في ، نص الليل صحيت على صوت طرقات غريبة, كأن فيه حاجة بتخبط وبتعمل صوت رنين غريب, فُقت من نومي وبصيت جمبي ملقتش جوزي نايم على السرير, حاولت أتجاهل الصوت وقولت يمكن في الشارع, بس الصوت فضل مستمر, وكان واضح أوي انه قريب مني, قريب يعني في شقتي كمان, قمت من سريري وناديت على جوزي مرة واتنين بس مكانش بيرد عليا, ولازال الصوت شغال مبينتهيش..
قربت من باب الحمام لقيت الصوت واضح أوي, وظاهر جدا في الحمام, فتحت الباب وانا بستعيذ بالله وفتحت النور, وشوفت حاجة لوهلة مقدرتش أستوعب ده ايه, بس بعد ثواني فهمت اللي انا شايفاه ده ايه, جوزي كان واقف قدام المراية ومغمض وعمال يضرب براسه في المراية بانتظام, قربت منه وانا جسمي كله بيترعش وناديت عليه, مرة واتنين لحد ما فتح عينه, وشوفت عيون حمرة زي الدم, لحظتها مقدرتش أتحمل لحظة واحدة تانية وخرجت أجري وقفلت على نفسي باب الأوضة ووقعت على السرير من الرعب, شوية ولقيت باب الأوضة بيخبط وجوزي بيطلب مني إني أفتح..
اترددت كتير بس غصب عني فتحت, لقيته طبيعي جدا وبيسألني انا ليه قافلة باب الأوضة بالترباس, حكتله وانا منهارة من اللي شوفته, ابتسم من كلامي وطلب مني أتغطى كويس لأني واضح إني بهلوس وعرفت إنه كان في البلكونة بيشرب سيجارة, ودخل نام جمبي بدون أي كلمة زيادة, قرأت الأذكار وطلبت من ربنا المدد وحاولت أقنع نفسي إني فعلا كنت بتخيل اللي بشوفه مش أكتر ولا أقل..
تاني يوم روحت على بيت أبويا عشان أقضي اليوم مع أختي يمكن أنسى كابوس امبارح ده, وفعلا قضيت يوم طويل ونوعا ما تناسيت كل اللي حصل والدنيا عدت وبقت كل حاجة كويسة, اتصلت بجوزي لقيته لسة في الشغل فقررت أشتري حاجة ناكلها من الشارع ورجعت على البيت, ومسافة ما فتحت باب الشقة بدأت أشم ريحة غريبة أوي وغير مفهومة, قلبي اتقبض وغصب عني بدأت أفتكر كل اللي حصل امبارح, دخلت أفتش في البيت لحد ما وصلت لأوضة نومي, ولقيت دم, دم كتير أوي على السرير..
“الخراب ثم الموت”
خرجت برة الشقة خالص واتصلت بجوزي اللي نوعا ما حاول يتماسك وطلب مني أروح عند واحدة جارتنا ومدخلش الشقة غير لما يرجع من شغله, حاولت أسيطر على نفسي عشان جارتي متحسش بحاجة وروحت قعدت معاها شوية, وبعد ساعة بالظبط رجع جوزي يجري, خبط على جارتنا وخرجت معاه ودخلنا للشقة, وكانت الصدمة بالنسبالي, ولا فيه دم على السرير, ولا فيه حاجة مكتوبة على مراية الحمام, كل حاجة طبيعية تماما, وقتها بدأت راسي تدور وحسيت إني هتجنن كدا, فيه حاجة غلط ومش مفهومة إطلاقا..
وعدت الليلة بعد ما شغلت سورة البقرة في البيت, تاني يوم اتصلت بيا أختي وكان صوتي مهزوز, حكيت معاها وهي لاحظت وبدأت تلح عليا عشان تفهم سبب تغير صوتي, وبعد إلحاح متواصل حكتلها كل حاجة, بدأت تتوتر وتقلق وقالتلي إن ممكن حد يكون عاملنا سحر ولا حاجة, ولازم نشوف حد متخصص في الحاجات دي, طلبت منها تساعدني فعلا, قالتلي انها هتسأل وتشوف وهتبلغني بالمستجدات قريب أوي..
كنت مستنية منها رد في أسرع وقت لأني فعلا بقيت خايفة أقضي يوم زيادة في الشقة هنا, شوية ودخلنا ننام, وحصل الموقف الأسوأ من كل المواقف اللي حصلت في اليومين اللي فاتوا دول, في نص الليل صحيت على صوت مضغ غريب, كأن فيه حد بياكل حاجة وصوت المضغ عالي أوي, الأوضة كانت ضلمة كُحل وكأن نور الشقة كله قاطع, فقت من نومي, جوزي مش جمبي, حسيت وقتها بالرعب وبقت فيه كهربا عمالة تجري على جلدي, ولعت الأباجورة منورتش, فعلا النور قاطع, مديت إيدي بهدوء لحد ما مسكت الموبايل ووجهته ناحية مصدر الصوت, وصرخت, صرخت بأعلى صوتي لما شوفت منظر بشع..
جوزي, أو شبيه جوزي, بعيونه الحمرة وشكله المُرعب, وماسك صباعه الإبهام وعمال ياكل فيه, ومسافة ما صرخت اتحرك واختفى في الضلمة, مفيش دقيقة ولقيت جوزي داخل وهو مخضوض وبيقول:
– هو أنا كل ما هروح أشرب سيجارة هتصرخي ولا ايه
اترميت في حضنه وفضلت أبكي باستمرار وانا حاسة برعب وفاقدة للأمان التام, تاني يوم بس اتصلت بيا أختي وقالتلي إنها جابت رقم شيخ وكلمته وخدت ميعاد معاه, سألتها أكتر من سؤال واتأكدت إنه مش شيخ, ده مجرد دجال ليس إلا, ورفضت الموضوع قلبا وقالبا, ولما أختي أصرت نروح قولتلها إني أهون عندي أموت ولا إني أروح لدجال الله أعلم ممكن يعمل فيا إيه, الحرام حرام مهما حصل..
وبدون وعي بكيت, بكيت كتير أوي, وملقتش غير المصلية, فرشتها وقعدت من بعد العشاء لحد الساعة 12 بالليل ببكي وبدعي بإلحاح إن ربنا يرفع عني الغُمة دي, دعيت لحد ما صوتي راح ومبقتش قادرة حتى أفتح عيني, ونمت, نمت من التعب والإرهاق, وصحيت بعد ساعتين على صوت هبدة قوية كأن فيه حاجة وقعت مع صوت حد بيتألم..
قمت اتنفضت من سريري ملقتش جوزي جمبي, جريت أدور في الشقة ومسافة ما فتحت الحمام لقيته مرمي على الأرض وفيه دم بينزل من راسه بغزارة, بس المُرعب إني لمحت عيون بتبص علينا من المراية وبعدها اختفت في لحظة, شديت جوزي بسرعة برة الحمام وحاولت أوقف النزيف بس كان بيشدني بكل طاقته وكأنه عاوز يقول حاجة..
قربت منه عشان يتكلم وقال:
– سامحيني, سامحيني لأننا كنا عاوزين نأذيكي
بصتله وانا عنيا بتتحرك بعشوائية من التوتر والصدمة وقولت:
– أنا مش فاهمة حاجة
– افتحي الشات بيني وبين أختك وهتفهمي
قال الكلمة دي ووقع في غيبوبة تامة, اتصلت بأهلي وأهله وجرينا بيه على المستشفى بس كان وقع في غيبوبة وفقد كتير أوي من دمه, وعقبال ما اتحركت المستشفى عشان الجراحة كان خلاص بيموت بالفعل, ولقيت نفسي بدون وعي فعلا بمسك موبايله وبفتحه, وبفتح الشات بينه وبين أختي..
وكانت صدمة العمر بالنسبالي, جوزي وأختي على علاقة عاطفية واصلة لأقذر مرحلة ممكن, لدرجة إن من كتر الجنون اللي فيهم قرروا يدمروا عقلي تماما عشان يتجوزوا بعد كدا بعد مانا أتجنن أو أموت, جوزي كان بيمثل أول ليلة لما كان بيخبط راسه في المراية, وكان مركب حاجة على عنيه مش أكتر, وعمل فيا فصل مُرعب..
ومثل عليا تاني موقف لما كان وكأنه بياكل صباعه وهو كان مركب صباع جلد, وهو اللي كان قاطع نور الشقة, ولما رجعت لقيت دم وكتابة وخرجت, أختي جت الشقة ونضفت كل حاجة بعد ما كلمها عشان يجننوني أنا وبس, كان هدفهم إني أقتنع إن فيه سحر فعلا, وأروح بنفسي للدجال, وقتها جوزي يمسكني هناك ويمثل انه مصدوم ويطلقني, ويطلع عليا كلام كتير إني بتاعت أعمال وسحر, عشان يلاقي زريعة سهلة يتجوز بيها أختي بعد كدا بدون ما أي حد يلومه, أو يقضوها مع بعض لحد ما يلاقوا حل..
بس يشاء ربك يطلع الليلة دي يعمل فيا فصل جديد, بس واضح ان كان فيه كيان غريب مش عاجبه انه يدخل في ظلام الحمام ويخبط راسه في المراية زي المجنون, وحصله موقف مرعب في الحمام خلاه يقع وقع مميتة وينزف, وحاول يخلص ضميره ويفهمني كل حاجة من خلال الشات اللي كان بينه وبين أختي..
واستغربت وقتها بكمية الإيمان والثبات والصبر اللي في قلبي, انا مش زعلانة, ربنا سخر الجن عشان يكشفوا الخدعة الخبيثة دي ويطلعوني منها على خير, كل ده عشان اتمسكت بالدين والمبدأ وقررت مروحش لواحد دجال, وعشان لجأت لربنا مش لحد تاني, وطالما النجاة جت منه فانا هفرح بنعمته دي, مش هزعل لأن أختي أقرب ما ليا خانتني, ولا إن جوزي عمل فيا كل ده, هما اختاروا الشر, وجوزي في غيبوبة الله أعلم هيقوم منها امتا, وأختي هتقع في شر أعمالها قريب, وزي ما عملت فيا ربك هيكون ليها بالمرصاد وهيجبلي منها حقي..
والحمد لله اللي قال في كتابه “ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله” إوعى تفتكر إنك لما تدبر لحد مكيدة أو تحاول تأذيه إنك هتنجح في كدا, وحتى لو نجحت هتقع في شر أعمالك, والمكر السيء هيدور من حوليك عشان تقع, والوقعة هتكون مميتة..
بقلم: أحمد محمود شرقاوي
………….
“ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله”
للمزيد من الأخبار يُمكنكم متابعتنا عبر صفحاتنا الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي: