اللي هيشوفنا دلوقتي
– مراتك مثلا
قالت الكلمة وشاورت ناحية الشباك, ولمحتها, مراتي كانت واقفة بعيد بتراقبنا بغضب, اتنفضت مكاني وفتحت الباب وجريت ناحية برة عشان الحق مراتي واشوفها جت هنا ازاي وامتا, بس مسافة ما خرجت كانت بعدت بسرعة غريبة, وكأنها كانت بتجري بعربية مش على رجليها, اتحركت بسرعة وراها لقتها دخلت في أرض مهجورة ورا البيت, فضلت أنادي عليها بس كانت عمالة تبعد أكتر وأكتر, لحد ما في النهاية وقفت وادتني ضهرها, مكنتش عارف أتكلم أقول ايه, حاولت أشرحلها إني مكنتش بخونها, ولا بعمل حاجة غلط, وان البنت دي معايا بس عشان محتاجة مساعدة, في اللحظة دي سمعت صوتها جاي خشن, مُخيف:
– ياريتها جت على الخيانة وبس
بصتلها بعد فهم وقولت:
– مش فاهم
لقتها بصت ناحيتي ووقتها شوفت الجنان كله, مراتي كان جسمها كله مشقوق بالطول من راسها لحد رجليها والدم نازل منها وعمال يسيل, وقبل ما اتحرك لحظة سمعت صوت من ورايا بيقول:
– مراتك هتسامحني, بس انا مش هسامحك
بصيت برعب لقيت نفس البنت اللي كنت معاها, بس كانت مشقوقة بنفس الشكل البشع, صرخت, صرخت بكل رعب الدنيا وجريت, فضلت أجري واجري لحد ما تليفوني رن, رديت وانا قلبي بيدق لقيت ابني بيعيط بهيستريا وبيقول:
– يا بابا ماما واخواتي البنات من ساعة ما خرجوا مع طنط ليلى مرجعوش
الكلمة نزلت عليا زي الصاعقة, وروحت, روحت ناحية أوضة الدكتور التاني اللي كان انتهى وواقف بيشرب سيجارة برة, دخلت الأوضة, و , وفهمت, مراتي وبناتي الاتنين أموات وكل أعضائهم برة, ومش محتاج تفكير كتير عشان أفهم ان اللي كانت معايا بشرحها كانت ليلى صاحبة مراتي وانا اللي كنت عمال أشبه عليها, هما اللي كانوا ضحايا الليلة, وعشان العقاب ينزل صح, يجي حظي من وسط أربعة واقتل اللي كنت بشبه عليها بس, اما بناتي ومراتي مشوفش حد منهم غير لما بقوا جثث, عشان ببساطة ملحقش حد فيهم..
وبدون أي تفكير, الدكتور دخل من هنا وخلصت عليه بالمشرط, وقفلت الباب كويس عشان العربيات متجيش قبل الشرطة, مانا لازم أكرم جثمانهم في النهاية, بلغت الشرطة وبعتلهم لوكيشن وكل بيانات اللي بتعامل معاهم, وسجلت حكايتي كلها في نص ساعة بالظبط وبعتها لكاتب مشهور عشان يحكيها اسمه أحمد محمود شرقاوي, واحب أقولك وقت ما تسمع أو تقرأ الحكاية دي هكون انا قطعت شراييني, وهكون بين عالم الأموات في قلب الجحيم, وبعتلك القصة لعل وعسى تكون سبب رحمتي لما الناس تتعظ وتفهم انك زي ما هتعمل في الناس هيترد فيك, محدش أحسن من حد, هتظلم هتلاقي القصاص, هتقتل هتلاقي القصاص, هتاكل مال الناس هتلاقي القصاص, والله ثم والله لهتلاقي القصاص, أشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمدا رسول الله..
تابعونا على صفحة الفيس بوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى