
المرأة في الدراما:مرآة مجتمع أم صورة مشوهة؟ منذ أن بدأت الدراما تشق طريقها إلى شاشاتنا، كانت المرأة حاضرة… لكن كيف؟ هل ظهرت كقوة فاعلة تُغيّر وتُقرّر، أم ككائن هش ينتظر من يُنقذه؟ هنا يكمن السؤال.
الدراما ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل هي مرآة تعكس ما يدور في المجتمع من أفكار ومفاهيم. ولأن المرأة تمثل نصف هذا المجتمع، فإن الطريقة التي تُعرض بها في المسلسلات والأفلام تؤثر بشكل مباشر على نظرة الناس لها… وعلى نظرتها لنفسها أيضًا.
لعقود طويلة، حصرت الدراما المرأة في قوالب جاهزة:
الأم المضحية، الزوجة الغيورة، الفتاة الساذجة، أو الشريرة المغرية. وبالرغم من وجود شخصيات قوية وملهمة بين الحين والآخر، فإن الصورة العامة غالبًا ما كانت إما مثالية لا تُصدّق… أو سطحية تُقلل من شأنها.
هذه الصور النمطية تركت آثارًا عميقة. فالبعض بدأ يصدق أن هذا هو “الدور الطبيعي” للمرأة، والبعض الآخر – من النساء أنفسهن – شعر بأن عليه أن يتصرف وفقًا لما يُملى عليه من الشاشة.
لكن لحسن الحظ، تغيّرت الأمور في السنوات الأخيرة. بدأت تظهر شخصيات نسائية مختلفة: المرأة القائدة، العالمة، المكافحة، وحتى المرأة التي تُخطئ وتتعلم من أخطائها. هذه ليست فقط شخصيات مكتوبة بشكل جيد، بل هي رسائل قوية تقول: “من حقك أن تكوني ما تشائين”.
هذا التغيير لم يأتِ من فراغ، بل هو انعكاس لتطور المجتمع وارتفاع أصوات نسائية طالبت بالصورة الحقيقية، لا الصورة “المُجمّلة” أو “المُشوّهة”.
المطلوب اليوم ليس فقط أن تكون المرأة “حاضرة” في الدراما، بل أن تكون حقيقية، متكاملة، تعكس واقعها بتحدياته وأحلامه… لا مجرد ظلّ مرسوم بقلم كاتب لم يُرها يومًا كما هي.
ولهذا على صناع الدراما أن يدركوا أن ما يقدمونه ليس مجرد قصة تُروى، بل هو رسالة تُزرع في العقول والقلوب. فصورة المرأة في الأعمال الدرامية ليست تفصيلة عابرة، بل هي حجر أساس في تشكيل وعي الأجيال القادمة. المطلوب هو تقديم المرأة كما هي: إنسانة تُحب، تُخطئ، تقاوم، وتنجح. لا نريد بطلات خارقات، ولا ضحايا دائمات… بل شخصيات حقيقية تعكس ما يدور في الحياة، وتُلهِمنا جميعًا أن نكون أفضل.
تابعونا على صفحتنا الفيس بك