امبارح كان خطيبي بيكلمني وهو شبه بيبكي من طريقة كلامي في التليفون وعمال يفكرني بكل اللي عمله عشاني، بصراحة مقدرتش أتحمل بروده وروحت رادة عليه وقولت:
“ما تتحرق ولا تموت حتى أنا مش مستعدة أعيش في فقر طول عمري”
قولت الجملة دي وروحت قافلة التلفون في وش اللي كان بيكلمني بكل حزن وتوسل, هو أينعم خطيبي وبقالنا تلت سنين مخطوبين, وكمان بيستحملني وبيحبني, بس الحب اتعمل للبنات الضعيفة, الساذجة, عشان يتضحك عليها, عشان تعيش كل أيامها في فقر وظروف صعبة وتستحمل, تستحمل عشان موهومة بفكرة الحب..
انا بقا مش كدا, ومستحيل في يوم من الأيام أكون كدا, انا عارفة اننا في زمن الفلوس, الفلوس اللي بقت بتعمل كل حاجة وأي حاجة, واللي يقولك غير كدا يبقا غبي, ببص في الموبايل لقيت رسالة من كريم كاتب فيها:
“إن شاء الله تتكوي بنفس النار اللي كويتيني بيها”
بعتله ايموشن بيضحك وكتبتله:
“بابا هيبعتلك الشبكة بكرة عشان احنا مش نصابين, سلام يا من كنت خطيبي”
صفحة وكان لازم تتقفل, لازم تتقفل لأسباب كتير أهمها اني مش ناوية أعيش في فقر تاني, ده قرار واختيار ومصير ويقين, وفتحت شات تاني خالص, وبدأت اتكلم مع شخص تاني منتظراه بكرة بفارغ الصبر..
شاب معاه فلوس, فلوس كتير, ودي النصيحة اللي بقدمها لكل البنات, اتجوزي واحد معاه فلوس, مبدأ غلط بس مش هتنازل عنه, وحتى لما كنت مخطوبة كنت موجودة في جروبات كتيرة اوي, صفحتي مليانة صور كتير, ومع لمسة الجمال اللي في ملامحي اللي لفتت نظر شباب كتير لقيت العروض, منها الساذج اللي جاي يتعرف ومعوش خمسة جنيه, ومنها اللي يادوب على أده..
وكان منهم منصور, منصور اللي شغال مهندس في دولة من دول الخليج, اللي قدر يكون ثروة في كام سنة بس..
اتكلمنا كتير فيديو, وطبعا معرفتوش اني كنت مخطوبة, وأول ما اتأكدت انه جاي صارحت كريم بكل حاجة, انا عارفة انه اتصدم, بس انا ممكن ادوس على الدنيا وما فيها عشان أوصل للي انا عاوزاه..
تاني يوم فعلا جه منصور, وطبعا شخصيتي القوية في البيت خلت ابويا وامي الكبار في السن يوافقوا يقابلوه بعد يوم واحد من فسخ خطوبتي بكريم, وليه نضيع الوقت أصلا, ودخل بيتنا, عربية, بدلة فخمة, شيكولاتة من مكان فاخر, شخص وسيم, لبق, غني, وحط تحت غني ميت خط..
مع كل طلب من والدي كان مبتسم, حتة لما كتبنا مؤخر مليون جنيه كان موافق, طلب مننا منجبش أي حاجة اطلاقا, نسيبه بس اسبوع يخلص ورق سفري واقامتي معاه هناك, لأننا ببساطة مش هنقعد هنا, كنت طايرة من الفرح, حاسة اني خلاص هبقا الهانم اللي بحلم بيها, البنت المدللة اللي معاها فلوس مبتخلصش..
واتفقنا على كل حاجة تقريبا, حتى لما والدي اعترض على فكرة اسبوع ونتجوز واننا ناخد وقتنا انا اللي اعترضت, مخلتوش حتى يكمل كلامه, واستنيت الإسبوع يخلص بفارغ الصبر..
وخلص الإسبوع ولقيت ورق السفر جاهز, كان هو سبقني عشان شغله قبلها بتلت ايام, ولبست فستان فرحي وسافرتله, ولقيته واقف في المطار مستنيني بعربيه ليموزين, حسيت ان روحي بترفرف وقتها وانا راكبة العربية وشايفة بلد تانية..
ابراج وناطحات سحاب ومدن كاملة معمولة على الطراز الاوروبي, عالم تاني من المتعة والرفاهية والفلوس, عالم فتحلي دراعاته وانا قررت اغرق في العالم ده حتى النخاع..
وبداية الدخول في العالم ده هي السيطرة على الكائن اللي قاعد جمبي ده, ومفيش حاجة تخلي الست تسيطر على الراجل غير الجنس, خاصة لما يكون غني, وانا جميلة, وعندي من الانوثة ما يخليني اسيطر على قبيلة بحالها, المهم اني اوقعه بس وبعدها نكون الثروة بقا..
ووصلنا شقتنا في برج ضخم, مكنتش مصدقة عنيا وبحاول اخبي نظرات الانبهار قدامه, ودخلنا شقتنا, وبدأ الشغل, لازم الانطباع الأول يكون انطباع عالمي, لازم ادلع جوزي أخر دلع في البداية, وبعدها اخليه الخاتم بتاعي..
دخلت الحمام خدت شاور وغيرت هدومي وجهزت, فتحت باب الحمام وخرجت وانا عمال اغني, اغني بدلال كبير, الحياة خلاص ابتسمتلي و …..
بصيت برعب لما لاقيت اتنين رجالة اجسامهم ضخمة قدام باب الحمام, وقبل ما اصرخ او استفسر عن سبب وجودهم كان واحد منهم بيرفع محقن صغير وبيغرزه في جسمي, هي لحظة, لحظة ولقيت الدنيا كلها سودة قدام عيني..
صحيت وانا حاسة بصداع غريب, حاولت افوق مرة واتنين عشان استوعب اللي انا فيه, لحظات وقدرت ابص حوليا وافهم الوضع اللي انا فيه, وصرخت, صرخت لما لقيت نفسي عارية تماما وجوة قفص حديد, بصيت من القفص وانا بحاول اخبي جسمي عشان الاقي نفسي في اوضة واسعة جدا وكلها مليانة اقفاص حديد, وكل قفص كان فيه بنت زيي عريانة, وكلهم كانوا باصين لبعض في صمت تام..
بدأت أصرخ وانادي حد يلحقني والبنات من الاقفاص باصينلي في صمت وشفقة, حاولت افتح باب القفص الحديد ولكنه كان مقفول, مقفول بقوة..
ورجعت اصرخ وانادي من جديد ودموعي بدأت تسيل على خدي من الخوف والرعب, وهنا اتكلمت البنت اللي في القفص اللي جمبي وقالت:
مهما صرختي مافي حدا بينجدك
كانت لهجتها شامية مش مصرية, سألتها بذعر:
احنا فين
نحنا مخطوفين
مخطوفين, ومين اللي خطفنا ؟؟
هاد منظمة قرأت عنها اسمها بي بي يو وهي تابعة لعباد الشيطان, ونحن كلنا هنا جينا من بلادنا مع شخص كنا فاكرينه زوج, بس هو مجرد قواد نساء, بيحضر النساء من البلاد بإسم مستعار تحت مسمى الزواج, ويجي يبيعهن هون
يانهار مش فايت, وهنعمل ايه
قولتها وفضلت اخبط بدماغي في الحيط وانا مرعوبة
وهنا كملت البنت..
“اما تشتغلي معاهن في نواديهن عاهرة وتطيعي كلامهن, أو تتقدمي ضحية للشيطان في طقوس العبادة, القرار لك”
“لا لا لا مستحييييل مستحيييل اشتغل عاهرة, ولو همووووت مستحيل أعمل كدا”
هنا لقيت البنت دي داست على زرار في القفص بتاعها طلع صوت زي الجرس, وفجأة اتفتح باب القاعة اللي كنا فيها ودخل حارس ضخم, فتح القفص وخرج البنت اللي كانت بتكلمني عشان تشاورله عليا وتقول
“اضحية”
وخرجوا من القاعة وانا باصة بذهول ليهم, وهنا اتكلمت بنت تانية مصرية وقالت
“الملعونة شغالة معاهم وكل بنت جديدة تيجي هنا تتكلم معاها بنفس المكان وتشوف هي اضحية ولا عندها استعداد تشتغل عاهرة”
صرخت فيها
“وليه معرفتنيش”
“لو عرفتك انا اللي هتدبح, وبعدين ماحنا في الهوا سوا, كل ساعتين بيجوا ياخدوا بنت مننا عشان تروح والله أعلم بيحصل فيها ايه”
مسافة ما خلصت كلامها اتفتح الباب من تاني ودخل اتنين ضخام جدا خدوا بنت من قفص من الاقفاص, البنت فضلت تصرخ وتبكي وتتوسل بس هما مسكوها بقوة وخدوها معاهم..
وبصيت انا للسقف, بصيت وعنيا بتسيل بالدموع..
“يارب اتوسل اليك, مش عاوزة اموت بالطريقة دي, يارب انا كنت ساذجة مش فاهمة حاجة, ظلمت ناس كتير واولهم نفسي, بس انت رحيم وانا اعترفتلك بذنوبي, نجيني يارب”
ووقعت في نوبة بكاء هيستيرية, كنت خايفة, مرعوبة, وبردانة بسبب التكييف البارد اللي كان مبرد القاعة كلها, حاسة بالخزي والعار وانا عريانة كدا..
وعدت ساعة كاملة من الخوف والتفكير والدعاء, كنت بررد يا مغيث يا مغيث, رددتها عشرات المرات, كنت ببكي بحرقة على كل ذنب عملته, على الجشع والغباء اللي كنت فيه..
مفيش شوية ودخلت نفس البنت اللي شغالة معاهم, بصتلي وهددتني اني لو نطقت هدبح دلوقتي, مفيش دقيقة ودخلت بنت جديدة, واتكرر نفس الأمر, أول ما فاقت فضلت تصرخ, واتكلمت معاها البنت وعرفت انها عندها المقدرة تضحي وتشتغل عاهرة..
ورجعت خرجت من الاوضة, وكملت انا بكاء انا والبنت الجديدة اللي اختارت العهر, في الوقت ده افتكرت كلام كريم
“إن شاء الله تتكوي بنفس النار اللي كويتيني بيها”
وبكيت اكتر واكتر, قلبي كان واجعني اووي, كنت بصرخ بكلمة يا مغيث بكل ما أملك من قوة وضعف وتمسك بالحياة..
ووسط كل ده لمعت في دماغي فكرة, بصيت للبنت اللي في القفص اللي جمبي وقلتلها احنا هنخرج من هنا بس انا محتاجة منك حاجة..
البنت فورا وشها نور واومأت براسها بلهفة شديدة, وفورا حطيت صباعي جوة حلقي بكل عنف, وبدأت اتقيئ واخبط على القفص بكل عنف, في الوقت ده طلبت من البنت تنادي عليهم وتصرخ اني بموت..
وفورا صرخت البنت وبدأت الست بنات التانيين ينادوا عليهم اني بموت, وانا كملت الحكاية ووقعت في الأرض وفضلت اتشنج بعنف..
في اللحظة دي, دخل الحارس وشافني بتشنج بطريقة غريبة, فتح القفص بتاعي وحاول يشوفني مالي بس انا كنت ممثلة موهوبة, اوهمته اني بموت, وفورا شالني على كتفه عشان ياخدني برة, في اللحظة دي سحبت تليفونه بكل هدوء من جيبه ورميته تجاه قفص بنت من البنات…
وخرجت برة اتشنجت شوية ولما رش عليا مية فوقت, فوقت ورجعني مكاني تاني, وأول ما رجعت وهو خرج طلبت الموبايل من البنت, مسكته بكل لهفة وفتحته, كان مغلق بنمط بس انا اشتغلت سنتين في سنترال وبعرف اتعامل مع النظام ده, الف حمد وشكر ليك يارب..
فكرت وفكرت وفكرت, وفورا روحت مشيرة الموقع اللي انا فيه على صفحتي على الفيس بوك وكتبت
“الحقوووني جوزي هيدبحني لو محدش لحقني, بلغوا الشرطة المصرية”
وفورا لقيت أول تعليق من كريم
“فيه ايه يا فرح ردي عليا, فيه ايه كلميني”
أول ما قرأت تعليقه بكيت, بكيت وبعتله على الخاص رسالة بصوتي وقلت فيها
“سامحني ابوس ايدك سامحني, حتى لو موت عايزة اسمعها منك”
وسمعت صوته بيقولي
“متخافيش اقسم بالله ما هسيبك”
وخبيت الفون في ركن القفص تحت السجادة عشان محدش يعرف دلوقتي اني خدته..
في الوقت ده كان كريم بيشير على صفحات كبيرة, البوست عمل شير كتير اووي, المصريين انطلقوا على صفحات الشرطة المصرية ومباحث الانترنت والمخابرات, في ساعة زمن كان الموضوع وصل للنائب العام, البوست جاب تلتوميت الف شير, لدرجة ان قنوات اخبارية اتكلمت, وفورا كانت السفارة بتكلم شرطة البلد اللي انا فيها وبتديها احداثيات الموقع وبتطلب منها التحرك فورا..
الترند كبر وبقا رقم واحد على تويتر, كل ده وانا ببكي وبردد
“يا مغيث, يا مغيث, يا مغيث”
واتحركت الشرطة هنا مع مسؤول من السفارة بأوامر من مسؤول مصري كبير اوي, وبعد ساعة كمان كان المكان كله متحاوط بعربيات الشرطة, دقايق واقتحمت عناصر الشرطة المكان وقبضت على كل اللي فيه وخرجوني انا وكل البنات..
دموعي موقفتش لحظة وهما بيدونا لبس نلبسه وبياخدونا في عربيات الشرطة ناحية المركز, فضلنا ست ساعات في تحقيقات ومسؤول السفارة المصرية مسبنيش لحظة واحدة..
وفي النهاية عرفت ان المنظمة دي تابعة لمنظمات عبادة الشيطان ولها أفرع في كل دول العالم تقريبا, وان اشهر طريقة للخطف في الدول العربية هي الطريقة اللي اتخطفت انا بيها دي, طريقة القواد اللي بيبع البنات عشان يتم التضحية بيهم للشيطان, وان لولا فضل ربنا كان زماني مدبوحة على منصة من منصات عبدة الشيطان..
…………………..
رجعت, رجعت بعد ما بقت سيرتي على كل لسان, اتحبست في البيت اسبوع كامل مبخرجش, ويوم ما قررت اخرج روحت على المكان اياه, الحديقة اللي كنت بقعد فيها معاه, وعلى نفس المقعد لقيته قاعد, شافني وفضل ساكت خالص, قربت منه وبصيتله ودموعي بتسيل في صمت, بصيت في ايده لقيته لسة لابس الدبلة بتاعتي..
الأغرب انه قرب مني وخرج دبلة من ايده ولبسهاني وابتسم..
“سبحان من خلق مثل تلك القلوب في هذه الحياة, تمسكوا بأصحاب القلوب البيضاء مهما حدث”..
تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك