ثقافة

قصيدة “الْمُتَفَرِّدْ” الشاعر الكبير عمر فتحي

كتبت: حنان محمد بعرور

الْمُتَفَرِّدْ
لَا تَبْتَئِسِي
يَا رُوحَ الرُّوحِ وَيَا سَنَدِي
فِي هَذَا الْمَهْمَهِ حَيْثُ الرِّيحُ
تُزَمْجِرُ تَعْصِفُ تَدْفَعنَا
وَتُنَبِّأ بِالْأَجَلِ الْآتِي
وَكَذَلِكَ بِالْفَرَج الْآتِي
سَيَمَرُّ الصَّحْبُ الْآنَ
فَبِذَلِكَ قَدْ حَدَّثَنَا
فِي جَلْسَةِ صَفْوٍ… سَيِّدُنَا
وَإِمَامُ الْخَلْقِ بِأَجْمَعِهِمْ
قَدْ قَالَ لَنَا:
أَسْعَدُكُمْ سَوْفَ يَمُوتُ وَحِيدَا
وَبَقِيَّتُكُمْ وَسْطَ الصُّحْبَةْ
أَفْضَلُكُمْ سَوْفَ يَمُوتُ بَعِيدَا
حَيْثُ الصَّحَرَاءُ الْقَاحِلَةُ
حَيْثُ الْأَجْوَاءُ الَّلافِحَةُ
لَا عُشْبَ هُنَاكْ
لَا مَاءَ هُنَاكْ
لَا زَرْعَ وَلَا طَيْرَ هُنَاكْ
سَيَمُوتُ الْأَوَّابُ الصَّبَّارْ
فِي وَحْدتِهِ جَنْبَ الصَّبَّارْ
هَوَ أَسْعَدُكُمْ… سَوَّفْنَاهُ
سَيَعِيشُ طَوِيلَا
ثُمَّ يَمُوتْ
فَالجِنُّ تَمُوتْ
وَالنَّاسُ تَمُوتْ
وَمَلَائِكَةُ الرَّحْمَنِ تَمُوتْ
وَالْوَحْشُ يَمُوتْ
الْكُلُّ يَمُوتْ
وَكَذَلِكَ أَنْتمْ سَتَمُوتُونْ
قَدْ سَوَّفْنَاهُ لِكَيْ يَبْقَى
مَا بَيْنَ النَّاسْ
مَا بَيْنَهُمُ يَحْكِي النِّبْرَاسْ
بَيْنَ الْأَصْدَاف يُحَاكِي الْمَاسْ
فَبَقَاءُ الْأَسْعَدِ خَيْرْ
لَجَمِيعِ الْخَلْقِ…
يُعَلمُهُمْ وَيُؤَدِّبُهُمْ
وَيُرَغِّبُهُمْ وَيرَهِّبُهُمْ
وَبِهِ… تُدْرَكُ أَعْلَى الدَّرَجَاتْ
وَبِهِ… تُتْرَكُ أَدْنَى الدَّرَكَاتْ
حَتْمًا سَيَمُوتْ
تَنْقَطِعُ بِزَوْجَتِهِ السُّبُلُ
وَتَظَلُّ الزَّوْجَةُ فِي حَيْرَةْ
عَبَثًا تَسْعَى
وَتَدُقُّ الْأَرْضَ بِرِجْلَيْهَا
فَلَعَلَّ الْأَرْضَ تحِنُّ
يَتَفَجَّرُ مِنْهَا الْمَاءْ
أَوْ عَلَّ الطَّيْرَ يَلُوحُ لَهَا
كَيْ تَعْرِفَ أَيْنَ الْمَاءْ
عَبَثًا تَسْعَى
تُشْبِهُ هَاجَرْ
تَشْتَاقُ لِقِيلَة” ذُمِّي”
لَكِنَّ الْجُهْدَ هَبَاءْ
لَا ثَمَّةَ قَطْرَةُ مَاءْ
لَا شَيْءَ يَسُدُّ الْجُوْعْ
وَالْخِلُّ عَلَتْهُ الْغَيْبُوبَةْ
فَتَقُولُ: تَمُوتُ بِلَا كَفَنِ؟!
وَترَدِّدُ: وَاذُلَّاهْ
يَا وَيْلِى وَا كَرْبَاهْ
لَيْتَكِ…هَاجَرْ تَدْرِينَ بِنَا
تَأْسِينَ لَنَا
وَبِبَرَكَاتِكِ يَنْزَاحُ الْكَرْبْ
فَيُفِيقُ الْحِبُّ وَيَنْظُرُهَا
وَبِشَوْقِ الصَّبِّ يَحَدِّثُهَا
وَيعَقِّبُ: لَا وَاللهْ
لَا كَرْبَ وَلَا ذُلَّاهْ
بَلْ قُولِي وَاسَعْدَاهْ
فَبِذَلكَ خَبَّرَنَا الْمَحْبُوبْ
فَعَليْهِ سَلَامُ اللهْ
مَنْ حَدَّثَ عَنْ مَوْلَاهْ
فَأَنَارَ لَنَا الطُّرُقَاتْ
مَهَّدَ أَعْلَى الدَّرَجَاتْ
لِبُلُوغِ الْقَصْدْ
قَدْ رَامَ الْحَقْ
لِجَمِيعِ الْخَلْقْ
لَا تَبْتَئِسِي
بَلْ فارْتَقِبِي
يَا خَيْرَ نِسَاءِ الْكَوْنْ
فَسَيَأْتِي الصَّحْبُ بُعَيْدَ وَفَاتِي
يَتَسَابَقُ كُلٌّ مِنْهُمْ
لِيُقَدِّمَ ثَوْبَهْ
كَفَنًا لِلْفَانِي
لَا يَخْتَصِمُونْ
بَلْ يَقْتَرعُونْ
وَالْفَائِزُ مَنْ زُمَلَائِي
هَوَ أَسْعَدُهُمْ بِلِقَائِي
هُوَ مَنْ سَتَّرَنِي فَوْقَ الْأَرْضْ
سَأُنَافحُ عَنْهُ يَوْمَ الْعَرْضْ
سَيُصَلِّي الْقَوْمُ عَلَيّ
فَعَلَيْهمْ صَلَّى اللهْ
وَكَذَاكَ رَسُولُ اللهْ
وَلَوَ انِّي مِتُّ وَحِيدَا
فَبِذَاكَ أَكُونُ فَرِيدَا
أَتَفَرَّدُ فِي دُنْيَايْ
وَكَذَلِكَ فِي أُخْرَايْ.

تابعونا علي صفحة الفيس بوك 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى