قصص

نــصــف شــيطــان….نــصــف شــيطــان

بقلم: أحمد محمود شرقاوي

من كام يوم بس قرر المستأجر اللي مأجرين منه إنه يبيع الشقة بدون أي مقدمات، كانت مفاجأة صعبة في حياتنا لإننا اتعودنا خلاص على حياتنا في المدينة هنا، حتى الشقة كنا مأجرينها بقالنا سنين طويلة جدا، بس هو قرر وبناء عليه بقا مطلوب مننا نسيب الشقة خلال شهرين بالكتير، وقتها أمي وابويا اختلفوا كتير اوي، هو شايف ان إيجار شقة جديدة الأيام دي صعب جدا عشان مصروف البيت ولازم نرجع لبيتنا اللي في البلد، وهي شايفة اننا مش هنتأقلم على حياة الريف نهائيا وبالأخص بنتهم اللي هي انا..
وبعد مشادات كتيرة كان القرار الأخير، هنلم حاجتنا ونروح البيت اللي في البلد، واللي مقفول بقاله ١٥ سنة تقريبا، والدي راح هناك اسبوعين جهز البيت عشان يصلح للمعيشة، وبعد أيام كنا اتنقلنا بشكل كامل وسيبنا الشقة..
كنت مبسوطة في البداية بالهدوء اللي موجود في القرية، خاصة إن البيت بيطل على أرض زراعية كبيرة والقعدة على السطح كفيلة انها تنسيك الدنيا كلها، بس واحدة واحدة بدأت اتخنق لما لقيت ان الخدمات هنا صعبة جدا، المحلات بتقفل بدري ومفيش مطاعم ولا كافيهات وحاجة في قمة الصعوبة يعني، بس هعمل ايه، هو ده الموجود للأسف..
عشان كدا عملت خيمة بسيطة على السطح عشان تبقا مكاني كل ليلة، سواء هذاكر أو هقعد فيها اتأمل الهدوء بتاع المكان، في الليلة دي وقفت قدام سور البلكونة أتنفس الهوا النقي واتأمل الظلام اللي غرقانة فيه البلد كلها..
بس المخيف والغريب إني شوفت عنين بتبصلي من وسط الضلمة اللي قدام البيت، وبالأخص في نص الأرض الزراعية، كانت واضحة زي نجوم السما، عنين بيضا زي التلج وسط ظلام شديد، وقتها مسكتني رعشة غريبة في جسمي كله، كأني شايفة شيطان قدامي..
المرعب ان كان جوايا يقين ان العنين بتبصلي وبتتفحصني انا، كأني حاسة انها بتلمس جسمي كله وبتشوف اللي جوايا كمان، عارف لما تبقا عامل غلطة كبيرة وبتحاول تخبي على ابوك بس بصته المخيفة ليك بتخليك تتأكد انه عارف انت مخبي ايه، اهو ده كان إحساسي بالظبط، كأنه شايف روحي من جوة..
اتحركت وقتها بسرعة ونزلت على تحت وانا عرقانة وجسمي كله بيترعش، ناديت على ماما وطلبت منها تنام معايا، وجودها حسسني بالأمان وعرفت انام ليلتها..
في اليوم التاني روحت الكلية بتاعتي ورجعت قبل المغرب، وصلت البلد واضطريت أمشي بمحاذاة الأرض الزراعية لحد ما اوصل لبيتي، البيوت كانت كلها مصطفة جمب بعض وان كانت بتبعد عن بعضها بمسافات، وكل اللي قدامها أرض للزراعة..
وقبل ما اوصل بيتي اللي كنت شايفاه قدامي عديت على البيت اللي جمب بيتنا على طول، كان فيه راجل عجوز قاعد قدامه، الراجل كان عامل زي القزم، جلده مكرمش ولابس جلبية وسخة، عنيه كانت جاحظة وراسه كبيرة اوي، مكنتش متناسقة خالص مع جسمه..
بصراحة حسيت برعب اول ما بصلي في عنيا، مديت بسرعة لحد ما دخلت بيتنا وانا قرفانة وخايفة، كأني شوفت مسخ مش راجل عجوز..
اتغديت وفضلت امارس هواية الرخامة على أمي وابويا شوية، وفي النهاية دخلت اوضتي، بس بعد شوية حسيت بشغف كبير ناحية السطح، وكأنه بقا إدمان كبير، بس افتكرت اللي شوفته امبارح، العين المخيفة، وقررت مطلعش وانام..
بس وانا نايمة شوفت نفسي في قلب الأرض الزراعية، كنت بجري وخايفة جدا، وكان فيه شيء بيطاردني، كنت بجري وكأني بهرب من الجحيم، بس مقدرتش اكمل جري وسط الضلمة. وقعت على الأرض، وفجأة شوفت الشيء ده بيهجم على جسمي و
واتنفضت من نومي، كنت بترعش، عرقانة وقلبي عمال يدق زي الطبلة، الاوضة كانت ضلمة اوي، كأن الكهربا كانت مقطوعة، وكانت الصدمة لما بصيت قدام سريري..
كانت نفس العنين البيضا اللي شوفتها وانا واقفة على السطح، كانت في اوضتي المرادي، منورة في قلب الضلمة وبتبصلي بثبات مرعب، وقتها حسيت ان مطرقة نزلت على دماغي، حاسة اني بقع في قلب بير مظلم، وان جسمي كله بيتفكك من بعضه من كتر الرعب، كنت بتمنى اموت، يغمى عليا، او حتى اختفي..
بس فضلت العين زي ما هي، بتبصلي بطريقة مرعبة، وانا كل اللي بعمله بتنفض زي المعوقين، جسمي بيتشنج وقلبي بيدق في رعب، في اللحظة دي نور صالة بيتنا نور، ومن خلال خيط الضوء اللي جاي من تحت عقب الباب لمحت الجسم اللي واقف..
كان راجل عجوز، جلده مكرمش وعنيه جاحظة وراسه كبيرة جدا عن جسمه، وصرخت جوايا من الفزع، ده نفس الراجل اللي شوفته وانا راجعة من الكلية، وقتها شهقت، وفضلت اشهق زي الغريق اللي مش قادر يتنفس..
في اللحظة دي اتفتح الباب ودخلت امي، واختفى الراجل في وقتها، امي قربت مني وقالت:
– انتي صاحية يا ندى
واول ما فتحت النور صعقت من شكلي، كنت باخد نفسي بالعافية وعنيا جاحظة وشكلي مخيف، حضنتني بقوة وهي عمالة تقولي:
– مالك يا حبيبتي، شوفتي كابوس ولا ايه
بس انا مقدرتش انطق بنص كلمة، فضلت في حضنها بتنفض وبس، وعدت الليلة في النهاية وطلعت الشمس من تاني، صحيت حاسة بصداع رهيب ومكنتش هقدر اروح الجامعة اطلاقا..
عملت فنجان قهوة وطلعت على السطح اشربه، الجو مكنش حر وده اللي خلاني اطلع فوق، وقفت وقتها وانا عمالة افتكر كل اللي حصلي في الليلة اللي فاتت، كنت مفتقدة شعور الأمان، خايفة جدا، بصيت على بيت الراجل العجوز من فوق ولمحته قاعد قدام بيته..
واتنفض جسمي كله، فضلت اراقبه بهدوء، عايزة اعرف ده عفريت ولا انا اللي اتجننت، بس في اللحطة دي شوفت واحد معدي ورمى عليه السلام، يعني الناس شايفاه اهو، امال ايه اللي بيحصل معايا ده؟؟
نزلت وعديت اليوم بين المذاكرة وشغل البيت لحد ما دخلت اوضتي عشان انام، واتكرر نفس الموضوع، كابوس مخيف واني بجري في الأرض الزراعية، بس وقتها ظهر الراجل العجوز، كان هو اللي بيجري ورايا، بس اللي لاحظته في الحلم ده اني كنت عريانة، وفي النهاية وقعت بين ايديه، وصحيت مفزوعة من نومي..
بصيت للضلمة ولقيت نفس العينين المخيفة، ووقع قلبي بين ايديا من تاني، تخيلي تكوني في اوضة لوحدك مع راجل زي ده، فزع ما بعده فزع، بس المرة دي لقيته بيقرب، ووقف قدام السرير بالظبط، كان جسمي كله متخشب تماما، فاقدة السيطرة عليه، عنيا بس اللي كانت بتابع اللي بيحصل..
حسيت بإيده بتلمس جسمي، كانت باردة زي لوح التلج خلت جسمي كله يقشعر، وبدأ يتحسس جسمي كله، كل ده وانا عمالة اشهق بدون صوت تقريبا، في اللحظة دي سمعت صوته، كان زي صوت النسناس، عمال يهمهم بكلام عجيب..
بعدها بدأ يلمس أماكن حساسة في جسمي، وصوته لازال بيتردد في المكان، قاومت مرة واتنين لحد ما في النهاية صرخت صرخة بصوت متحشرج، واتنفضت من مكاني وطلعت اجري برة الاوضة..
خبطت بهيستريا على اوضة ابويا اللي فتح الباب وهو مذعور، قولتله ان فيه حد في اوضتي، اتحرك فورا ودخل الاوضة وفضل يدور فيها، بس مكنش فيه حد..
رجع وقالي:
– انتي متأكدة ؟؟
– ايووووووة
– طيب شوفتيه، كان شكله ايه
بصتله برعب وفضلت ساكتة، مسك ايدي بقوة وقالي:
– متخافيش يا ندى وقوليلي
– الراجل صاحب البيت اللي جمبنا
– متأكدة ؟؟
– ايوة متأكدة
في الوقت ده ابويا خرج واتجه ناحية باب بيت جارنا، طلعت البلكونة وفضلت اراقبه منها بصعوبة لأني زاويا الرؤية كانت صعبة، شوفته بيخبط على الباب مرة واتنين وتلاتة، بس مكنش فيه أي حد بيفتح الباب..
في الوقت ده كان فيه راجل ماشي في الشارع، بص لوالدي واتكلم معاه شوية، ولقيت والدي جايبه على البيت عندنا..
دخل البيت مع والدي وفضل يتكلم معاه كتير، في الوقت ده وقفت ورا باب الاوضة عاوزة اسمع بيقولوا ايه، وقفت كتير وسمعت كلام عجيب اوي، وفي النهاية والدي قعد معايا يجي ساعة، حكيتله كل حاجة وحكالي اللي قاله الراجل، حكالي اللي خلاني اتجنن..
عرفت من والدي ان فيه حاجة اسمها الشخص الزوهري، وده شخص بيكون عنده صفات معينة، يقدر يتواصل مع الجن ويكون عنده مميزات في أمور كتيرة، والزوهري ده بيقال ان بيجي بسبب ان راجل بيجامع مراته وبينسا يذكر اسم الله، وهنا بيدخل الشيطان ما بينهم وبينزغ نزغته، اي بيجامع الست مع زوجها ويضع جزء منه في جسم الست..
. وهنا بيتكون طفل بشري بس فيه صفة من الشيطان أو جزء منه، فتلاقي الشخص ده مختلف، غريب من نوعه، بل وممكن يكون سبب في مشاكل كتير لأهله، العجوز ده بقا تخطى مرحلة الزهورية بمراحل..
العجوز ده اسمه منصف، ابوه كان دجال مشهور وبيمارس كمان السحر، وحملت مراته في منصف، وجت الداية يوم الولادة عشان تولدها، بس يومها ام منصف ماتت، والداية كمان ماتت، وخرج منصف للحياة بشكل مخيف وغريب، وبدأت الستات اللي كانت تعرف ام منصف تحكي وتقول..
قالوا ان ام منصف كانت بتقول ان كان فيه ستة بيجامعوها، جوزها وخمسة تانيين من الجن، لأن بيتها كان ملعب للشياطين بسبب سحر جوزها، وبسبب ده خرج منصف اللي كان خليط بين ماء ابوه ونزغ الشياطين دي كلها، فخرج بشري بصفات شيطانية مخيفة..
كان تقريبا مبيخرجش من البيت لحد ما كبر وبقا عنده ١٥ سنة، في الوقت ده ابوه مات وفضل هو في البيت، محدش كان عارف هو عايش ازاي وان كان الكل بيتحاشاه عشان سحر ابوه وشكله المخيف..
لحد ما بدأت مشاكل تحصل لبنات القرية في الليل، بيشوفوا منصف بيحاول يغتصبهم بالليل، وكان الحل اللي اكتشفوه انهم يقدموا له هدايا، في المقابل كان بيسيب بناتهم ومبيقربش منهم، بل وكان بيختفي بالسنة ويرجع تاني يقعد قدام بيته أيام..
وعرفنا بعدها ان ظهوره بيكون لسبب انه بيحاول يغتصب بنت، فكان ابوها وقتها يروح يرمي عليه السلام ويقدم له هدية، وقتها بيختفي منصف لسنة كاملة ويظهر من جديد عشان يراود بنت جديدة، وانه ظهر الأيام دي عشاني انا، لأني بنت جديدة في القرية..
بصيت لوالدي وانا مرعوبة، قولتله:
– والحل
– منصف في الليل بيبقا جني، وفي النهار إنسي، والحل زي ما الراجل قالي، هروح بكرة واقدمله هدية ونشوف، وإلا قسما بالله هقتله بعدها
فضلنا صاحيين نستعيذ بالله طول الليل ومشغلين قرآن، تاني يوم ظهر منصف قدام بيته، راح له والدي ورمى عليه السلام وقدمله جلبية جديدة، وقاله:
– متقربش من بنتي خالص
وقتها بصله منصف وسكت تماما، العجيب بقا ان من تاني يوم اختفى منصف نهائيا، ولا بقيت بشوفه في نومي ولا قدام بيته المهجور، كأنه مكنش موجود، كانت حاجة عجيبة جدا بل ومخيفة، بس المهم انها اتحلت، وان كنت ساعات بحس بحد بيراقبني وانا على السطح وبالأخص من بيت منصف، بس مبقتش بشوف أي حاجة اطلاقا..
وفي يوم دخلت اقرأ عن فكرة نزغ الشيطان دي واكتشفت ان فيه حديث للرسول بيقول:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني فإن كان بينهما ولد لم يضره الشيطان ولم يسلط عليه”
وفوجئت من مدى مصداقية الموضوع، خاصة إن الحديث للبخاري، يعني صحيح، وفهمت مدى أهمية الاستعانة بالله حتى في جماع الزوج لزوجته، معتقدش حد هيقبل ان ابنه يطلع زي منصف أو حتى زوهري أو إن الشيطان يجامع زوجته معاه..
جاء في البخاري وغيره عن بن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني فإن كان بينهما ولد لم يضره الشيطان ولم يسلط عليه”.
أحمد محمود شرقاوي

للمزيد من الأخبار يُمكنكم متابعتنا عبر صفحاتنا الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى