قصص

اختـــطاف تحــت الارض……..اختـــطاف تحــت الارض

بقلم: أحمد محمود شرقاوي

ابني الوحيد اختفى من تلت أسابيع في قلب الجبل ولحد انهاردة مش عارف مكانه, ولا قادر أوصل حتى للجُثة لو كان ميت عشان أدفنها واستريح, تخيل تعيش عمرك كله تعمل ملايين من تجارة الآثار والسلاح عشان تأمن مستقبله, وفجأة يختفي هو وتكمل انت, تكمل الحياة وانت بقيت جسد بدون روح..
يومها كان فيه شيخ روحاني قال ان فيه مقبرة في قلب الجبل من أيام المماليك وفيها كنوز غالية أوي, وعرض ابني يطلع مع الرجالة بما إنه يعتبر دراعي اليمين وكمان بقا راجل دلوقتي وعنده يجي 30 سنة, ورغم إني عمره ما طلعته الجبل وحده بس المرة دي كان صارم جدا, ودايما كان بيقول انت بتصغرني قدام الرجالة وانا بقيت راجل دلوقتي ومينفعش تعاملني كدا, ورغم إن فيه خوف غريب كان بيراودني من طلوعه الجبل من غيري إلا إني وافقت, وبالأخص لأن عمه علام كان معاه دراعي اليمين..
وفضلوا في الجبل تقريبا 7 أيام بيحفروا عشان يطلعوا الكنز, وفي اليوم الثامن لقيت الرجالة نازلين من الجبل بيجروا ووشهم مخطوف وفيه رعب باين في عنيهم, فتشت عن ابني بس كان مُختفي تماما, ولما سألت جالي الخبر الملعون, وهما بيحفروا في الجبل وبالأخص جوة الكهف اتفاجأوا بكائنات بتعوي زي الديابة ومعاها سلاح, هجموا عليهم والكل هرب وخطفوا الشيخ وابني سالم, معرفش ليه ثورت وقتها ونعتهم بالكدابين, خدت رجالة كتير من معارفنا وسلاح وطلعنا للجبل, وهناك ومكان الحفر لقيت هدوم ابني وهدوم الشيخ وبس, وآثار حوافر كتير أوي, والرجالة بتوع الحفر فضلوا يقولوا إن دول سكان المكان من الجِن وهجموا علينا وكمان خطفوا الشيخ وابني, طيب اشمعنة ابني, ببساطة لأنه شاف قطة سودة وضربها بالعصاية وقتلها, ومن وقتها والجبل اتهز وهجموا علينا, وأكيد القطة دي كانت من الجِن بتوع المكان..
واستنيت ان ابني يرجع, يوم واتنين وتلاتة واسبوع, بس ابني كان ولا حس ولا خبر, ووقعت في نوبة اكتئاب رهيبة, انا ثروتي وصلت لخمسين مليون جنيه, كل ده عملته لابني, عشان أعمله بيت كبير وأجوزه وأعمله حساب كبير في البنك, دلوقتي ابني مات, وانا كبير على إني أتجوز واخلف وأكبر تاني, أتقطع نسلي بعد كل السنين دي كلها, اتقطع ومش راجع تاني..
وقطعت الشغل كله, وقعدت في حالة نفسية لدرجة إني فكرت في الانتحار أكتر من مرة, وقتها افتكرت الست اللي فضلت تبكي في الشارع من شهور وتدعي على اللي أذى بنتها بقطع النسل, والحقيقة أنا اللي كنت خاطف بنتها ودبحناها عشان نفتح مقبرة من المقابر, ودلوقتي أنا بدوق من نفس الكاس للأسف, وفضل ناس كتير معارف يحاولوا يشدوني عشان نشتغل تاني وبالأخص أخويا علام اللي كان دراعي اليمين في الشغلانة كلها, ولما لاقاني مش ناوي اشتغل تاني جه في يوم يبشرني بخبر غريب أوي, قالي إن فيه شيخ سوداني سمعته سابقاه في عالم الإنس والجن, وقدر يدفعله مليون جنيه عشان يجي البلد عندهم ويفتح مقبرة جديدة, والشيخ ده الوحيد اللي ممكن يساعدنا نرجع ابني سالم..
