رواياتقصص

أطــفال الـــجــن…..أطــفال الـــجــن

بقلم: أحمد محمود شرقاوي

قدام الغيط بتاعتنا فيه ترعة كبيرة وفيها سمك كتير أوي، وكنا بنتفنن في عمل الفِخاخ وبنحط الشبك بطُرق معينة عشان نوقف السمك ونعرف نطلع كميات كويسة من التِرعة دي، ورغم إننا مزارعين بس كنت بعشق موضوع الصيد، الزراعة عشان تحصد منها بتحتاج شهور طويلة، انما الصيد بيحتاج شوية ذكاء وكام ساعة، وتلاقي السمك بين ايديك، تبيع، تاكل، تشوي في الغيط، زي ما تحب..
لحد ما حد من اصحابي جابلي شبكة كبيرة هتقفل مجرى الترعة كله ومش هتعدي غير المية وبس، فرحت أوي بالشبكة لأنها هتزود كمية الصيد وكمان هتبقا أسهل في حاجات كتير، وفعلا وعلى بعد المغرب نصبنا الشبكة وسهرت انا كالعادة في الغيط واخواتي روحوا لأنهم متجوزين، وانا بس اللي كنت عازب..
فرشت الحصيرة وعملت الشاي وقعدت قدام الترعة أراقب الشبكة، واللي فرحني اني بدأت أشوف السمك بيتحبس قدام عنيا في الشبكة بكميات كويسة أوي، لدرجة إن بعد ساعتين كانت الشبكة اتملت تقريبا ومحتاجة بس اللي يرفعها من المية عشان تطلع بالخير اللي فيها..
ومن فرحتي سرحت، سرحت في كلام جدتي اللي كانت دايما بتحذرني من بنات الليل، ودايما كانت بتقول انك يوم ما تطول البنت لازم تبقا متجوزها، وان بنات الليل مفيش منهم غير الأذى، بس بصراحة من جوايا كنت بتمنى واحدة منهم تظهر وانا قاعد لوحدي في الغيط دلوقتي..
كانوا بنات من الغجر اللي جمبنا، وياما حصلت امور محرمة في الغيطان بالليل، بس إن تيجي معايا صدفة من دول مفيش، وانا مش ناوي اتجوز اطلاقا وأشيل مسؤولية، يا إما اوصل بالطريقة دي يا إما بلاش..
وغرقت في تفكيري المُحرم لحد ما وقعت في النوم، ومصحتش غير على نور الشمس، قمت وانا منتشي وروحت على الشبكة عشان استمتع بمنظر السمك المحبوس في الشبكة، وكانت المفاجأة، مفيش ولا سمكة في الشبكة..
خبطت كف على كف من التعجب وانا مش مصدق ده من الأساس، السمك كان محبوس قدام عنيا. خرج ازاي من الشبكة، حسيت بحسرة وزعل مزعلتوش في حياتي، اخواتي وصلوا وقتها وبدأوا يضحكوا عليا، وده لأنهم اعترضوا على الشبكة وانا بس اللي كنت مصمم عليها تتحط بالشكل ده، ومن كتر ضحكهم غضبت، وحلفت ان الشبكة هتفضل كدا لتاني يوم..
وسبت الشبكة وروحت، نمت شوية وغيرت هدومي وعلى بعد المغرب رجعت الغيط عشان سهرتي، كل ده وانا لسة في خيالي بتمنى ظهور بنت من بنات الليل، رغم ان أمي تعبت معايا من كتر الكلام في موضوع الجواز، وقعدت قعدتي المفضلة قدام الترعة..

أطــفال الـــجــن

ووسط سرحاني ده بدأت الشبكة تتملي من تاني بالسمك، قدام عنيا، وده معناه ان السمك بيفضل محبوس شوية وبيعرف يخرج، اما الشبكة مش مقفولة كويس، او بينط منها، وفي الحالتين انا مش هخليهم يضحكوا عليا الصبح، مسكت عصاية ضخمة وقلعت الجلبية ونزلت الترعة وبالأخص جمب الشبكة..
وبدأت أضرب بالعصاية السمك ضربات تموته أو تخليه يفقد الوعي، عشان يفضل في الشبكة للصبح، وأوريهم كمية الصيد اللي في الشبكة، كنت بدك بالعصاية بطريقة عامودية وكأني بهرس السمك، ضربة ورا ضربة لحد ما سمعت صوت حد بيتألم، صوت حقيقي، بشري..
تمالكت نفسي وانا بركز مع الصوت عشان مكنش بتخيل، بس كان فيه فعلا صوت بيتوجع، تجاهلت الصوت وكملت ضرب بكل عنف، وفي لحظة حسيت بإحساس عجيب، كأني اتخبطت على دماغي ومسكتني دوخة غريبة، ولما فقت منها اخيرا وعلى نور القمر لقتني عايم في ترعة من الدم، دم تقيل عمال يسحبني لتحت بطريقة غريبة، ومن حوليا بدأت أشوف قطط صغيرة كتير، بكل الالوان تقريبا، وكانوا بيعوموا حوليا بكل هدوء..
ضحكت بذهول وانا مش متخيل اني ادوخ واشوف الحاجات الغريبة دي، تمالكت نفسي وخرجت من وسط الدم والقطط، ومسافة ما خرجت رجعت كل حاجة لطبيعتها، المية والسمك عادي جدا، اتجهت ناحية العشة الصغيرة وانا مبلول ومبتسم وكأني متخدر من اللي شوفته ده، وأول ما دخلت لقيت واحدة جوة، بنت جميلة ولابسة لبس بنات الغجر، وقفت قدامها وانا مصدوم، ومش قادر أنطق بنص كلمة، معقولة الخيال يتحقق بالسرعة دي، وبالبساطة دي، جيت اتكلم مقدرتش، وكأن الكلام في وجودها ممنوع تماما..
وبدون أي كلمة عملنا الفاحشة مع بعض، وتُهت تقريبا لحد الصبح، وكأني غرقان في نهر بس عارف أتنفس فيه، وعدت الليلة، عدت وصحيت وانا منتشي جدا، مبسوط، حاسس إني متخدر بمخدر السعادة، ووسط السعادة دي شوفت قطتين صغيرين بيجروا حوليا وخرجوا من العشة..
معرفش ليه افتكرت ليلة امبارح والتخيل الغريب اللي حصل، وفضلت يومها متخدر زي مانا، مبسوط، متحركتش من مكاني لحد ما اخواتي خلصوا شغلهم ومشيوا على المغرب، كنت على أمل انها تيجي مرة تانية..
بس مسافة ما الليل دخل علينا بدأت أحس بحركة برة العشة، وفجأة دخل قطتين ملونين وشكلهم جميل اوي، قطط ملونة بست أو سبع الوان، قربوا مني وبدأت اطبطب عليهم، وبدون مقدمات واحدة منهم عضتني في كعب رجلي، وحسيت انها بتشفط اللي بيخرج لدرجة ان كعب رجلي كان هيتشفط في بقها..
صرخت من الوجع وهما جريوا من المكان، ربطت الجرح وانا بسب وبلعن فيهم، بس مفيش دقيقة واحدة ومسكتني دوخة غريبة اوي، ونمت، نمت وانا تعبان، مُرهق، ومصحتش غير على صوت شفط عنيف، وقدام عنيا شوفت القطتين بيشفطوا دم من كعب رجلي، وكأنهم بيرضعوا ومستلذين بالدم تماما..
اما انا فكنت حاسس بوهن غريب، لدرجة اني كنت بتفرج عليهم وجسمي مش قادر أحركه، وكأني مضروب علقة موت، وهما فضلوا يشربوا من كعب رجلي، وكل ما الدم يقف يشفطوا بقوة رهيبة من الجرح فالدم ينزل تاني، ووقعت في غيبوبة وقتها..
مصحتش غير على صوت اخواتي وهما بيصحوني، مكنتش حرفيا عارف اقوم من مكاني إطلاقا، قولتلهم اني تعبان شوية ومحكتش أي حاجة، بل وقررت أروح ومجيش الغيط دي تاني..
ورجعت البيت ومقدرتش اعمل حاجة غير اني أنام، وعلى بالليل سمعت نفس صوت الرضاعة والشفط، فتحت عيني وانا مرعوب لقتهم ماسكين بسنانهم في كعب رجلي وبيشفطوا، وكل قطة ماسكة كعب، وقدام عيني المذهولة كعب رجلي كان بيتمدد وكأنه مكان مهيئ للرضاعة زي ثدي الست بالظبط..
كنت حاسس بقوة الشفط وجسمي زي المهدود، المتخدر، وفضلوا طول الليل على الوضع ده، تاني يوم أمي كانت بتصرخ وهي شايفة وشي أصفر وبهلوس، خدوني على المستشفى واتقال ان عندي أنيميا ونقص شديد في الدم، حطوني في الرعاية وعلقولي أكياس دم، بس وانا تحت الأجهزة كنت شايفهم، نفس القطط، رجلي متغطية محدش شايف ان بيتشفط منها دم كتير اوي، وكل ما يتعلق كيس دم ويقيسوا نسبة الأنيميا يلاقوها بتزيد مش بتقل، كانت فيه حالة ذهول، شايفين ان الدم بيدخل جسمي بس بينقص برضه..
والقطط لمدة تلت ليالي شفط من جسمي، دم، دم، دم، لحد ما بدأ شبح الموت يحلق على جسمي، ووقعت في غيبوبة كبيرة وكان بيني وبين الموت لحظات، وقتها اتكلمت، قولت لاخويا اني عايز شيخ، ولما المستشفى خرجتني لأن ماليش علاج عندهم اخويا استجاب..
وجالي الشيخ اللي أول ما شافني وشه اتغير تماما، ونظرته بقت غريبة، قرأ عليا كتير لحد ما فوقت شوية، ولقتني بحكيله كل حاجة بالتفصيل، استعاذ بالله من الشيطان الرجيم وقالي ان يوم السمك لما كنت بضرب بالعصاية ضربت حد من الجن، طفل بالأغلب، يمكن يكون اتصاب أو مات، وهما عشان ينتقموا منك ويتمكنوا منك اتجسدت أمه وانت كنت بتشتهي ده من الأساس، ولما عملت معاها الفاحشة تمكنت منك هي وولادها، ولو رفضت مكانتش تملكت منك ابدا..
وفي الأغلب الجن ده خبيث، خلت ولادها يتمكنوا منك ويتغذوا عليك، ومش بس كدا، دي في الاغلب حملت منك ولما تخلف هتخلي الولاد التانيين يتغذوا على الباقي منك عشان تعوض اصابة او موت ابنها، وهيفضلوا يتغذوا على دمك لحد ما تموت تماما وتبقا حققت انتقامها..
انا هتعب في علاجك جدا جدا لسببين، السبب الأول انك بتصطاد بطريقة غلط وتأذي كائنات الله فربنا ابتلاك وضربت طفل من الجن، السبب التاني انك ليل نهار بتشتهي الحرام من جواك، وده كسر حاجز الايمان جواك، عشان كدا أول ما اتيح لك عملته وانت مش عارف اللي قدامك دي مين، النفس البشرية لما تفضل تشتهي حاجة كتير بيبقا سهل اوي تتحقق، وانت اشتهيت الزنا، اشتهيت نار جهنم وسخط ربنا عليك..
رغم انك متستحقش بس انا هعالجك وهي ان شاء الله هتبعد عنك، بس اياك ثم اياك تشتهي الحرام وتكره الحلال، طالما ربنا أحل الزواج تبقا تتجوز، وطالما حرم الزنا يبقا اياك حتى تفكر فيه، طالما رسولنا أمرنا بالزواج يبقا تتجوز في اول فرصة..
…….
“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”
بقلم: أحمد محمود شرقاوي
……..

تابعونا على صفحة الفيس بوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى