قصيدة (لماذا ليس ينطفئُ الدخَانْ) للشاعر الكبير محمد خير.
كتب حنان محمد
لماذا ليس ينطفئُ الدخَانْ
لماذا النارُ ترفضُ أن تغيبَ عن الأزقةِ والحواري
والشوارعِ والبراري
والمراسي والصواري
والحقولِ بعنجهيةٍ استبدَّتْ في اخضرارِ الحُلمِ
كالأُسْدِ الضواري
حين تَفْتكُ بالأمانْ
لماذا ليس ينطفئُ الدخَانْ
وفي رحِمِ البحارِ أرى براكينَ انفتاحٍ
وانشطاراتِ انزياحٍ
والظلامَ كما أفاعٍ
ناعمات
ساعيات بالسمومِ وبالغشاوةِ
نحو أطراف الصباحِ
ومَوْجَةً تبكي على كَتِفِ الرياحِ
مِن المشقةِ والكفاحِ
وغَيْمَةً خسرتْ رهانْ
لماذا ليس ينطفئُ الدخَانْ
لماذا النارُ تحشدُ جُندَها
كي تهزمَ القلبَ النَّقِيْ
لماذا الذئبُ غادرَ وَكْرَهُ الشتويَّ
كي يلهُو بأغنيةِ الصبيةِ والصَّبِيْ
لماذا قال عنه الخائفونَ بأنه
ورِعٌ أتى متوكئًا
متأبطًا ترنيمةً تغزو ضلوعَ الجُبِّ والطفلِ الرَضِيْ
وفي صخبِ الحكاياتِ البليدةِ
لاحَ نابُ الغدرِ في قلبِ التَّقِيِ
وفازَ بالتصفيقِ مغلولٌ جبانْ
لماذا ليس ينطفئُ الدخَانْ
وفوق مراسمِ التشييعِ صوتٌ أثكلتْهُ الذكرياتْ
وآهاتٌ خُطَاها لا يُفارقُها الثباتْ
وبعضٌ مِن خرائطِنا التي تطفو على زَبَدِ الشتاتْ
وأغنيةٌ على إيقاعِ مَرْثِيَّاتٍ احتملَتْ عواءَ النارِ أزمنةً
وما نسيتْ مواجعَها
فما مات الذي أَحْيَتْهُ هِمَّتُهُ،
قضييَّتُهُ
ومَن عاشَ الحياةَ مُذَبْذَبًا قد ماتْ
وحتمًا سوف تأكلُ بعضَها النيرانْ
وحتمًا سوف ينطفئُ الدخانْ