صحيت من شوية على هزة ابني الكبير ليا وهو بيترعش ووشه أصفر وبيقولي إن فيه حاجة بتتحرك في المنور بتاع البيت وصوتها واضح أوي، النوم طار من عنيا فورا واتنفضت من سريري، طلعت الخنجر بتاعي من الدولاب واتحركت ناحية المنور، يمكن لو كان صغير شوية كنت قولت انه خيال طفل، بس ابني عنده ٩ سنين يعني يقدر يميز اللي بيقوله كويس اوي..
والاحتمال الاكبر يكون حرامي حاول ينزل من السطح للمنور، وده سهل جدا بالنسبة لبيت زي بيتي، طلبت منه يفضل جمب امه هنا على السرير وميتحركش من الاوضة خالص..
مسكت الخنجر كويس وخرجت من الاوضة، قفلت عليهم الباب ومشيت بهدوء تام ناحية المنور، وبالفعل سمعت صوت حاجة بتتحرك جوة، صوت ثقيل ميقولش ان ده فار مثلا، لا ده صوت زي ما يكون حد بيحفر او بيحتك بجسمه في الأرض بقوة..
اتحفزت وتماسكت لأقصى درجة وانا على أتم استعداد اقتل اللي جوة ده، ده بيتي ومراتي وابني، وعشانهم ممكن اولع في الدنيا كلها، وفتحت الباب و……
فتحت الباب لقيت المنور فاضي خالص، مكان ضيق صغير تقدر تشوفه بسهولة، بس صوت النكش كان لسة مستمر، شغلت نور كشاف الموبايل وفضلت اوجهه لزوايا المكان، بس مفيش اي حاجة..
الصوت تقريبا كان جاي من تحت، من تحت الأرض، وقفت على المكان اللي جاي منه الصوت حيران، امر صعب التفسير من الأساس، وغصب عني جبت الفاس وبدأت أضرب ارضية المنور، الارضية كانت طين لأني كنت بزرع فيها من وقت للتاني، ضربة ورا ضربة بدأ الصوت يتضح اكتر واكتر، مليت تلت اكياس كبار من التراب ده لحد ما بدأ يتكشف ليا شيء غريب..
كيس اسود ضخم كان بيظهر واحدة واحدة، شديته بصعوبة لحد ما بقا ظاهر قدامي، فتحته بتوتر وظهرت قدامي جثة، جثة لطفل شكلها بشع، صرخت ورجعت لورا، وقعت على الطين وانا جسمي بيتنفض، جثة مين دي، ايه اللي بيحصل ده..
لحظات بس وبدأ صداع يغزو راسي، وبالأخص مكان الجبهة، شوفت الكيس بيتفتح وبيخرج منه الطفل، كان شكله بشع، بيزحف بطريقة مريبة، ايديه الاتنين مكسورين نصين وكأن الكوع مش موجود، وشه كان اسود متفحم وعنيه حمرا، كان بيطلع منه صوت زي الحشرجة، كأن فيه حد بيموت، او بالأخص روحه وصلت الحلقوم..
فضلت ارجع وازحف لبرة المنور وانا شعر راسي كله واقف، شكل الطفل وهو بيزحف كان مفزع، رهيب، كأنه شيطان طالع من طين الأرض، بيزحف على اربع زي الحيوان، خرجت من المكان وانا بتنفض، المكان كان مظلم، والصداع كان بيزيد، وكأن الرؤية عمالة تتهز، وصوت الحشرجة عمال يغزو وداني عشان يدمر حاسة السمع، زحفت وزحفت لحد ما وصلت للاوضة اللي فيها ابني ومراتي..
فتحت الاوضة وقفلتها ورايا بسرعة، لقيت مراتي وابني بيبصولي بخوف وقلق..بقلم: أحمد محمود شرقاوي
– فيه ايه يا اسلام
جسمي كله بيتهز والعرق عمال ينزل مني، رددت بصوت بيترعش:
– مفيش، مفيش حاجة ده فار، كملوا نوم وانت يا عمر نام جمب ماما هنا
مراتي بصتلي بشك وان اطاعت كلامي وخدت عمر في حضنها ونامت، قعدت على السرير جسمي بيترعش، ايه اللي انا شوفته ده، يمكن اكون كنت بتخيل، ايوة فعلا انا بتخيل، الصداع عمال يزيد، يزيد..
لحد ما وقعت في غيبوبة ونمت، نمت بعمق شديد..
جـــنـــون مـــؤقـــت
……….
تن، تن، تن تن تن تن
صحيت من نومي على صوت جرس الباب، دماغي كانت تقيلة اوي، حاولت مرة واتنين لحد ما فقت، بصيت لعمر ابني وسهيلة مراتي وهما نايمين بغضب، محدش سامع صوت الجرس معقول ده، بصيت في الساعة لقيتها اربعة العصر..
خرجت من الاوضة وروحت فتحت الباب، ولقيت حماتي على الباب، بصتلي بصة غريبة وقالت:
– ليه كدا يابني، حرام عليك نفسك
بصتلها بعدم فهم وقولتلها:
– اتفضلي يا حماتي
دخلت وهي باصة في عنيا، نظراتها كانت مريبة لأقصى درجة، بصيت تجاه اوضة النوم وناديت:
– قومي يا سهيلة حماتي هنا، قوم يا عمر سلم على تيتة
لقيت حماتي بدأت تلطم على وشها اللي احمر بطريقة غريبة ودموعها نزلت زي السيل وقالت:
– حرام بقا يابني، حرام عليك، حرااااااام
– حرام ايه، انا مش فاهم منك حاجة
– يابني سهيلة وعمر ماتوا واتدفنوا يابني، حرام عليك اللي بتعمله فينا ده
بصيت لها بذهول ولساني اتشل عن الكلام، فضلت تبكي وتردد:
– بنتي ماتت يابني، لازم تعرف انها ماتت وبقت عند اللي خلقها
وبدون مقدمات مسكتها من رقبتها بعنف، عنيا كانت بتطق شرار وصرخت فيها:
– انتي كدابة، كدابة
كانت بتتخنق وبدأت تظهر عليها اعراض الخنق، اتخلصت مني بالعافية عشان اصرخ فيها:
– اطلعي برة، برة
خرجت تجري من البيت وهي بتردد:
– الموضوع ده ميتسكتش عليه ابدا، انا هروح اجيب شادي
خرجت برة وقفلت وراها الباب بعنف، كنت مذهول، جريت على اوضة النوم وكانت الصدمة، السرير فاضي، مفيش اي حد، صرخت، صرخت وناديت..
يا سهيلة
يا عمر
انتوا فين..
وفجأة افتكرت المنور..
جريت على المنور لقيت الكيس، الكيس اللي فيه الجثة، جثة الطفل، وبكل هيستريا جريت على الأرض وفضلت احفر بإيدي الاتنين، احفر واحفر واحفر، وفجأة ظهر كيس تاني، كيس فيه جسم اكبر، فتحته وظهر وش بشع لقتيلة، ورجع الصداع، الصداع اللي بدأ ياكل في دماغي بعنف، صرخت، خبطت راسي في الحيط مرة واتنين لحد ما حسيت بالدم بينزل مني، وبدأت الرؤية تغيب والدنيا تسود من حوليا، ووقعت من تاني، جمب الجثث..
صحيت كان المكان كله مظلم، دماغي كانت وجعاني اوي، اتحسست المكان جمبي ولقيت ايدي جت على الجثة، جثة الست، وقعت مكاني وفقدت القدرة على جسمي كله، وفجأة سمعت، سمعت صوت عمر بينادي من اوضة النوم
– يا بابا، تعالى انا هنا في الاوضة
وبعده سمعت صوت سهيلة:
– تعالى يا اسلام بقا انا مستنياك
لقيت نفسي بنهار من البكاء، كنت ببص للجثث في الضلمة وعقلي مشوش، رددت وانا ببكي:
– انتوا اموات، اموات
سمعت صوت سهيلة من تاني، بس كان غضبان، غضبان اوي:
– احنا مش اموات، اياك تقول كدا تاني
– انتوا امواااااات، اموااااااات
وبدأت أسمع صوت صراخ، صراخ خشن، كأن فيه ناس بتتعذب في قلب الجحيم، وبدأت اشوف نار بتخرج من اوضة النوم، ومن وسط النار شوفت سهيلة وعمر، كانوا يشبهوا الجثث اللي جمبي، فضلت اتشنج مكاني زي المجنون..
اتشنج بكل عنف، لحد ما سمعت صوت عمر في وداني بيهمس
“تعالى معانا في الحفرة يا بابا”
ولقيت الخنجر اللي كنت شايله امبارح جمبي، مسكته وانا بترعش ووقفت في المنور، حطيت الخنجر على رقبتي وبصيت للجثث وعمر وسهيلة وسط النار و…..
في اللحظة دي باب البيت اتكسر بكل عنف، في لحظة شوفت حماتي وشادي اخو مراتي قدامي، شادي ولع النور عشان يظهر المشهد كله، جثتين، وانا الخنجر على رقبتي وجسمي كله طين، حماتي صرخت ووقعت من طولها..
اما انا فرفعت الخنجر لفوق ونزلت بيه على رقبتي، وفي لحظة كان شادي مسكني بكل عنف قبل ما الخنجر يقطع رقبتي، خطف الخنجر من ايدي وبص للجثث بذهول وفضل يصرخ:
– حرام عليك، ليه عملت كدا، حررااااام
وانهرت في البكاء وفضلت اردد:
– مقدرتش اسيبهم، مقدرتش يا شادي
وفي لحظة طلع شادي حقنة وغرزها في دراعي، وضلمت الدنيا كلها من حوليا..
……………
صحيت من نومي لقيتني نايم على سرير وشادي وظابط واقفين جمبي، بصلي الظابط بشفقة وقال:
– الحمد لله، كدا كله تمام يا دكتور شادي
– شكرا يا حضرة الظابط
بصيت لشادي بعدم فهم عشان يقولي:
– ربنا يشفيك يا اسلام
– انا مش فاهم حاجة
– انا هحكيلك كل حاجة
من تلت شهور انت كنت رايح مصيف انت وعمر وسهيلة، ويشاء ربك العربية تعمل حادثة وتموت سهيلة ويموت عمر وتفضل انت بجروح خطيرة، قدرنا نعالجك جسديا بس نفسيا مقدرناش، حالتك وصلت لمرحلة خطيرة وجالك مرض نفسي رهيب خلاك مش مصدق اطلاقا بموتهم، وبما اني دكتور في المصحة هنا قررت اعالجك بنفسي..
بس بعد شهر واحد انت هربت من المصحة، وروحت المقابر وحفرت وطلعت الجثث، وروحت على بيت ابوك في البلد اللي مكناش نعرف عنه حاجة خالص، وحفرت ودفنت الجثث في البيت، وقعدت شهرين في البيت عايش زي المجنون، دورنا عليك في كل مكان واكتشفنا ان الجثث طلعت من المقابر، وعرفنا ان انت اللي عملت كدا..
بلغنا الشرطة وفضلنا شهرين ندور عليك، في النهاية امي قدرت توصل لاختك اللي عايشة في الخليج، وهي الوحيدة اللي قالتلنا على بيت ابوك اللي في البلد اللي كان مهجور خالص، امي مستنتش وجتلك، بس انت طردتها، وجريت عشان تبلغني بالموضوع، ولما وصلنا سمعنا صراخ واصوات غريبة، كسرت الباب عشان يشاء ربك اشوفك وانت بتقتل نفسك والحقك، وكمان اكتشف الكارثة اللي انت عملتها..
وقتها انهرت من البكاء، فضلت اردد ودموعي بتنزل زي السيل:
– انا بحبها، بحبها اوووي
– الله يرحمها، ده قدر ربنا، ولازم تصدق انهم ماتوا عشان اقدر اعالجك
– هما فين
– دفناهم في المقابر، وربك يسر لما كلمت ظابط صديق ليا وانجز كل حاجة معايا بدون اي شوشرة
بعدها قرب مني اوي وبص في عنيا بقوة وقال:
– سهيلة وعمر ماتوا يا اسلام، قول الله يرحمهم
بصتله وانا بعض على شفايفي ودموعي بتسيل وقولت:
– الله يرحمهم
وأخيرا قدرت أتقبل قدر ربنا واقول إنا لله وإنا إليه راجعون..
تابعونا على صفحة الفيس بوك