كلامه جدد الامل جوايا تاني, وحسيت إن فعلا ممكن ده يحصل, وبدون تفكير دفعت اتنين مليون لاخويا عشان يديهم للشيخ ويستعجله, وبالفعل الشيخ وصل بعد تلت أيام للبلد واستقبلناه, وقال انه هيساعدنا نفتح أكتر من مقبرة, بس أنا مقدرتش أستنا وحكيتله على كل اللي حصل مع ابني, وانه كان بيحفر في الجبل والجن خطفه, فضل يفكر كتير أوي وفي النهاية بكل هدوء قال انه لو قدر يساعد هيساعد بس محتاج تلت أيام يقعدهم في الخِلوة لوحده, أوضة فاضية تتوفرله ويفضل يعزم فيها عزايم وطلاسم لحد ما يقدر يعرف الولد مخطوف من أي قبيلة من الجِن..
وفعلا فضل تلت أيام في أوضة عندنا لحد ما خرج وقال انه يقدر يرجع الولد فعلا, بس الموضوع هيحتاج تكاليف كبيرة أوي أوي, ولما سألته قالي هنحتاج 50 مليون جنيه, شهقت شهقة رعب لما سمعت الرقم, دي كل ثروتي حرفيًا, حاولت أفاصل معاه في الرقم قالي ان الموضوع كان مستحيل, ده قتل حد من الجِن ودي الدية بتاعت القتيل بعد توسل دام لتلت ليالي ولو مقررتش الليلة ابني هيتحاكم..
وجاب قماشة سودة وغرقها في زيت اسود وجففها شوية وحطها على عنيا, والغريب إني شوفت ابني في محكمة, جوة قفص وفيه كائنات شكلها بشع بتحاكمه, وقالي ان المحكمة دي هتخلص بعد يوم وهيتحكم عليه بالموت, وقتها أخويا قالي ندفع الفلوس ونطلعه, وبعدها الشيخ هيخلينا نفتح مقبرتين ونعمل ملايين من تاني, الفلوس تتعوض انما الواد مش هيتعوض, كلامه كان مُقنع جدا, وجمعت ثروتي كلها, وبيعت البيت والأراضي, ومتبقاش غير بيت زاهية مراتي الله يرحمها روحت نقلت له..
وقعد الشيخ عشان يقدر يرجع ابني وطلب وليمة, عجل كامل مشوي وشوالين رز وخضار كتير أوي, وليمة كانت تكفي تلاتين شخص وأكتر, واتعمل الأكل واترص في صالة البيت, وطلب مننا كلنا نخرج من البيت, وفضل طول الليل لوحده في البيت, وتاني يوم طلبنا وروحنا, وفوجئت ان الأكل كله خلصان, وكأن كان فيه ناس حضروا وأكلوا الأكل بالفعل, وطلب مني أدخل أوضة النوم, وأول ما دخلت لقيت ابني نايم جوة, صرخت من الفرحة وجريت عليه, بدأ يفوق وكان مش مصدق انه رجع, شوية وخرج الشيخ وقال انه هيرجع بعد يومين عشان نحدد مكان الحفر ونحفر مقبرتين فيهم كنوز كتير, كدا ابني رجع, ويمكن المقبرتين دول يعوضوني شوية والدنيا ترجع زي الأول من تاني..
قعدت مع ابني وانا مش مصدق, وطلبت منه يحكيلي, قالي ان وهما يحفروا اترمت عليه قطة سودة من فوق الجبل, ومن خوفه خبطها بالعصاية اللي معاه, فضلت تموء بغضب وجريت, شوية وسمع صوت مُرعب بيهز الجبل وأكتر من عشرين كائن غريب لابسين فرو ووشوشهم عاملة زي القرود وفي ايديهم سيوف بيهجموا عليهم, مسكوه هو والشيخ وباقي الرجالة هربوا..
خدوه لكهف جوة الجبل وحبسوه في زنزانة صغيرة وقف عليها كائن منهم, وكانوا كل يوم بيجيبوا له لحم مشوي ولبن عشان ياكل ويشرب, وكل ليلة كان بيجي كائن تاني يبص عليه شوية ويمشي, سألته عن المحكمة واللي شوفته من تحت القماشة استغرب أوي ومكانش فاهم انا بقول ايه, قولت مش مهم, المهم انه رجع بالسلامة وخلاص..
واستنيت الشيخ انه يرجع بس مرجعش, مرجعش اطلاقا, وبعد تلت أيام لقيت رسالة من مجهول, رسالة بتقول:
“أنا واحد من رجالة الحفر, أخوك علام ضحك علينا ومخدناش منه اللي اتفقنا عليه, عشان كدا هقولك اللي حصل عشان تنتقم منه, أخوك علام اللي عمل التمثلية دي كلها, جاب رجالة لبسهم فرو ووشوش عفاريت, وعرفنا أول ما يهجموا نهرب كلنا, ومسكوا ابنك والشيخ, الشيخ هربوه وابنك بقا في ايديهم, وهو اللي مثل عليك فكرة الشيخ السوداني اللي هو مجرد دجال, وهمك ان ابنك مخطوف من الجن وخلاك تشوف هلاوس مش أكتر بالدجل والسحر من تحت القماشة, وعمل تمثلية الأكل اللي خلص وهو اترمى من الشباك ورجعوا ابنك بالليل متخدر عشان ميحسش بحاجة ولا انت تحس, وطلب ثروتك كلها 50 مليون, تفتكر عرف منين ان دي كل ثروتك, ووعدوك هيفتحوا مقابر تاني بس كان وهم عشان تدفع, علام خد 30 مليون والشيخ عشرة, والتاني خمسة, واحنا الرجالة بعد ما وعد كل واحد بمليون ادانا 300 الف بس, متسيبش حقك وخده من أخوك, اللهم بلغت”
الكلام حرفيا خلاني أفقد تركيزي كله, حسيت بنار, نار بتاكل فيا, وقررت أنتقم منه في ابنه, أجرت رجالة بفلوس سلف وخلصت على ابنه, وهو مكنش سهل, عرف ان انا اللي عملت كدا فانتقم مني في ابني سالم, وكلها أيام وقدرت أخلص عليه في لحظة جنون قدام أهل البلد كلهم, واتقبض عليا, ووقعت تحت مطرقة العدالة, أنا اللي استحليت دم طفلة عشان نفتح مقبرة, وسمحت للدجالين يبقوا جوة حياتي, وكسبت فلوس بطرق حرام, وكانت النتيجة ان الضربة جتلي من أخويا نفسه بسبب الطمع, خسرت ثروتي كلها, وابني, وحياتي, وهو ده اللي بيعمله المال الحرام في الناس لو كنت فاكر انه ممكن يغنيك, المال الحرام بيخليك عايش مرعوب ومستني الضربة تجيلك من أقرب الناس ليك, لأنه بينزع بركة الحب والأمان والمودة من البيوت, فمتزعلش لما ابنك أو أخوك يطعنك وانت اللي كنت كل يوم بتدخله فلوس حرام سواء من رشوة ولا ظُلم ولا سكة محرمة..
………………
قال سفيان الثوري: “من أنفق الحرام في الطاعة كمن طهر الثوب بالبول، والثوب لا يطهره إلا الماء، والذنب لا يكفره إلا الحلال، كيف يقبل من آكل الحرام عمل أو يرفع له دعاء والله -تعالى- يقول: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة:27].
بقلم: أحمد محمود شرقاوي

تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى