شعر

نصوص شعرية للشاعرة هناء على رؤية الشاعر الكبير والناقدأحمد إبراهيم عيد

كتبت : حنان محمد

مع النظرة الأولى لهذه النصوص نجد أنها تنتمى إلى مفهوم وطبيعة الخطاب الشعرى الحداثى ( شعر النثر ) ولذا .. فلنتوقف
** بداية ً مع طبيعة هذا الخطاب المرتكزة دائما ً على المناورة والمراوغة.. وعلى تفجير المعانى الذاتية التى تلقى بظلالها على :
التـسـريـع والتحـديث والمعـاناة .. كسـمات بارزة لعصرنا المضطرب المرتبك.

والشعراء فى تفاعلاتهم مع هذا الخطاب الشعرى الحداثى يتراوحون ما بين ثلاثة أقسام :
١_ شاعر ٌ رافض ٌ لهذا الخطاب بالكلية.
٢_ شاعر ٌ مُتقبل ٌ له ولكن بحذر.
٣_ شاعر ٌ مُنحاز تماما ً لهذا الخطاب.

وبنظرة ٍ تأملية وموضوعية لطبيعة الخطاب الشعرى الحداثى، يجب المزاوجة ما بين الرؤى القديمة والحديثة بوعى ٍ تام ، حيث سنجد على سبيل المثال فى (المقابسات) لأبى حيان التوحيدى؛ وتحديدا ً فى المقابسة رقم ٦٠ تعريفا ً هاما ً للشعر حيث يقول :
” النظم.. أدلُّ على الطبيعة… والنثر أدلُّ على العقل ”
بمعنى أن شعر النثر تكون الغلبة فيه للفكر والفلسفة على حساب المشاعر والوجدان.

وفى عصرنا الحديث تعددت الرؤى للخطاب الشعرى الحداثى ومنها ما ذكره إدوارد الخراط حيث يقول :
لابد من الاعتراف بمكانة الكتابة عبر النوعية فى ظل التطور فى التجريب الإبداعى، بمعنى أن الكتابة عبر النوعية : هى نوع محدّد من الكتابة تمتزج فيها الأجناس الأدبية.. حيث ينصهر فيها الشعر مع السرد مع الحوار مع تصوير للمشهدية الحركية المفجرة لحالات متعددة تتماس وبشدة مع الإدراك للمتغيرات فى عالم الشعر .

** وتكمن أولى الظواهر السردية فى الخطاب الشعرى بهذه النصوص ، فى طبيعة الذات المتوترة والمتمردة على ما تعانيه من ارتباكات المشاعر ، وعدم صدق المقربين لها فى مشاعرهم الخاصة ، وهذا التوتر وذلكم التمرد يقودان الذات إلى حالة ٍ من الفلسفة الدائرة فى آفاق الهيولى الوجدانى والفكرى المُحدِّد للرؤى والمواقف الذاتية الرافضة لكل أنواع الخداع التى تُبنى على ما يسمى ،
بالتوفيق والتلفيق السيكولوجى ، بدعوى استمرارية الحياة وتقبلها بكل ما يعتريها من متناقضات واضحة ، تقول الشاعرة فى النص الثانى ” بين الموت وقدمى ” :

” أزن ُ صلابة الوقت بميزان أعمارنا .. وأحدد تلك المسافة بين الموت وقدمى .. فأنا .. لا أصدق أمى التى تجاوزت الستين عاما .. حين تخفى أحزانها بشقوق الصمت .. وتضحك .. وهى تتقاسم نصف خطوتها مع الذكريات ”

ثم .. ومع بداية المقطع الثانى تقول :

” عـَلـَموني.. أن أتطهر من غيابك .. بمياه الحزن المثلجة ”

هذه إحدى شواهد التجربة الشعورية الأولية الحاكمة للذات الشاعرة مع بدايات النصوص التى تواتر فيها ظهور الكائن الأوَّلى المؤثر شعوريا ً وفكريا ً فى خلايا الذات ، حيث تواتـر َ ظهور ( الأم ) فى النصوص المتتابعة .. ” بين الموت وقدمى ” و ” صورة لأبى ” و ” كفن اللذة ” و ” وطفولة مُحرَّمة ” .

والسياق السردى الشعري عبر النصوص يتراوح على لسان الأنثى ، ما بين .. الأحلام و الرغبات و الخوف و خشية الموت الحسى أو الموات المعنوى إلى جانب الاتكاءات الدينية الحائرة و الرغبات المتلاحقة الساعية لاستعادة الحياة المُختـزَنـَة فى فضاءات الذكريات .

وإذا عدنا لواهبة الحياة – بعد الله – ( الأم ) الراعية للذات قبل الميلاد بحبلها السُّرى الحسى ، والواهبة للدفء بعد الميلاد باستمرارية فاعلية حبلها السُّرى المعنوى ، سنعاين أيضا ً نوعا ً ما من تحدى الذات للآلام المحيطة بها ، والحرص على عـدم التشـابه حتى مع الأخوة الذين تسيطر عليهم الأمانى والأحلام الذابلة، والمتماسة فقط مع صورة الأب الحاملة لمعانى الفقد والحرمان المرصودة فى النصوص ، حيث تؤسس الشاعرة لذلك بالمشهد المتكئ على هذه الصورة الشعرية الذهنية من نص ” صورة لأبى ” :

” أراود ُ الشتاء .. بأعواد الثقاب التى كانت تشعلها أمى .. لتحرق أخشاب الأحزان بمدفأة أعمارنا .. ”

ثم تحرص على أن تؤكد فاعلية ذاتها المُجابِهة للآلام الخاصة بذلكم التحدى الذاتى :

” لم تكن تشعرنى بالدفء.. فأنا أحب الوقوف بشرفة المنزل الأمامية .. لأرى أكواما ً من فراغ .. وكلابا ً تتقاسم رغيفا ً ملوثا ً بدم الخوف .. المسافة هنا تبدو باتساع السماء .. والأشجار لا تثمر سوى تفاحة ً واحدة ..لا تنضج ”

ربما جاء التشبيه للحياة بهذا المعادل الموضوعى ..” تفاحة ً واحدة لا تنضُج ” .. ليؤكد على هذه المعانى المتواترة بالنصوص لمفردتى [ الخوف و الموت ] الشائعتين عبر الأنساق الشعرية ، هذا الموت وذاك الخوف / كهاجس ملازم للذات حتى فى لحظات التواصل الحميمى ولذا .. جاءت محاولة المعادلة الشعرية الذاتية ما بين الرغبة واللذة الكامنة فى وجدان ٍ وفكر ٍ ينتمى بشكل ٍ ما ، ويتكئ على ما تبقى من مرتكزات ٍ وثوابت دينية .. تقول الشاعرة فى المقطعين الأول والثاني من النص المُكثف ” كفن اللذة ” :

” أتقاسم معك غطاء الخوف .. الذى يستر عوراتي منذ ثلاثة أعوام .. بغرفة ٍ مظلمة .. وسريرا ً نستلقى عليه بأوجاع الطفولة .. وبراءة أربعين عاما ً من الموت ” ***
” مازالت أمى فى الغرفة المجاورة .. تودع سجادة الصلاة بقبلة ٍ.. وتودع أحزانى بالصمت .. وأنا أسرق ُ.. تلك الخطوات التى تتسلل إليك .. فلا تكف عن معانقتى .. كى لا تجف أنوثتى .. وألعق ُ أناملك مرة ً أخرى .. لتبلل نهدى باللذة الطازجة ”

فى هذا النص نعاين تأرجح الذات بل وتشظيها الوجدانى والعاطفى بين ملابسات الرغبات والاحتياجات البيولوجية ، وبين هذه النزعة الدينية الكامنة فى أعماقها ، ونعاين أيضا ً ذلكم التجاور بين التوصيفات المنتمية لجلال محراب الصلوات ، وبين حضور الشهوات بقوتها المهيمنة .. ليسطر ويسجل السرد الشعرى هذه الصور والألفاظ ( الحوشية ) المُستغربة شعريا ً، التى تتجاوز ما هو مألوف ومتعارف عليه ، والساعية لكسر التابو الجنسى ..
[ سنتحدث عن ذلك لاحقا ]

وإذا كانت طبيعة المناورات الأسلوبية فى معظم نصوص الخطاب الشعرى الحداثى ، تلجأ إلى الموضوعية الذاتية ، وإلى علاقة الذات بالآخر من خلال مواضعات ٍ سيكولوجية معينة ، فلنرَ .. ماهى أولى المرتكزات الذاتية التى انطلقت منها التجربة هنا .

فى نص ” طفولة مُحرَّمة ” نرى الذات وهى تعانى من الفقد والافتقاد والحرمان ، ونعاين محاولات التعويض الذاتية
( المتناثرة عبر الديوان ) فـفى بداية المقطع الثانى :

” انتظر ُ .. من يقبـِّل جبهتى .. ويعطيني نصف ضحكة ٍ من الصدقات .. فإخوتى لا يعلمون شيئا .. عن ذلك الصمت المختبئ بين العربات .. فهم لا يشترون حكايات ٍ .. مُبللة بالدموع ”

فى هذا المقطع من تلكم القصيدة المحورية ” طفولة مّحرَّمة ” وليست محرومة فقط !!! .. تلجأ الذات الساردة بإشعاعاتها المتباينة ، إلى ثِـقَـل إنتاج الدلالة الإيحائية ، لترمز إلى قوة تأثير فقدان الحبل السُّرى المعنوى على الذات وعلى إخوتها ، مُسجلة ً ذلك بتداعياته المتباينة ، فى نهاية النص :

” ذلك الغياب الذى تركته أمى .. يحرق حولنا العظام .. تلك التى تطفو بجسدى حين أنظر للسماء .. والرغبات الملونة تختبئ بصدرى .. علِّىَ أن أبيع نصف أعمارنا للقدر .. وأنام بأحضانهم .. فوق غبار الموتى ”

وهكذا تواصل إنتاجية الدلالات الإيحائية ( ظاهريا ً وباطنيا ً ) حركتها البندولية ما بين معانى الخوف والموت على مدار النصوص .. فهل لذلك علاقة باختفاء الأم من باقى النصوص .. إلا فى النص الثامن والعشرين ، حينما عادت وبتساؤل ٍ واضح تمت عنونة النص به ” ماذا عن أمى ” ؟؟

فى هذا النص .. تشابكت الروحانيات ، مع مستويات القهر ، مع مناورات الرغبة .. وهذه التشابكات تمثل طبيعة السياق العام بالنصوص ، إلا أن الروحانيات القليلة والنادرة عبر النصوص ، تم استدعاؤها هنا فى سياق التخييل الشعرى ، حيث تُستدعى الأم ( فانتازيا ً ) من رحم الغيب :

” أمى .. فى الغرفة المجاورة .. تطلق اسمى على كل الأشياء .. تربت كتفى بقليل ٍ من الدعوات .. وتطوى الوقت بين ذراعيها ” ..

وإذا تتبعنا بعض آثار نظرية التلقى للتجارب الشعورية المفجرة للمعانى ، خاصة ً عندما تُفتح للذات ستار الذكريات الخاصة بالمقربين الراحلين ، نرى أن المردود الانفعالى قد جاء على مستويين :

** المستوى الأول يتمثل فى رفض الذات لمُجمل سلبيات الواقع المعيش بصفة ٍ خاصة ، على المستوى الضمنى العام ، تقول الشاعرة :

” جسدى طريح ٌ فوق فراش القهر .. من الممكن أن يتساقط َ سقف الأقدار .. وأغفو وحيدة ً بين شهيدين .. يمكننى إقامة الصلاة َ الآن .. كى أناضل بينى وبين قلبى قديما ”

إلا أن هذا المستوى الرافض والذى تكرر بصورة متواترة ( وجدانيا ً وفكريا ً ) عبر النصوص ، يقود الذات إلى التماهى مع آلام وأوجاع الذات الجمعية فى المستوى الثانى ، حيث تقول الشاعرة فى نهاية نص ” صلاة ٌ مستحيلة ” :

” بالأمس .. رأيت لاجئين يفرغـون من جيوبهم الأحزان .. ويحملون عبأ ً آخر من غراء الماضى .. يُجهضون الأخطاء فوق عتبات القدر .. وينتظرون أن تتعافى أرواحهم …… فمن يقترب اليوم من جرحى ؟ .. من يمتلك القدرة على تحنيطه بملح الرحمات ؟؟ .. ويخبئ يدى وهى تحمل سجادة الصلاة .. بارتعاشات الشتاء الباردة ِ .. وغيم الرجاء ؟؟ .. من يزرع دموعى بمدن ٍ لا تورَّث .. ويحصد الضحكات بعالم ٍ آخر ؟؟ ….. من … ؟؟؟ ”

هنا .. ومع هذه التساؤلات ، تتبدى إنتاجية الدلالات الإيحائية فى هذه الأرجحة البندولية : مابين الروحانية المشتهاة ، وذلكم القهر المتغلغل فى الأعماق ، وهذه الرغبة المتأججة سيكولوجيا ً فى طيات الذات ، لتتحول الأسلوبية الشعرية إلى التوجه لكسر التابوهات الناتج عن تقوقع الذات على ذاتها ، وانكفائها على رغباتها الخاصة بفعل مكابداتها المتنوعة ، ونأخذ مثالا ً على ذلك من ذلكم النص الذى تمت عنونة مجموعة النصوص به ” ماذا لو تبادلنا الأخطاء ” :

” لم أعد أتحمل الركض وراء ملامحى الطفولـية .. يكفى .. أن تصمت تلك الضوضاء بداخلى .. وتنتهى هذه الحرب الأهلية .. بينى … وبينى .. أن أغض بصرى عن المشاهد العاطفية .. عن الأحلام التى ينبت ريشها من الشهوات الجامحة .. أستعين بعلب الكذب المموهة .. وأترقب رايات النصر الملطخة بدم الحقيقة .. فالنبوءة ُ بشـَّـرت بقبعة ٍ مفقودة .. ونهدين ذابلين .. وجثة ٍ احترق بها العمر .. يحلق فوقها غـراب ٌ .. لم يتحـمس ُ لمواراتها ”

ونهايات الدفقات الشعرية ونهايات النصوص تأتى حادة ومدببة معنويا ً كنهاية هذا النص المُحمَّل بالخوف الذى يملأ الذات ، والمرتكز على ملابسات قانون الغياب المؤثر وجدانيا ً ، لينتهى النص بوعى الذات المأزومة وتعبيرها الدال على ذلك بتقنية معكوس التناص المعنوى مع التراث الدينى ، بتوصيفها لذاتها :

بـ ” جثة ٍ احترق بها العمر .. يحلق فوقها غراب ٌ .. لم يتحمَّس لموارتها ”

وظاهرة استطراق المعانى من : التوتر والتمرد والخوف والفقد والافتقاد والحرمان والغياب والمقاومة ….. إلخ .. بالنصوص ، جعلت الرؤى الوجدانية والفكرية المتنامية أفقيا ً ، تصل بالذات إلى أطراف الإحالات التأويلية للمفاهيم الدينية والسياسية والمجتمعية ، فعلى سبيل المثال .. تنهض الذات بجسد ٍ مُنهك ، وظل ٍ شامخ فى نص ” قطعة قطن مُبللة بالرحمة ” وهى حاملة للارتجافات فوق كتفيها ، لتصل مع بقايا ضحكاتها الممزقة ، إلى حالة ٍ من التمنى المقترن بتوظيف الاقتراب
( فقط ) من كسر التابو الدينى :

” ليتنى أصلى !! .. كى أكون يتيما ً بمدن ٍ لا تعـتـرفُ بالقديسين .. حين يوزعون الأقطان المبللة بالرحمات .. ويشعلون الشموع بتلك الأزقة الفارغة .. ثم يعودون بعشرين سنة ٍ أخرى .. تقطر منها الدماء .. وخطايا مصلوبة على وجوههم ”

وإذا كانت الذات الساردة قد اقتربت فقط من تخوم كسر التابو الدينى ، ولم تخُض فى متاهات هذا التابو كما خاض آخرون وأخريات ، فإنها أيضا ً قد اقتربت أيضا من كسر التابو السياسى والمجتمعى فى موقفها الشعرى فى نص ” شىء ٌ من الشجن ” :

” لا أكتب شعرا ً يردده الأطفال .. فى الإذاعات المدرسية .. بوعى ببغاء ٍ وذاكرة ٍ مُبهمة….. أنا فقط .. أحاول تأبين العدالة .. بإطار ٍ من الكلمات السوداء .. وكِفتين من الحرية المُجهضة ….. ربما لا نرى الشمس ثانية ً .. فالطيور تمرُّ من هنا .. كى تأخذ الضحكات معها .. وتفتح ُ خلفها غياهب الغياب .. البعض يتكاثر بجلد ٍ مُتبلـِّد ٍ .. ودم ٍ فاسد ”

ربما كانت هذه الدفقات الشعرية المتدحرجة فوق جمرات الواقع بدلالاتها الإيحائية التوصيفية ، من أوقع الدفقات الشعرية عبر النصوص .. ولكن … ولأن النص الشعرى بحيويته الخاصة عبر السياق الفنى به ِ ، يشبه الأنثى الفاتنة التى إذا تكشَّفت قليلا ً ، تُبهرُ من يتلقاها ، فإن ذات الأنثى / القصيدة إذا تمادت فى التكـشُّـف العـبثى ، فقدت الكثير من رونقها ومن جمالياتها … وهذا ما حدث فى مختلف الدفقات التى جنحت بها الشاعرة بوضوح لكسر التابو الجنسى .

والتماثل التشابهى ما بين الشعر والأنثى ينسحب على عامة الأنساق الشعرية بصورها وإيحاءاتها وتراكيبها المرتكزة على الإلغاز الشفيف المقترن بتوازنها الفنى مع ما يصرح به الشعراء … فما بالُنا إذا اعتمد النص الشعرى على ذلكم التكشُّف المقترن بحالات جنسية تتخطى ما لا يجب أن يتخطاه الشاعر أو الشاعرة … هنا يجب أن تتحسَّب الدفقات الشعرية ، خاصة ً فى كسر التابوهات الجنسية ، تتحـسـب لكى لا تتخطى التوظيف المباح إلى حالات من التجاوزات الغير مبررة فى سياق النص الشعرى ، فعلى سبيل المثال فى نص ” هل تأتى اليوم ” الذى جنح بغـواية الشعـر بعيدا ً عن الروحانيات والوجدانيات ، مُتتبعا ً لحالة ٍ من التعبير عن الاحتياجات البيولوجية الجنسية ، مع عدم مراعاة المُسْـتحسـَـن فى سياق الشعر وغير المستحسن فيه !!! فالنص يبدأ هكذا :

” سروال ٌ ضيق .. وأغوار ٌ تلوذ بها لهفتى .. وعشرة أصابع من الخوف .. تتسلق ثـديىَّ .. حين أجلس نصف عارية انتظرُك ”

ثم تستمر الدفقات المعبرة عن هذه الاحتياجات ( نفسيا ً )

” من يجمع التاريخ المبلل من فوق فراشى .. ويغلق نافذة الوقت حين أعُضُّ أطراف الوجع المحرمة.. ؟؟ ”

إلى أن نصل ُ إلى نهاية النص ….. :

” أنا لا أكتفي بخمسين قبلة .. توزعها الأقدار فوق جسدى .. فعليك أن تسمع أنين رغباتى .. وتمرر أناملك بمقابر جسدى .. لتُحيى أنوثتى ”

هنا ينتهى النص بتلك النهاية الدالة على المحاولات التعويضية للاحتياجات البيولوجية الجنسية ، التى يجب أن تـُمارَس شعريا ً على مستويات ٍ خاصة ، وألا تُعرَض على الذائقة الجمعية العامة ، والتى سترفض بقية النص المتمثلة فى ثلاثة أسطر لها إيحاءاتها ودلالاتها الجنسية المُبالغ فى رصدها مشهديا ً ، حيث تقول الشاعرة :

” وتتركني .. ألعق ُ غياب الواقع … أعلى ركبتيك َ كى تكتمل الحياة !!! ”

وإعمالا ً لمفاهيم التكشُّف و التستُّر .. والخصوصية ، على مستوى المحافظة على الذائقة الجمعية ، نرى أنه كان يجب إعادة النظر فى بعض التجاوزات المشهدية القائمة على غواية الدفقات الشعورية التى تتخللها تصويرات جنسية ، حيث يجب قصرها فقط على مُتلق ٍ خاص تُوجَّه إليه بصفته الحميمية ، حيث انتشرت هذه المشاهد التصويرية عبر النصوص … وبداية ً من النص الأول ” نافذة القدر ” حيث تقول الشاعرة :

” سوف أتكئ بيدىَّ .. فوق أعمارنا الملسـاء .. وأضع نقطة ً من الألم وقبلتين .. ( وأمرُّر ُ نهدى فوق شفتيك َ عكس عقارب الوقت ) .. سوف أمشط ُ بأناملى مشاعرك المتشابكة .. وألعق ما سقط من ثمار رغباتك َ الطازجة ”

خلاصة القول بعد مقاربتنا التأملية لهذه النصوص .. نتساءل : لماذا وُجِدَ الشعر ( حتى فى نطاق خطابه الحداثى ) … هل لنبحث عن ذواتنا فيه ؟؟ … أم لنبحث بذواتنا العالية أو المستعلية .. عن المُثل والقيم العليا فى الحياة ؟؟ !!!

تابعونا علي صفحة الفيس بوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى