قصص

مــذكــرات مــمــرضـــة……..مــذكــرات مــمــرضـــة

بقلم: أحمد محمود شرقاوي

واحدة صاحبتي قالتلي ان فيه شغل في عيادة ، مع دكتور بمرتب ضخم جدا، بس لما روحت اكتشفت انها عيادة شمال، ببساطة العيادة، شغالة في الاجهاض، وطبعا انت عارف مين الشخصيات اللي بتجيلنا، بنات غلطت وارتكبت جريمة الزنا ونتج عن ده حمل..
مصيبة بتنزل زي الصاعقة،  على البنت في الوقت ده وبتجري عشان تعمل اي حاجة عشان،  تنزل الطفل اللي في بطنها، وعيادتنا كانت طوق النجاة، بنعرف نعمل العمليات دي بكل سهولة وبسرعة وفي سرية تامة..
وتقريبا يوميا كنا بنعمل عملية او اتنين، وطبعا كنا بنطلب مبلغ وقدره، مش اقل من خمس الاف جنيه في العملية، وكان نصيبي فيهم ٥٠٠ ج، يعني كنت ممكن اعمل في يومي الف جنيه في ست ساعات شغل بس، حتى لما ضميري حاول يصحا كلمني الدكتور وقالي اننا بنعمل عمل انساني بنؤجر عليه، لأننا بنقع في خانة من ستر مسلما، واحنا بنستر البنات دي من الفضيحة..
وتجاهلت تماما الأرواح اللي بنقتلها يوميا، متعرفش الغلط فين، على اللي ارتكب جريمة الزنا، ولا اللي بيعالج الغلط بغلط اكبر وهو القتل، ولا اللي بيقتل نفسه واللي هو احنا..
وللأسف وقعت في اختبار اكبر لما الدكتور بدأ يقرب مني ويحاول يستدرجني اني اسلم نفسي ليه، وكان كلامه واضح جدا، لو موافقتش هيمشيني ويجيب الف غيري، كل ممرضات البلد يتمنوا يشتغلوا بألف جنيه في اليوم..
بس هل كلهم هيوافقوا ؟
مش مهم الاجابة لأني سلمت جسمي للدكتور ومن أول محاولة منه، وبقيت عشيقته في الضل ومساعدته في الشغل، وكنت كل ما احس بالقرف من نفسي تيجي الألف جنيه تطبطب عليا وتواسيني بكل هدوء..
لحد ما جت بنت وصاحبتها وهما مخضوضين وباين على واحدة منهم الخوف الشديد، طبعا مش محتاجة اقول ان كلهم بيجولنا خايفين أصلا، اتكلمت معاهم في المبلغ ووافقوا عليه، وجهزت البنت للعملية..
العملية في العادي بسيطة، عاملة زي الدورة الشهرية للبنت، أسهل من الولادة بكتير، خاصة ان الدكتور كان شاطر جدا في تفريغ الرحم من الجنين اللي بيكون حجمه صغير جدا، لأن أغلب اللي بيجوا بيكونوا في شهورهم الثلاثة الأولى..
عملنا التخدير الموضعي ونامت البنت وبدأ الدكتور يشتغل وانا اساعده، حتى اني كنت مشغلة اغنية للست أم كلثوم وحاجة في قمة الروقان..
بس وسط الروقان ده مشرط الدكتور دخل بطريقة غلط، وفجأة حصلت المصيبة، لقينا البنت بتنزف بطريقة غريبة، كان تقريبا عندها سيولة في الدم من الدرجة الأولى، حاولنا بكل رعب نوقف النزيف بس مقدرناش، البنت في خلال دقيقتين كانت نزفت كمية دم مشفتهاش في حياتي..
حتى ان السرير اتغرق كله دم، حاولنا تاني وتالت بس البنت في ثواني كانت وقعت في غيبوبة ونبضها بدأ يقل، حاولنا ننشط القلب ونحاول نعمل أي حاجة، ووسط رعبنا وخوفنا البنت ماتت..
كأنها كانت جاية عشان تموت عندنا احنا، وقفت ابص للدكتور برعب بلا حدود، كنت شايفة سواد في سواد، كنت شايفة نفسي في السجن ويمكن على منصة الاعدام..
حتى اني كنت هصرخ بس الدكتور كتم نفسي وبدأ يتكلم بتوتر:
– اهدي يا دينا خالص عشان نعرف نتصرف
كلمته وانا بنهج وقولت:
لقيته سكت شوية وبعدها بصلي وهمس:
– لازم نخلص من صاحبتها
وشهقت برعب، الموضوع بيتطور بطريقة مخيفة، فضلت واقفة مبنطقش عشان يكمل كلامه:
– مهو يا نخلص منها يا هنتفضح وهندخل السجن
كلمة السجن خلت جسمي كله يرتجف، بصينا في شاشة المراقبة مكنش فيه غيرها في العيادة، وده لأننا مبندخلش غير مرافق واحد مع اللي هتعمل العملية، بصتله بتساؤل عشان يقول:
– استدرجيها بس لحد هنا وانا هخلص، بس لازم تكوني اهدى من كدا بمراحل
حاولت اتماسك قدام الجثة اللي انا شايفاها دي واتنفس بهدوء، في النهاية خرجت للبنت وانا مبتسمة وقولت:
– الحمد لله العملية خلصت وتقدري تدخلي تطمني على صاحبتك
البنت ابتهجت ودخلت ورايا على الاوضة، وهنا الدكتور كان مجهز حقنة مخدرة، مسافة ما دخلت وشافت الدم نزل الدكتور بالمحقن على رقبتها، صرختها اتحبست في حلقها ووقعت متخدرة في وقتها..
وفي لحظات الدكتور جهز ست حقن مخدرة واداهم للبنت بحيث انها استحالة تفوق تاني، كنت وقتها بترعش، مرعوبة، لقيته اتصل بشخص ما، بلطجي، عشان يجي يخفي الجثتين، وفعلا كلها ساعة وجه شخص خد مبلغ كبير وخد الجثتين في كرتونة كبيرة وحملهم على عربية ربع نقل ومشي..
كان لازم نقفل المكان كله ونختفي فترة، الله أعلم ممكن يحصل ايه، وبالفعل قفلنا الشقة اللي كانت عيادة واختفينا، رجعت بيتي واللي محدش يعرف فيه طبيعة شغلي وانا مرعوبة..
بس يوم بعد يوم بدأت اطمن واحدة واحدة، ومع ذلك بدأت فلوسي الكتير تخلص بطريقة غريبة، كأن المال الحرام عامل زي المية اللي بتسيل على الأرض..
ولقيت نفسي مضطرة اشتغل من تاني، روحت اشتغل في مستشفى بمرتب الفين جنيه في الشهر، وكنت وقتها في قمة احباطي وسخطي على كل حاجة، ست شهور كاملين ولا الدكتور كلمني ولا انا عارفة اوصله..
ست شهور عملت فيهم مبلغ كنت بعمله في ١٢ يوم بس، وفي ليلة جتلي النجدة لما كلمني الدكتور وقالي انه هيفتح عيادة جديدة وعايزني اشتغل معاه..
يومها طرت للعيادة الجديدة اللي كان لسة بيجهزها، بس هو كان عايز وقتها حاجة تانية، ووقعت معاه في المحظور بكامل رغبتي، مانا مينفعش ارفض الفلوس دي كلها..
فضلت كام يوم مستنية تجهيز العيادة، وبدأنا مع بعض الشغل الجديد، بس بعد شهر واحد بدأت أحس بتعب غريب، قيء وتعب ودوخة شديدة..
ولما ركزت مع الأعراض حسيت بالكارثة، ولما روحت عملت تحليل عرفت اني حامل، كانت مصيبة أكبر من مصيبة قتل البنتين، يومها جريت على الدكتور اللي طمني تماما وقالي انه هيعملي العملية بنفسه..
هديت شوية بين ايديه بل ووقعت معاه في المحظور من تاني عشان اهدى من التوتر اللي انا فيه، تاني يوم روحت العيادة لقيتها مقفولة، استغربت جدا واتصلت عليه لقيت الخط مقفول..
وادركت الكارثة اللي وقعت فيها، الندل اتخلى عني، وبما انه بيأجر الاماكن دي فسهل اوي يتنقل من هنا لهنا، وسهل انه يجيب بنت تانية للشغل، وزباينه بيعرف يجيبهم بطرقه الخاصة من على النت فمش هيفرق العنوان في حاجة..
وقعدت شهر في حالة نفسية صعبة جدا، مرعوبة حد من أهلي ياخد باله من حاجة، وكان لازم اعمل زي كل البنات اللي شوفتهم، لازم اجهض الطفل اللي في بطني..
حكيت لواحدة صاحبتي وقررت تساعدني، وان كنت حاسة اني هموت على طاولة العمليات، اني هدفع ثمن اللي عملته في البنتين اللي قتلناهم، كلمنا دكتور عنده عيادة شمال برضه وحددنا ميعاد خاص..
وقبل الميعاد بدأت الكوابيس تزورني، بشوف نفسي بنزف دم كتير، بشوف البنت اللي قتلناها هي اللي بتعملي العملية وبتقطع في جسمي بالمشرط، كنت بقضي ليالي سيئة جدا.
ليالي من الرعب والتوتر والألم النفسي الرهيب، في النهاية جه يوم العملية وروحت انا وصاحبتي، وزي ما كنا بنعمل في عيادتنا، انا وصاحبتي بس اللي دخلنا واتقفل باب العيادة، واتأكد ظني اني هموت جوة ومش هخرج..
وقتها بس حسيت بشعور كل بنت جتلي وانا كنت بسخر من قلقها، وقتها بس بصيت في مرايا العيادة ولقيت نفسي شبه كل البنات اللي وقعوا في المصيبة دي..
ودخلت العمليات وانا حاطة الموبايل في جيبي، اتفقت مع صاحبتي ان لو جرالي حاجة هرن عليها فتفهم ان فيه مصيبة حصلت، ودخلت وبدأ الدكتور يشتغل..
وزي ما توقعت، حصل نزيف شديد وسمعت الممرضة بتصرخ بخوف وبتقول:
“هتموت يا دكتور”
وقتها حسيت بتعب شديد ودوخة غريبة، وبأخر طاقتي اتصلت على صاحبتي، وضلمت الدنيا كلها قدام عنيا، وعرفت اني هموت زي ما غيري ماتت قدام عنيا..
بقلم: أحمد محمود شرقاوي
…………….
صحيت لقيت نفسي على سرير في مستشفى وقدامي دكتور وظابط وصاحبتي، بصيت بخوف للظابط اللي ابتسم وقالي:
بلعت لساني وحسيت بجسمي كله بيترعش، اتعينت حراسة عليا لمدة يوم واحد لحد ما جسمي استكان، وبعدها بدأ التحقيق، واكتشفت ان كل حاجة اتعرفت..
لما حصلي نزيف واتصلت على صاحبتي جريت عليهم وهددت اياك حد يعمل فيا حاجة، خدتني في عربية وودتني مستشفى فورا، وطبعا ادارة المستشفى بلغت عن حالتي لان ده معناه ان فيه عيادة شغالة شغل غير مشروع، ووقعت انا في البنج عشان يلحقوني، بس للأسف وانا في البنج فضلت اهلوس واقول:
“هموت زي ما قتلنا البنت”
وبلغ الدكتور الظابط اللي حضر بكلامي، واستدعوا صاحبتي اللي اعترفت زي ما بيقولوا من أول قلم اني كنت شغالة في عيادة اجهاض بس هي متعرفش حاجة عن البنت اللي ماتت دي، وطبعا واجهني الظابط بكل الكلام ومع تهديده باستدعاء أهلي انهرت بالبكاء واعترفت بكل حاجة..
اعترفت اني اشتغلت في الاجهاض، واني قتلت بنتين، واني زنيت مع الدكتور وحملت وحاولت اجهض الطفل اللي في بطني، واتقبض عليا وبعد التحقيق بلغتهم بكل أوصاف الدكتور اللي قدروا بعد أيام يقبضوا عليه..
واتوجهت ليا تهمة القتل وعمل اعمال غير مشروعة، وعرفت ان حياتي كلها اتدمرت، واعتقد ان دي عدالة السماء، لاني استحق كل ده، وقفت قدام وكيل النياية ابكي وهو بياخد أقوالي عشان يحولني للمحكمة، ولقيت نفسي بقوله:
– عارف يا باشا انا دلوقتي عرفت
– عرفتي ايه
– عرفت ليه ربنا قال ولا تقربوا الزنا ومقالش ولا تزنون
– ليه بقا
– عشان الزنا يا باشا جريمة شنيعة بتدمر حياة ناس كتير مش شخص واحد بس، لو زنيتي وحملتي هتضطري تقتلي ابنك، وتعيشي ايام صعبة لحد ما تقدري تتخلص من ابنك، ولو مقدرتيش تتخلصي منه هتنسبيه لأب غير ابوه لو كنتي متجوزة، ودي جريمة ابشع، اختلاط انساب يا باشا وعقابها عند ربنا كبير، ولو مكنتيش متجوزة والناس عرفوا هتجيبي لأهلك العار ومش بعيد يقتلوكي او تهربي، غلط بيجيب غلط بيجيب غلط، وكل ما تحل هتلاقي نفسك بتحل بغلط أكبر يا باشا، جريمة ملهاش علاج غير الغلط اللي اكبر منه، عشان كدا الرحمن قال ولا تقربوا الزنا
وانهرت في البكاء..
“ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا”

للمزيد من الأخبار يُمكنكم متابعتنا عبر صفحاتنا الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى