قصص

لـــــبيبة المــــقــــابر…….لـــــبيبة المــــقــــابر

بقلم: أحمد محمود شرقاوي

في منطقة من مناطق مصر القديمة كانت فيه ست بتسكن هناك من سنين طويلة اسمها (لبيبة) بس اللي ممكن تستغرب له شوية إن لبيبة كانت بتسكن جوة المقابر، وكانت عاملة حالة كبيرة من القلق والخوف وسط الناس وتحديدًا اللي بيدخلوا يزوروا الأموات ويقرأوا على روحهم الفاتحة، وكانت فيه قصص وحكاوي كتير أوي بتحكي عن لبيبة، لدرجة إن عدد من الناس كان بيقول إنها من الجِن وإنها استحالة تكون إنسية..
لبيبة عفريتة عايشة في المقابر، وكان فيه عدد تاني من الناس بيقول إنها إنسية بس مجنونة، ومحدش قدر يثبت وجهة نظره دي أبدًا، التُربي نفسه كان بيخاف منها وكان بيتحاشى القبر اللي بتروح تقعد عنده، وكان بيراقبها من بعيد ولو لقاها ماشية من حارة معينة بيسبها تعدي وبعدين هي كمان تعدي..
وجمب المقابر بالظبط كان بيتعمل سوق يومي وكان بينتهي الضهر، وكانت لبيبة بتخرج للسوق وتقف عند أي عربية خضار أو فاكهة وتاخد حاجة وتجري تدخل جوة المقابر..
ومن كتر الحكاوي اللي بتتقال عنها مكنش فيه بياع من البياعين يقدر يقولها نص كلمة ولا يجري وراها ولا يضربها، مكنش عندهم مشكلة تاخد حباية فاكهة أو حبايتين خضار وتدخل المقابر تاني، واللي زود الرهبة ناحيتها أكتر هو شكلها، لبيبة كان شعرها طويل ومنكوش، جلدها لونه أسود وعنيها جاحظة لبرة بطريقة مخيفة، ولابسة خيش على جسمها ومعلقة في رقبتها أحجبة وتمائم وكاتبة طلاسم كتير أوي على جسمها..
وفضل الحال مستمر لحد ما نزل بياع جديد للسوق، كان ناقل للمنطقة جديد بس مشكلة في السوق القديم وقرر يغير شغله خالص، وفعلًا قدر ياخد مكان في السوق ويقف بعربية الخضار بتاعته، كان بيبيع طماطم وخيار، ووسط اندماجه مع الزباين إذ يفاجئ بلبيبة قدام عربيته بتاخد حبايتين طماطم وبتجري..
الغريب إن البياع مسك طوبة وضربها بيها وشتمها وطلع يجري وراها كمان لحد جوة المقابر بس ملحقهاش، وقتها حصلت حالة من الذهول وسط البياعين اللي كانوا خايفين وقلقانين من اللي عمله ده، لدرجة إن السوق اتلم بدري يومها، وكتير منهم اتكلموا معاه بغضب لأنه ضرب لبيبة وشتمها وده مينفعش وإنه هيتأذي أذى كبير أوي، دي خدامة الأموات..
البياع استغرب وقال إن الأموات مش محتاجين لخدام وإنه مش محتاج يسمع الكلام المتخلف ده، وإنها لو جت هيضربها مرة تانية، ومع كثرة الجدال قالهم إن أنا مش هضربها بس ده أنا هدخلها بنفسي لجوة المقابر وعند القبر اللي بتقعد قدامه كمان، والكلام عجب الناس وعملوا رهان بفلوس، وفعلًا وعدوه بمبلغ مالي لو دخل، وعشان يثبت كلامه قالوله ياخد حجر أحمر ويحطه قدام القبر، عشان التُربي تاني يوم يأكد إنه دخل لحد القبر فعلًا..
وبالفعل الكل اتجمع وخد البياع الحجر الأحمر ودخل لحد المقابر جوة الساعة 7 الصبح، ورغم إن التوقيت كان صيف إلا إن المقابر كانت مليانة ضباب، بس ده موقفش البياع اللي فعلًا خد الوصفة ومشي ست حارات لحد ما وقف قدام القبر، وهناك ملقاش لبيبة ولا أي حد، وراح حط الحجر وابتسم لأنه هيكسب الرهان اللي كان مبلغ كويس أوي..
واتحرك عشان يخرج من المكان، لكن الغريب أول ما اتحرك حس بحاجة واقفة وراه، وقبل ما يلف ويشوف فيه ايه لقى حاجة بتضربه في رجله لدرجة إنه وقع على الأرض وعلى نفس الحجر اللي حطه من شوية واتخبط خبطة جامدة وقوية في راسه لدرجة إن الدم نزل من مكان الخبطة..
وفضل البياع فاقد الوعي لحد تاني يوم الصبح، ولما التربي كان بيتفقد المكان كعادته لقى البياع مرمي وراسه مجروحة، فقام شاله بسرعة وخرج للبياعين برة في السوق اللي خدوا البياع على المستشفي، شوية والبياع فاق وقالهم إن حد شنكله وضربه وإن لبيبة عفريتة فعلًا مش إنسية، وده زود الرعب من ناحيتها أكتر وأكتر ومحدش كان بيقولها نص كلمة..
لدرجة إن التربي قرر في النهاية يراقبها عشان يتأكد من كلام البياع، وفعلًا وفي ليلة وقدام القبر لمحها، فضل يراقبها من بعيد من غير ما يعرف الناس عشان ميحصلوش حاجة، وشافها بتحفر جمب القبر وبتطلع كيس أسود وفلوس، ومشيت في حارات المقابر، التُربي مشي وراها لحد ما لقاها راحت بيت قديم خالص جمب المقابر وخبطت، شوية وفتحتلها واحدة مش قادرة تمشي وخدت منها الشنطة والفلوس ودخلت ولبيبة مشيت..
وده زود فضول التُربي اللي كان عايز يعرف مين الست التانية دي وليه لبيبة بتديها الحاجات دي، وفعلًا خبط على الباب والست أول ما شافته ظهر عليها الخوف بس التُربي طمنها وسألها عن لبيبة وقالها إن الناس بيقولوا عليها عفريتة، وأنا عايز أعرف قصتها بأي طريقة..
الست قالتله إن لبيبة كانت متجوزة بياع كبير في السوق من سنين طويلة، وفي يوم حصلتله حادثة وخبطته عربية نقل ضخمة ومات، ولبيبة اتفاجئت إن ثروته كلها اتنهبت وأخواته خدوا بيته، فقررت تعيش جمب قبره لأن مكنش فيه مكان تاني خالص تعيش عنده، وفي النهاية عملت عشة صغيرة جمبي وقعدت وكانت بتحكيلي حكايتها كل شوية..
ولما عرفت إني مريضة وبربي أيتام بقت تخرج تاخد مساعدات وفلوس من الناس وتديهاني، وبلاقيها كل يوم جايبة كيس فيه أكل عشان أطبخه ومعرفش بتجيبه منين، وبالليل بعملها طبق معانا تيجي تاكله وتمشي، لبيبة مش عفريتة لبيبة أطيب ست في الدنيا ولولاها مكنتش هلاقي أكل أنا وأولادي..
وخرج التُربي حكى حكايتها وقال إنها مضربتش البياع أصلًا وهو بيتوهم اللي قاله، دي واحدة اتعرضت لصدمة كبيرة في حياتها، كلامه خلى البياعين يتعاطفوا معاها ومن تاني يوم بقت تخرج تلاقي أكياس صغيرة فيها خضار وفاكهة عند كل بياع عشان خاطرها، وكان اللي بيبيع بمبلغ كويس كان بيديها فلوس بصورة يومية، وفضلت على الحال ده لحد ما ماتت وأهل السوق اللي كفنوها ودفنوها جمب قبر جوزها واتكفلوا بالست واولادها الأيتام لحد ما كبروا..
فضلت حكاية لبيبة مشهورة حتى يومنا هذا في مصر القديمة وبالأخص جمب منطقة المقابر هناك..
بقلم: أحمد محمود شرقاوي

للمزيد من الأخبار يُمكنكم متابعتنا عبر صفحاتنا الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى