اخبارشعر

قصة قصيرة [ الضيف الثقيل ] للكاتب محمد نجيب الجزار.

كتب حنان محمد 

 

الضيف الثقيل

••• طرق الباب طارقٌ بليل ، ففتح مصطفي الباب مُتَوجِّسا خِيفة ، وهو يقول هَمسا لزوجته مَن هذا الطارق الذي يطرُقُنا ليلا ، ثم فتح الباب فألفي ( سعيد ) ابن قريته وصديقه القديم فرحب به وأدخله

وقَدَّمه لزوجته التي شاركت زوجها في التَّرحيب بالضيف ، وهما كاظمان غيظهما لمجيئه بليل متأخر وعلي غير موعد ، وقد أربك حساباتهما فما مِن طعام أو شراب يقدِّمانِه للضيف وما مِن سبيل لشراء شئ وقد تجاوز الليل نصفه ، وأُغلِقَت المحال .

.. أكل الضيف ماجادت به الثلاجة التي تمخضت عن قطعة من الجبن وكِسرةٍ من الخبز . وهذا كل ماأفْرَزَتْه الثلاجة في ذلك الوقت المتأخر ليلا .

سأل مصطفي ضيفه عن سبب منحهما هذا الشرف الرفيع بالزيارة المباركة : قال جئت من قريتنا بحثا عن عمل في المدينة . فأبواب ال زق في القرية مغلقة أو تكاد .

••• ظل سعيد يخرج كل يوم في الصباح بعد تناول الإفطار معهما يبحث عن عمل ــ كما يَزعُم ــ ثم يجلس علي إحدي المقاهي يحتسي شايا فشايا ويقضي وقتا لطيفا ثم يعود في آخر النهار مع موعد الغداء ، فيتغدي ثم يَخْلَدُ للنوم والراحة ، وقد استمرأ سعيد هذا الأمر ، وظل هكذا أياما وليالي بين الخروج في الصباح بعد الإفطار والعودة في المساء لتناول الغداء ، ثم النوم ثم تناول العشاء . ولا عملا وجد ولا بيتا غادر ورحل .

وقد ضَجَّ مصطفي وزوجته بهذا الضيف الثقيل الذي تجاوز مُكْثُهُ عندهما شهرا ولم يلتحق بعمل ولم تظهر نيَّتُه للرحيل .
قال مصطفي لزوجته خِلسة من ضيفهما الثقيل

… كيف التخلص من هذا الجاثوم الجاثم علي صدرنا ؟
… قالت سوف نفتعل مشاجرة كلامية بيننا في صباح الغد ودع لي الباقي .

… شَبَّتْ المعركة المُفْتَعَلة بين الزوجين وتعالت الأصوات حتي نفَذَتْ إلي مسامع الضيف الذي ختم علي أذنه بالصمم فخرج من الحجرة يفرك عينيه ، ويسأل عن الشِّجار وأسبابه فاستقبلته الزوجة وهي تُمَثِّل الغضب والبكاء وتجعل الضيف الثقيل حكما بينهما ، وقد ذكَرَتْ له سبب الشجار وهو قصة من وحي الخيال ، ثم قالت له :

… (ضِيفْنَا يانَدَي .. يااللي أنتَ مْرَوَّحْ غَدا .. الحقّ علي مِينْ فِينا ) ؟

فقال الضيف الثقيل :
… ( وحقِّ ماأرسلني لكم
أنا جاي أشَتِّي وأصَيِّفْ عَندِكُمْ .. وانتو مِنّكُمْ لبَعضِكُمْ )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى