
أنا جوزي اتوفى ليلة الفرح قبل ما يقرب مني حتى، كانت صدمة العُمر اللي دمرت كل حاجة جوايا، ولما كشفوا عن سبب الوفاة كانت النتيجة بسبب المُنشطات المُبالغ فيها، وده اللي قهرني أكتر وخلاني عايشة زي الأموات مش مصدقة ولا مقتنعة بكل اللي حصل ده، هتجنن من فكرة واحدة، أيه اللي يخلي شاب صحيح ياخد منشطات يوم فرحه، منهم لله أصحاب السوء اللي كانوا السبب..
عشان كدا كان جوايا طاقة غضب كبيرة تجاه كل أصحابه، كنت عايزة أتخلص منهم ولو بإيدي، واتهمتهم علنًا قدام الشرطة بأنهم السبب عشان أدوله المنشطات دي وأقنعوه يتعاطاها رغم إنه مش محتاجها، لكن في النهاية الطب الشرعي كان قال كلمته خلاص، جوزي اتوفى ومفيش أي مشتبه به، مات عشان ياخد قلبي معاه ويحول أجمل ليلة في العُمر لكابوس هيلازمني عمري كله..
وعشان مينفعش أخرج من شقة الزوجية قبل الأربعين قررت أفضل فيها، عشان أشوف كل أركان الشقة لوحدي وافتكر كل عهد وكل كلمة منه كنا متفقين نعملها بعد الجواز، وبعد تلت ليالي من الحزن والوجع الشديد لدرجة إني روحت الرعاية مرتين، وفي الليلة الرابعة وأنا بحاول أنام لأني مكنتش بنام تقريبًا سمعت صوت حركة مفاتيح على باب الشقة، قمت من مكاني وأنا حاسة بتوتر غير طبيعي..
اتحركت بهدوء ناحية الصالة ووقفت ورا باب الشقة، ولمحت ضل شخص واقف قدام باب الشقة، وفي لحظة لقيت ورقة مطوية بتدخل من تحت الباب وبيتحرك صاحب الظل ويمشي، فضلت مستغربة من الفِعل إن كنت خايفة أفتح الباب، قربت من الورقة وفتحتها، وقرأت اللي فيها
(اجهزي يا حبيبتي عشان هنتجوز قريب، معلش هنأجل الدُخلة عشان أنا مُت، لكن هرجعلك تاني قريب أوي)..
الكلام خلى جسمي كله يقشعر، مين السخيف اللي ممكن يعمل مقلب زي ده وفي ظروف زي دي، بس اللي لفت نظري كانت حاجة مُخيفة أوي، كان خط جوزي بالظبط، فتحت الورق اللي كان بيكتبهولي وكان نفس الخط تقريبًا، يعني اللي بيعمل المقلب السخيف ده شخص قريب منه أوي، وتاني يوم حكيت الموضوع لصاحبتي المُقربة (حنان) ولقتها طمنتني وقالتلي أكيد ده مقلب سخيف ولازم أتعامل معاه بتجاهل عشان الأمور تمشي..
وفعلًا قررت أتجاهل الموضوع عشان يتكرر معايا تاني ليلة وبنفس التفاصيل تقريبًا، نفس صوت المفاتيح، أشوف الظِل واقف وبعدها الورقة تترمي من تحت الباب، بس المرة دي كان مكتوب فيها الآتي
(حبيبتي، هانت ونبقا مع بعض ومفيش حاجة هتقدر تفرقنا عن بعض)..
فكرت أتشجع وأفتح الباب وأشوف مين اللي بيبعت الورق ده بس الخوف منعني، واحتفظت بالورقة للمرة التانية بس المرة دي بدأ الخوف يغزو قلبي ومبقتش عارفة أنا ممكن اتصرف ازاي، لحد ما اتكرر الموضوع في الليلة التالتة، بس أول ما اترمت الورقة مقدرتش أتمالك أعصابي وقررت أفتح الباب وأشوف مين اللي بيعمل الحركة السخيفة دي..
وكانت هي ثانية واحدة لمحت فيها حد بينزل من على السلم، حد لابس كفن عليه تراب كتير ومش ظاهر منه أي حاجة، اللي شوفته خلاني أتسمر مكاني وأفتح عنيا على آخرها، وفين وفين لما قدرت أدخل مرة تانية للشقة، فتحت الورقة برعب لقيت مكتوب فيها الآتي
(هستناكي قدام التربة اللي اتدفنت فيها بعد نص الليل، أوعى تتأخري عن تلت أيام)..
وقتها بس مكنش ينفع أفضل في الشقة دي مهما كان وقررت أسيبها وأرجع بيت أخويا، قعدت هناك يومين ومن تالت يوم بدأت مراته ترمي كلام وتفتعل مشاكل عشان أمشي، وده ببساطة لأني خدت ورثي في بيت أبويا بعد ما اتباع وجهزت نفسي بيه وماليش مكان ممكن أعيش فيه غير شقة جوزي، عشان كدا رجعت في الليلة التالتة، رجعت عشان اتفاجئ إن الشقة كلها مقلوبة، مفيش أي حاجة في مكانها، ولقيت كلام مكتوب بالدم على مراية الحمام
(لازم تيجي انهاردة، لازم)..
وقتها أقسمت ما أكمل لحظة هنا وكلمت (حنان) وروحت عشان أبات معاها لأني مكنتش هقدر أكمل لوحدي في المكان ده، وفعلًا استقبلتني ونمت معاها في الليلة دي، بس واحنا نايمين وعلى الساعة واحدة بالليل تقريبًا شوفت الشخص اللي لابس الكفن، شوفته واقف في الأوضة وباصص ناحيتي، الغريب أكتر إن حنان كانت منكمشة في آخر الأوضة وعمالة تتنفض، وكان واضح إنها كمان شايفاه، وأول ما قربت من الأباجورة ونورت النور زي ما يكون اتبخر من قدامنا..
بصيت لحنان وبصتلي، ولقتها أقسمت ما هكمل نوم معاها وطردتني في نص الليل، قالتلي إنها مش هتتحمل تشوف حاجة زي دي أبدًا، ورجعت الشقة المقلوبة عشان تستمر الأحداث المُرعبة دي واللي كلها كانت بتأمرني أروح لجوزي عند القبر بتاعه عشان نتجوز، كل ليلة كنت بتأخرها كانت بتحصل فيها أحداث تشيب، لدرجة إني خلال أسبوع واحد كنت عاملة زي التايهة ومبعرفش أجمع جُملة على بعضها، وفي النهاية قررت إني أروح، أروح لحد القبر وأسمع الكلام عشان نتجوز أنا وهو..
وفعلًا روحت للقبر في الليلة دي، روحت وأنا حاسة من جوايا إني مش هرجع مرة تانية، وقدام باب القبر لقيت فستان الفرح بتاعي، الفستان اللي كنت شايلاه في الدولاب بتاعي من يوم وفاة جوزي، ومن جوايا فهمت إن عشان الفرح يتم لازم ألبس فستان الفرح، وفعلًا لبست الفستان وسط القبور ووقفت قدام القبر أبص يمين وشمال برعب، وبعد دقايق بس بدأت أسمع حركة جوة القبر المدفون فيه جوزي، حركة غريبة وغير مفهومة، وقدام عيني شوفته طالع من القبر بتاعه، أو شوفت واحد متغطي بالكامل بالكفن بتاعه وبيمد إيده عشان أدخل معاه القبر بتاعه..
ولما فضلت أبص للجنون اللي بيحصل ده بدون ما أنطق لقيته مسك إيدي، وأول ما مسكها لمحتها، إيد متآكلة والدود مغرقها تقريبًا، وأول ما لمسني الدود جري على إيدي ودراعي عشان أصرخ بأعلى صوت في الدنيا، فضلت أصرخ وأصرخ لحد ما اتفاجئت بناس كتير حوليا، كانوا أخوات جوزي، بصتلهم بذهول ولقيت نفسي، لقيت نفسي لابسة كفن مش فستان وقدام مني جثة جوزي من غير كفن، وقتها مسكوني ربطوني بالحبال وكانوا هيموتوني، وأنا فضلت أصرخ لحد ما فقدت الوعي تمامًا..
ولما صحيت كنت مربوطة في بيتهم وفيه ظابط واقف قدامي، وكانوا بيتهموني بقتل جوزي، واضح إنهم عرفوا كل حاجة، عرفوا إني كنت بحب واحد أوي بس مكنش عارف يتجوزني، ولما اتقدملي جوزي ده قررت أتجوزه لما قالي إنه هيكتبلي الشقة باسمي، ولقتها فرصة لو اتخلصت منه بعد كدا هقدر اتجوز اللي أنا عاوزاه، ومن كتر حبي للشاب ده محبتش إن جوزي يلمسني حتى، وجبت خلطة من عند العطار وحطيت فيها جرعة رهيب من المنشطات وخليته يشربهم في تلت كوبايات عصير، وفعلًا تعب وقلبه متحملش ومات..
والوحيدة اللي كانت عارفة ده هي (حنان) بس بعد اللي شافته خافت وراحت بلغت عني، ولما حضروا أهله عشان يمسكوني لقوني عند قبر ابنهم بلبس الكفن بتاعه وعمال أحضن في الجثة وأقوله سامحني، بعض الناس قالوا دي اتجننت، وبعض الناس قالوا دي اتلبست، بس اللي أنا متأكدة منه إن حياتي انتهت وإني هخرج من المصحة بعقل تالف وهموت من كمية الرعب اللي عايشة فيه، أنا اللي قررت أمشي في سكة الشيطان وألعب بالنار، قررت أخد اللي بحبه وأخد الفلوس من اللي مبحبوش، فمطولتش اللي بحبه ولا طولت الفلوس، وكذلك حال كل طماع في كل الأزمنة..
تابعونا على صفحتنا الفيس بك