ثقافة

صابرين.

كتبت: عبير مدين

صابرين …حكايتي اليوم تتكرر كل يوم وإن اختلفت التفاصيل لكن المضمون واحد يا عزيزتي أسرة تعيش على هامش الحياة من الطبقة الكادحة رزقها الله بطفلتين عندما ولدت الكبرى أصابت الصدمة والديها فلم تكن ذات جمال يذكر لكنهما صبرا اسماها ابوها صابرين فعوضه الله بطفلة أخرى ذات حسن وجمال فأسماها جميلة؛

كان ميلاد جميلة قدم الخير والنعمة على والديها تحسنت حالتهما المادية فأوليا جميلة معاملة خاصة واغدقا عليها من الحب والدلال بينما كان الاهمال والقسوة من نصيب صابرين التي انخرطت في شغل البيت ووضعت كل همها فيه وفي دراستها كانت تحلم أن تحصل على مؤهل جامعي.

لكن والدها رفض كان يراها كالأرض البور خسارة الصرف عليها وكان كل همه أن يجد لها عريسا يرضى بها إلى أن تقدم لها شخصا غير متعلم فقيرا يعيش مع أمه وأبوه وثلاثة من الإخوة في حجرتين وصالة لكنهم يحتاجون خادمة بلا اجر بلا حقوق فأجبرها على الزواج منه رغم رفضها .

وكلمات امها كطلقات الرصاص تقتلها بلا رحمة لماذا ترفض وهم ما صدقوا أن يجدوا من يرضى بها؟! وعليها الموافقة لتفسح الطريق لشقيقتها التي يقف خطابها طبورا على باب البيت الذي كانت تعيش فيه هانم الجميع في خدمتها بالكاد حصلت على مؤهل متوسط لكنها درة تاج الأسرة وقرة عين والديها اللذان وقعا في حيرة اختيار عريس مناسب لها!
في النهاية.

وافقوا على عاصم وهو طبيب شاب حديث التخرج من أسرة طيبة صحيح ظروفه المادية صعبة مثل شباب كثير في سنه لكن مستقبله سيكون مضمون، أسس عاصم عش الزوجية شقة صغيرة و فرشها والدا جميلة على ذوقهما كان عاصم مفتونا بجمالها يفعل كل ما يستطيع لينال رضاها وكانت هي طوال الوقت متذمرة متأففة أو مترددة وطوال الوقت عاصم يدلل فيها أو يحاول إقناعها على أمل أن تتغير بعد الزواج لكن لا شيء تغير بل زاد الوضع سوءا عانى من إهمالها له.

وللبيت ومن انانيتها المفرطة واسرافها فلم تراعي أنه في بداية حياته فظل يكافح وحده دون أن يشعر منها بأي تقدير وزاد الأمر عن حده مع ميلاد طفلهما الاول والثاني فطالبته بتوفير خادمه ووقع خلاف شديد بينهما حسمته امها بإجبار صابرين التي حصلت على الطلاق بعد عامين من زيجه تعيسة وعادت لبيت ابوها تحمل طفلة تشببها كثيرا حتى قالت امها عاد الهم بهم آخر!.

لم يكن أمام صابرين إلا الموافقة على العمل خادمة لشقيقتها تحت مسمى (اختها هتسلي نفسها وتساعدها في شغل البيت) في هذا الوقت كان عاصم قد فتح عيادة صغيره ويبحث عن مساعدة له فقالت جميلة له خذ صابرين سوف ترضى بجنيهات قليلة، فكانت صابرين تقوم بشؤون بيت شقيقتها في الصباح أثناء عمل عاصم في المستشفى وتعمل عنده في العيادة بعد الظهر وطفلتها معها بعد أن رفضت جميلة أن تبقيها معها بحجة أنها لا طاقة لها بتحمل مسؤولية ثلاثة أطفال في نفس الوقت.

مرت الايام وصابرين تتحمل من أجل تربية طفلتها وكابوس أن المسكينة سوف ترث حظها يطاردها حتى كان اليوم الذي شعر فيه عاصم بالجهاد واستغل فرصة أنه أتى العيادة مبكرا فهو لم يعد لديه رغبة في العودة للبيت بعد انتهاء عمله بالمستشفى فجميلة لا تكلف نفسها بتقديم الطعام الذي اعدته شقيقتها له بل تطلب منه أن يدخل يأكل في المطبخ!
هذا اليوم جلس يتحدث مع صابرين لاول مرة ولأول مرة يشعر بالغضب من أجلها ويرى فيها جمالا خفيا هي على النقيض من شقيقتها في كل شيء شخصية مكافحة مدبرة نظيفه أنيقة رغم ظروفها ومظهرها البسيط وقلة إمكانياتها تجيد الاعتناء بطفلتها وتزرع داخلها ثقة بنفسها أنها بنت جميلة.

أراد عاصم أن يرد لصابرين بعضا من الجميل فأعاد إحياء أملها في الالتحاق بالجامعة وساعدها فيما بعد على الانتساب سرا إلى إحدى الكليات فهي قد قالت له انها تريد أن تفاجئ الجميع بعد حصولها على الشهادة والحقيقة أنها كانت تشعر في أعماقها أن لا أحد يعنيه أمرها بل على العكس ربما حاربوها حتى لا تتميز عن جميلة في شيء استسلم عاصم لرغبتها واعجابه بها يكبر يوما عن يوم حتى حصلت على شهادتها الجامعية في الوقت الذي التحقت فيه طفلتها بالمدرسة.

وعندما لاحظت تغير معاملة زوج شقيقتها معها وتحول إعجابه بكفاحها لحب آثرت الابتعاد بحجة التفرغ لتربية وتعليم الصغيرة فبحثت لنفسها عن وظيفة جديدة رغم اغراء عاصم لها بمضاعفة راتبها ومنحها كل ما تحتاج لكن ما كانت تحتاجه في هذا الوقت لم يكن عاصم على وجه التحديد يصلح أن يمنحه لها فكان لا مفر من الهروب والاستقلال فقامت باستئجار شقه صغيره جدا لها ولطفلتها لتكون هي سيدة بيتها لاول مرة في حياتها.

مع رحيل صابرين عن حياة عاصم وهي تحمل في احشائها قصة حب غير مكتوب لها الميلاد كان هو يتألم كان يشعر أن صابرين هي زوجته الفعلية وأمه أيضا كانت تجيد الاعتناء به وتفهمه كان هذا هو الجمال الحقيقي الذي يزيد بمرور الزمن فازداد حبه لها وازدادت علاقته سوءا بجميلة التي ظلت على قناعة بتشجيع من أهلها أن الجمال هو الضمان لحياة سعيدة حتى كان اليوم الذي انفجر فيه عاصم في وجهها وكاشفها بكل عيوبها التي لم يعد يتحملها وهو يرى يد الاهمال.

تمتد اكثر واكثر لأولاده فكاد طفلهما الأصغر أن يسقط من النافذة في غفلة منها ولم تتحمل جميلة ولم تبدي ندما أو تقدم اعتذار بل أسرعت للنافذة تهدده بالقاء نفسها حتى يبادر هو بالاعتذار لها عن إهانته جمالها لكن لسوء تقديرها اختل توازنها وسقطت بالفعل ولم تفلح محاولات إنقاذها لتجد صابرين نفسها في النهاية مطالبة من أهلها بالزواج من زوج شقيقتها الراحلة لتخدم ابناءها!.

تابعونا على صفحتنا الفيس بك 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى