قصص

مجاورة الشيطانة…مجاورة الشيطانة

بقلم: أحمد محمود شرقاوي

بقالي،  ٢٠ سنين متجوزة مع حماتي في شقتها، على أمل إن جوزي ربنا هيكرمه مع الوقت وهنقدر نشتري شقة تجمعنا بعيد عن ، وجودي الصعب في مكان غير مكاني، كان عندي أمل من أول يوم جواز إننا مش،  هنطول وهنخرج ويبقا لينا شقتنا الخاصة، بس يوم بعد يوم وسنة بعد سنة لحد ما اتفاجئت اني بقا عندي ولدين أكبرهم ١٩ سنة وأصغرهم ٨ سنين، وانهاردة بس جوزي وبعد تحويش سنين جه يبشرني بالخبر الجميل، أخيرا لقى شقة بسعر خيالي حرفيا، كنا وكأننا في حِلم، حِلم جميل أوي، وروحنا بعد يومين نشوف الشقة اللي كانت في منطقة شعبية مشهورة، بس اللي كان مُهم بالنسبالنا هي الشقة، الشقة اللي كانت متشطبة كويس وواسعة وحاجة ولا في الخيال، وبدون أي تفكير مضينا العقود وبدأنا نرتب حاجتنا عشان النقل..
مجاورة الشيطانة
وبعد يومين فعلا رفعنا العفش على العربيات وروحنا على المنطقة، كانت العمارة صغيرة عبارة عن ست شقق فيها شقتين بس ساكنين فوق مني، وانا كنت هكون في الدور الأرضي، ومن أول ما بدأنا ندخل العفش لجوة العمارة فوجئت بواحدة ست ضخمة أوي وملامحها عبارة عن شيطانة من الإنس، كانت واقفة على السلم بتتفرج علينا واحنا بننقل العفش، وكانت مركزة معايا انا بالأخص، حاولت ابتسم وابقا ودودة معاها بس تجاهلتني تماما وفضلت نظرة الشر في عنيها، عديت اليوم ورصينا العفش في مكانه ونمنا زي الأموات من التعب اللي شوفناه طول اليوم..
وتاني يوم خرج جوزي للشغل وابني الكبير راح الكلية والصغير راح مدرسته الجديدة، وفضلت انا لوحدي في الشقة، وعلى بعد العصر لقيت ابني الصغير دخل الشقة وهو خايف أوي، حاولت استفهم عن سبب خوفه، لقيته بيقولي انه شاف راجل غريب واقف على السلم وشكله يخوف وبياخد حاجة من الست اللي فوقينا..
مكنتش فاهمة في البداية ده ايه وقبل ما افكر سمعت صوت حاجة زي صوت المية في المنور بتاع الشقة، فتحت باب المنور لقيت كيس مقطوع ونازل منه مية كتير، وفهمت من ربطته ان اترمى قصد عندي من فوق، ببساطة لأن ده كان بول مش مية، حسيت بخوف وتوتر كبير وقفلت باب المنور..
مجاورة الشيطانة
وعلى بالليل لما جه جوزي حكتله اللي حصل، طلع يتفاهم مع الست ويستفهم بس مسافة ما طلع مسكت فيه وبدأت تشتمه وتقوله لو مش عاجبك امشي من هنا وسيب البيت، وانت جاي تتبلى عليا في شقتي، ونزل جوزي متبهدل من ست عاملة زي الشيطان الرجيم..
ومن تاني يوم بس بقا الوضع ثابت، أكياس بول تترمي في منور شقتي من فوق، وفي البلكونة، وأي غسيل أنشره تتدلق عليه مية قذرة والغسيل حرفيا يترمي، وكلها ايام وفهمنا، المنطقة دي مشهورة ببيع المخدرات وكلهم عارفين بعض، ومش بس كدا، دول مش عاوزين أي دخيل وسطهم أبدا، والست دي أشهر واحدة بتبيع بودرة وحشيش وبرشام، ووجودي مضايقها وبالأخص لما عرفت اننا متدينين ومحترمين..
وقتها حسيت برعب كبير، واقترحت على جوزي نعلق كاميرا مراقبة ويتعملها فتحة في باب الشقة من فوق عشان محدش يكسرها، وبقيت بشوف بلاوي، بشوف شباب مدمن طالع السلم يوميا يشتري من الست مخدرات..
وشوفت الأسوأ من ده لما لقتها بترش قدام بيتي مية وبترسم صلبان على باب شقتي وبتبخر ببخور غريب، الست بتسحرني وتأذيني وممكن تعمل فيا الأسوأ من كل ده..
وكلها يومين بس ولقتها لاحظت الكاميرا اللي على الباب، وقتها بصت للكاميرا بصة شيطانية وانا براقبها من الشاشة جوة، وبدون مقدمات بدأت تخبط بقسوة وغضب على باب الشقة، فتحت الباب وانا بحاول اتماسك لقتها بتطلب مني أشيل الكاميرا دي، ولما رفضت هددتني بعيالي، قولتلها إني هبلغ عنها لقتها ابتسمت ابتسامة غريبة ومشيت..
وعلى بالليل بلغت جوزي عشان يقدم بلاغ بس كانت فيه نظرة خوف غريبة في عنيه، وعرفت منه ان الناس دول ممكن الموضوع يوصل معاهم للقتل حرفيا، واننا وسطهم هنتاكل، فكرنا نرجع شقة حماتي بس اخوات جوزي عرضوها للبيع وحماتي راحت تعيش مع حد فيهم، يعني اتورطنا في الشقة حتى النُخاع..
مجاورة الشيطانة
كل ده كان ممكن يعدي، انما اني أسمع صراخ قدام باب شقتي واتفاجئ بإبني متكسر عضمه وراسه مفتوحة ومتعور في أغلب جسمه فده اللي مكنتش هتحمله أبدا، كان بيموت قدام عنيا، وشوفت وقتها نظرة شماتة في عنين الست من البلكونة، وجالي يقين انها سلطت حد يستنا ابني ويعمل فيه كدا، جرينا على المستشفى أربع أيام، وبعدها يوم طويل في القسم معرفناش نثبت عليها أي حاجة..
وكلها يومين وابني الصغير رجع مجروح في راسه هو كمان، وكأنه آخر تحذير اننا لازم نمشي من المكان بأي طريقة، حاولنا نأجر برة او نهرب، نعرض الشقة للإيجار محدش قرب منها، حاولنا نبيعها محدش قرب مننا، كل اللي كان بيجي كانت بتعجبه الشقة بس مسافة ما يسأل على الجيرة بيهرب فورا، احنا اللي كنا أغبياء للأسف، مطبقناش المثل اللي بيقول “الجار قبل الدار”
وجت الليلة إياها، كان اتنين استنوا جوزي قدام العمارة وعملوا معاه مشكلة وسحلوه حرفيا، اتنين برضه تبعها، وكانت كسرة القلب الأخيرة، ولادي صغيرين والاسم ولادي، انما ده الراجل والسند والأمان، لما اشوفه مكسور كدا بعنيا هتكسر حرفيًا، يومها كانت أول مرة اقعد على المصلية وأبكي واقول بكل حُرقة الدنيا
“حسبي الله ونعم الوكيل”
قولتها بنبرة شخص مقهور، موجوع، متكسر، قولتها مرة واتنين وعشرة ومية، قولتها لحد ما فقدت الوعي ونمت خالص، تاني يوم الصبح سمعت صوت رزعة عنيفة أوي في المنور، وكأنها قنبلة انفجرت في المنور..
مجاورة الشيطانة
مكنتش بفتحه من كتر اكياس البول والزبالة اللي بتترمي فيه، بس الصوت خلاني أفتحه، وشوفت أسوأ منظر ممكن أشوفه في حياتي، شوفت الست واقعة في المنور، ودماغها بتسيل بالدم وعضمها متكسر، شوفت وشها غرقان بالبول اللي كان على الأرض، وكان بيخرج منها شهيق، شهيق خشن أوي وكأنها راجل.. وماتت..
وبدأت انا في الصراخ لحد ما الشارع كله اتجمع، وكان واضح انها وهي بترمي كيس بول يشاء ربك يختل توازنها وتقع، تقع على بلاط ناشف وجسمها يتدمر، وجت الشرطة عاينت الحادث واتضح انه حادث والحمد لله محدش اتهمنا بحاجة..
بس جسم الست كان تقيل، تقيل لدرجة إن خمس رجالة مقدروش يشيلوه من مكانه، من منور شقتي، وكأنها محتاجة ونش ينقلها، ولما جابوا مُغسلة تحاول تغسلها في المنور لقتها طلبتني معاها، وقفت معاها وانا خايفة عشان أشوف أبشع حاجة ممكن اشوفها في حياتي، بول، بول بينزل من الفم والأذن بغزارة، ريحتها كانت بشعة وشكلها وكأنها رايحة للجحيم..
وفضلت ريحة البول ملزماها حتى بعد ما اتكفنت، وشالوها بطلوع الروح وودوها على المقابر، وحسيت من جوايا ان ربنا نجاني من أكبر شر كان ممكن يواجهني في حياتي..
بس في نفس اليوم وبعد نص الليل قمت أدخل الحمام لأن أعصابي كانت منهارة من ساعة الحادثة، ومسافة ما طلعت للصالة لقيتها، لقيتها بريحتها وشكلها المتكسر ودمها السايل، الغريب إني مصرختش، ولا خوفت، ولا حتى هربت، وده لأني من صدمتي لقتها بتشاور على اوضتي واتحركت فورا ناحيتها، اتحركت وراها لقيت باب الاوضة خدني لمقابر، مقابر كتير أوي، جسمي كله قشعر ولساني اتشل، ومع ذلك كانت بتتحرك بكل هدوء ناحية قبر ما..
مشيت وراها بهدوء لحد ما فوجئت بيها بتشاور على حاجة قدام القبر، جثة، جثتها هي وحوليها كلاب بتنهش فيها والقبر منبوش، وبدأ الشبح او الكيان ده يبكي ويبص ناحيتي وكأنه بيتوسل ليا..
مجاورة الشيطانة
ومسافة ما فقت لقتني في قلب صالة البيت، معرفش اللي شوفته ده ايه، بس تاني يوم عرفت مع الناس ان قبرها خرجت منه ريحة غريبة جذبت الكلاب فنبشوا قبرها وقطعوا في جسمانها وخرجوه من القبر..
معرفش ليه اعصابي انهارت لما سمعت الحكي ده ومقدرتش انطق بنص كلمة، واتكرر الحلم، مرة واتنين، وخرجت جثتها مرة واتنين، كل ما كانوا بيرجعوها كانت الكلاب بتخرجها، لحد ما نزل اخوها وراجل قريبها، كان شكلهم غريب أوي، وعرضوا على جوزي مبلغ كبير مقابل شراء الشقة وهيدونا مقابل نجيب بيه شقة كبيرة ومحترمة، بس بشرط اقول اني سامحتها، استغربت اوي من الطلب بس عرفت انهم مبيناموش الليل، الكيان ده بيعذبهم، بيجبرهم يراضوني عشان أسامحها، كان شكلهم مخيف اوي من الرعب وقلة النوم..
مجاورة الشيطانة
وفي النهاية خرجنا بفضل الله، وخدنا شقة في مكان محترم جدا، وسامحتها مع انها لا تستحق، بس يمكن سامحتها بسبب انها عملت خير فيا وخرجتني من المكان ده..
وحلفت ميت قسم من يومها مأذيش جار ليا ولو هموت، وعرفت ليه رسولنا وصانا بحقوق الجيرة، منأذيش الجار، منرميش زبالة أو مية تأذيه، منزعجوش بصوت عالي أو اغاني، نتقي الله فيه لأنه وصية رسول الله..
“من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُحسن إلى جاره”
……….

 

تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى