قصص

حاوي الشياطين…..حاوي الشياطين

بقلم: أحمد محمود شرقاوي

واحنا قاعدين في البيت وتقريبا على بعد الضُهر سمعنا صوت مزمار قوي وغريب في الشاررع قدام البيت بتاعنا, كان شبه مزامير المولد اللي خلصت من زمان, استغربت أوي وقولت يمكن فرح أو زفة, بس لو فرح كنا هنبقا عارفين, ووسط تفكيري واستغرابي ده فوجئت بحاجة بتزحف على الحيطة, حاجة ضخمة وطويلة ولونها اسود, وبدون وعي مني صرخت, صرخت مرة واتنين وعشرة, كان تعبان, تعبان طويل وشكله بشع وكان بيزحف وخارج ناحية باب الشارع, عمي نزل من فوق هو وابن عمي وأمي خرجت تجري وقدام عنينا خرج أكتر من تعبان من شقتنا, حوالي خمسة أو ستة, كلهم لونهم اسود ومش صغيرين وكلهم زحفوا ناحية الشارع..
وقدام عيني لما خرجت معاهم شوفت راجل, دقنه طويلة وماسك شوال ومزمار عمال يزمر بيه, والتعابين كانت بتزحف ناحيته, أول ما قربوا منه حطهم في الشوال وربطه وكمل مشي, كل ده وانا اعصابي شبه منهارة ومش قادرة أتحرك, قعدت تقريبا طول اليوم بترعش وقلبي بيدق لحد ما أبويا رجع من الشغل, يمكن وقتها حسيت بالأمان أخيرا, وطبعا حكيناله كل حاجة, ظهر عليه التوتر والقلق واستغرب ان عمي موقفش الراجل واستفهم منه التعابين الضخمة دي دخلت البيت ازاي, احنا في بيئة زراعية وتعابين الغيطان استحالة تبقا بالوصف ده..
ومن شدة قلق أبويا علينا قعد تاني يوم من الشغل ومخرجش, كان حاسس بالقلق عليا أنا وأمي, وبعد الضهر سمعنا نفس المزمار قدام البيت, وقتها اتنفضت من مكاني وجسمي كله قشعر ومسكت في دراع ابويا, كنت مرعوبة يتكرر نفس موضوع امبارح, بس للأسف اتكرر, ونفس التعابين بدأت تخرج من الشقة, واحد من المنور, وواحد من المطبخ, واتنين من الأوضة القديمة, مسكت في ابويا بضوافري من الرعب لحد ما التعابين خرجت في النهاية, وخرج أبويا وراها وشاف الراجل بيجمعها في الشوال, أبويا خد منه الشوال وطلب منه بحزم يتفضل عندنا شوية, الراجل حاول يرفض بس نظرات أبويا خلته يستسلم تماما ويدخل عندنا, أبويا طلب مننا نعمل شاي للضيف وانا لازلت بترعش زي ما انا..
شوية ودخلت أقدم الشاي لقيت الراجل بيقوله:
– هي دي فاطمة
جسمي كله اترعش, هو عرف اسمي منين, أبويا طلب مني أقعد معاهم عشان الراجل عاوزني أسمع الكلام, الراجل ببساطة كان عارف اسمي وسني وتفاصيل كتير أوي عن حياتي, بل وقالي ان عندي عادة كدا وبحب أقف قدام المراية كتير, وشي وقتها كان بيصفر وعمالة أترعش من الخوف, أبويا طمني وبدأ الشيخ يفهمنا كلام غريب أوي..
“قال إن معايا مس عاشق من المراية, ومعايا مس عاشق من عمار البيت, وإني مرصودة من الجِن لأني زوهرية الدم, وإن التعابين من هنا ورايح هتظهر بسبب المس ده أكتر من مرة في البيت, وممكن تحاول تأذيني في الأيام اللي جاية”
كلامه كان مُرعب, لدرجة إني بكيت من الخوف, أبويا صوته كان بيترعش وهو بيحاول يطمني, وبدأ يطلب من الشيخ حل, أي حل, وبعد تفكير طويل أوي, تفكير دام لدقيقتين قال ان فيه حل بس لازم يتنفذ خلال شهر واحد بس وإلا الموضوع هيسوأ أكتر وأكتر, تقريبا مكنتش باخد نفسي وقتها عشان أسمع الحل, وبدون تفكير كتير قال:
– لازم بنتك تتجوز حد من نفس البيت, عشان اللي معاها يسبها في حالها لأنه استحالة يرضى بحد غريب
قال الكلمتين دول وشرب الشاي ومشي, وفضلت أبص لابويا بذهول, كدا مفيش حد من نفس البيت غير ابن عمي, اللي هو أساسا اتقدم من شهر وابويا رفضه رفض قاطع, يومها قعدت مع أبويا وأمي بالليل وكنا في قمة التوتر, أبويا كان غضبان, ومش عارف يعمل ايه, ولما اقترح نستنى يمكن التعابين متظهرش أمي صرخت, وقالت ولو ظهرت وموتت حد يبقا كل حاجة خربت, وزي ما ابويا رفضه قرر للأسف يكلمه ويوافق بيه, رغم انه بيدخن, ورغم انه صايع ومش كويس..
وطبعا الوضع اختلف تماما, بعد ما كنا بنتشرط ونبيع ونشتري فيهم ونرفض, الوضع اتبدل وأمه طلعت كل حقدها وغلها, وعملت فينا كمية تحكمات كانت هتجيب لأمي سكتة قلبية وقتها, بس كان غصب عننا, وكُنا مضطرين نعمل كل ده وإلا التعابين زي ما قال الشيخ هتظهر من تاني..
وكتبنا الكتاب واتجوزنا بعد تلت أسابيع بس في الدور التالت اللي عمي دفع نص تمنه لابويا عشان ابنه يتجوز فيه, خلصنا الزفة وطلعنا لعش الزوجية وكانت كل الأمور طبيعية تماما, هو دخل ياخد الدش بتاعه وانا قعدت في غرفة النوم بفكر في حياتي اللي جاية كلها, كنت مبسوطة, وحاسة إني خلاص وقعت ولازم أكمل حياتي على المنوال ده..
ووسط تفكيري لقيت جوزي دخل الأوضة وكان شكله مبسوط أوي, بس الغريب إنه أول ما دخل ابتسم في وشي وطفى نور الأوضة كلها, وقفل الباب عشان معرفش أشوفه في أي مكان, لحظات وبدأت أحس بلمسات على دراعي وجسمي, كنت بضحك غصب عني من أفعاله الغريبة, وكان كل لحظة يمسك دراعي أو احس باحتكاك فيه وبعدها يبعد من تاني, عمل ده يمكن أكتر من عشر مرات وانا عمالة أكلمه ومش عاوز يرد عليا..
بس مفيش دقيقة وبدأت أحس باحتكاك طويل, احتكاك خلى جسمي كله يقشعر, كانت فيه حاجة ماشية على ضهري, حاجة طويلة ولزجة, معرفش ليه افتكرت وقتها التعبان وشكله ومنظره, قمت من مكاني والحاجة دي على جسمي قربت من مفتاح النور وانا ريقي ناشف ولساني معقود, ومسافة ما فتحت النور لقيت تعبان على جسمي, تعبان اسود طويل, مسكته بكل رعب الدنيا ورميته بعيد عني, ومسافة ما عملت كدا وقعت في الأرض زي القتيلة وكأني كنت شايلة جبل على كتفي, زحفت برة الأوضة زي التعبان بالظبط وكأن رجلي خانتني وقررت متشلنيش تاني, حاولت أنادي او أنطق بنص كلمة بس صوتي كان مبحوح, وفين وفين لما قدرت أقف من تاني وأجري على باب الحمام, بس اللي صدمني إني سمعت صوت واحدة بتضحك مع جوزي جوة الحمام, وهو عمال يكلمها ويضحك, حسيت إني هفقد وعيي وتماسكت بالعافية وفتحت الباب..
وقدام عنيا شوفت واحدة, نسخة مني مع جوزي تحت الدُش, كان هو عريان وهي لابسة لبس خفيف, بس أول ما جوزي شافني بصلها بفزع وشوفنا عنيها بتتحول وكأنها عيون تعبان, مشقوقة بالطول وعندها أنياب, أنا وقعت من طولي وجوزي خرج عريان يجري في الشارع زي المجنون ويصرخ, ولولا الناس مسكوه ورجعوه بالعافية كان هيفضل يجري لحد ما يموت..
عمي وأبويا طلعوا الشقة بعد ما مسكوا ابن عمي وفوقوني وكان الخوف باين عليهم, وبدأ ابن عمي يخرف, يهلوس, ويتكلم زي المجانين, بس وسط كلامه قال كل حاجة, وفضح كل حاجة عملناها الغبي..
كنا بنحب بعض أوي أوي, ولما اتقدملي أبويا رفض, كان عاوز واحد متدين ومحترم وانا كنت عاوزاه, بس مكنتش أقدر أعارض ابويا إطلاقا لأنه كان شديد, وبدأ ابن عمي يخطط مرة واتنين لحد ما قرر وقالي هيخلي ابويا يجوزني له بالعافية, اتفق مع حاوي تعابين وكان بيجيبه بالليل ويدخل تعابين في شقتنا, والضهر كان يجي يزمر وتخرج, كل ده مكنتش أعرف انه هيعمله وإلا كنت هموت من الرعب, وخلى الحاوي يقول لابويا اني لازم أتجوز حد من أهل البيت ويعمل التمثلية دي, بس كان المقابل مبلغ كبير, وابن عمي بعدها رفض يديله حاجة وقرر ينصب عليه..
بس الحاوي قرر ينتقم, وعرفنا بعدها انه عملنا سحر تخييل ليلة جوازنا, انا شوفت جوزي في الأوضة, وهو شافني في الحمام, وحصل الرعب اللي شوفناه ده, ابويا وقتها فضل مريض من صدمته فيا شهور, مكنش بياكل ولا يشرب, ومش مصدق اني أكون شيطانة بالطريقة دي, وكلها أيام ومات وهو غضبان عليا, وابن عمي اتجنن تماما بعد فضيحته لما جري عريان في الشارع, وانا مجاليش عريس من يومها بعد ما الموضوع اتعرف في كل مكان..
ندمانة, ندمانة أوي, ندمانة إني مسمعتش كلام الناس اللي بيخافوا عليا بجد أبويا وامي, وعشان حُب أعمى عصيت أبويا فكان الجزاء, ندمانة زي ما كل بنت بتعرف واحد من ورا أهلها وبتتجاهل نصايحهم هتندم, وهتندم ندم كبير كمان, عرفت مؤخرا ان كلام ابويا وأمي في الغالب هو الصح خاصةً لو انا بنت, متعرفيش شباب, البسي كويس, خليكي محترمة, كل دي نصايح من دهب محدش هيقولها ولا هيحبني في الدنيا دي زيهم, بس احنا بنضحي بكل ده عشان شهوة زينة ولا علاقة محرمة, والنهاية بتكون سيئة فوق ما تتخيل..
“وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا”
تابعونا علي صفحة الفيس بوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى